ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بعثي
في سجون الأســد -2 الدكتور
خالد الأحمد* قلت : ضربني قائد
الدورية ، الضابط المدرب على
القتال القريب ، وعلى قتال
الشوارع والمدن ، ضربني بقبضة
المسدس على هامتي بقوة ، فسقطت
مغشياً علي ، وعندها حملني
إثنان من العسكر ، أحدهما من يدي
، والآخر من رجلي ، كما تحمل
الدابـة بعد ذبحـها ، إلى (
اللاند روفر ) وكوموني في أرضها
، ثم قفلوا الباب ، وانطلقت تأكل
الشوارع بنهم ، حتى مبنى
المخابرات العسكرية ... ربطوا عيني ، ولم
يرفعوا عنهما الرباط حتى أخلوا
سيبلي ، لذلك بعد أن رفعوا
الرباط ، بكيت بألم لأنني فقدت
الرؤية لمدة دقائق ، ثم عادت
بالتدريج ولله الفضل والمنة ،
كما قيدوا يدي حتى أدخلوني في (
براكة ) أقصد بيت مؤقت بنوه من
صفائح معدنية ، تصير ثلجاً في
الشتاء ، وناراً في الصيف ... وجدت عدداً من
المدرسين والمحامين والأطباء
سبقوني ، ويبدو أنني لم أكن
البعثي الوحيد ، ولم نتمكن من
التعرف على بعضنا في الأيام
الأولى ، التي تركونا فيها نشوى
بحـر ( البراكة ) التي حشرونا
فيها ... كان فيها ( مرحاض )
واحد فقط ، بني على عجل ، يقودنا
العسكري مرة واحدة في اليوم ،
لنقضي حاجتنا ، والباب مفتوح ،
والعسكري على بعد مترين أو
ثلاثة مننا ، يشبعنا شتماً
وكلمات فاحشة وبذيئة ، وكان
يشتد معي أكثر من الآخرين ... أما كبار السن ومرضى
السكر فكانوا يعطونه علبة فارغة
قذرة ، يتبول فيها كلما احتاج ،
ثم يفرغها في المرحاض عندما
يأتي دوره ، وكانت رائحة البول
تملأ المكان ، لكن لطف الله يجعل
المرء يعتاد على واقعه ويتعايش
معه ، ولايموت بسرعة ... كما أننا لانحتاج
المرحاض كثيراً لأن طعامنا كان
قطعة جبن واحدة ( مثلثات) مع نصف
رغيف خبز ، مرتين أو ثلاث في
اليوم ، تتكرر هذه الوجبة .... ومضت عدة أيام وأنا
أحترق جسداً وألماً ، لماذا
اعتقلوني !!؟ ماهي التهمة
الموجهة لي !!؟ هل استلم
الإسلاميون الحكم !!؟ وصاروا
يعتقلون البعثيين !!؟ ولكن هذه
الفرضية سقطت حالاً لأن معظم
المعتقلين معي يصلون وأسمعهم
يقرأون القرآن ، أي أنهم من
الإسلاميين ....إذن اعتقلوني وهم
يعرفون أنني بعثي !!!
ومازال البعثيون في الحكم !!
فلماذا اعتقلوني !!!
عندئذ قاطعته
وقلت : يا أخ هل تسمي ذلك الحكم
الذي اعتقلك ، وأهانك كما ترى
وأنت بعثي ، تسميه حكماً بعثياً
!!؟
قال : والله ، أنا
لا أرى أنه يمت للبعث بصلة ،
لأنه لم يترك ذرة من الحرية أو
الوحدة أو الاشتراكية ، محق
شعارات الحزب كلها ...
قلت : اسمح لي أن
أقول لك أن حافظ الأسد استخدم
حزب البعث سلماً صعد عليه ،
واستخدمه حتى وصل مبتغاه ، ثم
رماه ، وركله برجله ، وشرد
مؤسسيه ، وقتل كثيراً منهم ...
يقول اللواء عبدو
الديري وهو بعثي قديم : ( أمَّا
عن الحريَّة في عهد الأسد وبعد 23
شباط/ فبراير 1966، فقد اعتُقِلَت
في زنزانات السجون والمعتقلات،
وعُلِّقت على منصَّات الإعدام
بموجب قوانين الطوارئ والأحكام
العرفيَّة وتعطيل القضاء. أمَّا
الاشتراكيَّة، فكانت الأسوأ
حظًّا في شعارات الحزب، فقد
مسخوها بفساد الاقتصاد وفساد
المجتمع بعد أن استشرت ظاهرة
الرشاوي وجني العمولات
والمصادرات والأتاوات في كوادر
السلطة وجن! رالات النظام،
وتفاقمت ظاهرة الفقر والبطالة،
وبروز "لوردات" المال من
أبناء الكادحين ممَّن ادَّعوا
"الثوريَّة والعفَّة"،
وكانوا قبل ذلك من ذوي الدخل
المحدود ).
قال : هذا صحيح ...
قلت : أرجو أن
تستمر ....
قال : كنا ننام على بطانية
واحدة ، كثير منا تركها ونام على
الأرض ، لأن رائحة البطانية
لاتطاق ... وقد عرفت أن بعض
المعتقلين يناهز الستين من
العمر ، أمضى أربعين منها في
التدريس ، فتراكمت عليه الأمراض
... أعانهم الله ... ـــــــــــــ *باحث
في التربية السياسية
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |