ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 02/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كلمات في القرآن (12)

الضلال

الدكتور عثمان قدري مكانسي

قال الجوهري في صحاحه : الضلال : ضد الرشاد .

 وقال ابن منظور في لسان العرب : الضلال والضلالة ضد الهدى والرشاد . ويقول بنو تميم بكسر عين الفعل الماضي : ضلِـلت . ويقول أهل نجد بفتحها : ضلـَلت . والمضارع لكليهما أضِلّ  أبعدنا الله عن الضلالة وجعلنا من أهل الهدى والرشاد .

وردت الكلمة بمشتقاتها في القرآن الكريم أكثر من ثلاث مئة وخمس وسبعين مرة ، تحمل المعنى الأساس الذي ذكرناه قبل قليل .

 مثال ذلك وهو الأكثر - لأنه الأصل – قوله تعالى في سورة البقرة " ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل "  فماذا بعد الإيمان إلا الكفر والضلال ؟! . وقوله تعالى في سورة القلم " إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بمن اهتدى " وفي قوله تعالى في سورة النمل " ومن ضل فقل إنني من المنذرين " فرسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس جميعاً لعبادة رب واحد ، ويبين للناس الطريق القويم ، ويبشرمن آمن بالخير في الدارين وينذر من تنكب الطريق بعذاب الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

ونضيف إلى هذا المعنى معاني تدور في هذا الفلك ، وتحمل بالإضافة إليها إشراقات يقتضيها سياق كل آية أو قصة ، فهيا إلى تلك المعاني التي تفتح الآفاق وتفتّق الأذهان ، في رياض لغتنا العربية الغناء .

1-        يقولون : أضللتُ الشيء إذا غيّبتُه ، وأضللت الميت إذا دفنتُه . مثاله في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة السجدة " وقالوا : أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد ؟ " فالكفار يستنكرون العودة يوم القيامة بعد أن تُدفن أجسادهم في الأرض وتُغَيّب فيها ، فتتحلل وتذوب . ونسوا أن الله الخالق يفعل ذلك متى شاء . وعودة الشيء أهون عليه سبحانه . والإنشاء والإعادة أمران سهلان يسيران عليه ، فهو يقول للشيء : كن فيكون .

ومثاله كذلك قوله تعالى في سورة الأنعام : " انظر كيف كذبوا على أنفسهم ، وضل عنهم ما كانوا يفترون " فالمشركون يقسمون – كاذبين – أنهم لم يشركوا بالله في الدنيا ، فقد بحثوا يوم المحشر عن آلهتهم ، فلم يجدوها ، لقد غابت عنهم ومُحيتْ آثارها . بل إن العلاقات الحميمة التي كانت تجمع بعضهم ببعض في عبادتهم لأوثانهم وأصنامهم انقلبت عداوة ، ولم يروا أثراً لما كانوا يعبدون . نجد مثاله في سورة الأنعم نفسها في قوله تعالى : " لقد تقطّع بينكم ، وضل عنكم ما كنتم تزعمون " .ونجد في قوله تعالى " .. لا يضل ربي ولا ينسى " من سورة طه أن الله لا يغيب عنه شيء في السموات ولا في الأرض ، يؤكدها قوله تعالى في سورة يونس " ولا يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء " ومتابعة واعية لهذا المعنى يضع بين يدينا الكثير من الآيات .

2-        من معاني الضلال : التيه والانحراف . مثال هذا المعنى قوله تعالى في سورة المائدة " .. وأضلّوا كثيراً ، وضلوا عن سواء السبيل " فقد انحرفوا وأمالوا عن الحق كثيراً من أتباعم ومن وثق بهم . وفي سورة السجدة ينفي الله تعالى الغواية والانحراف عن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم " والنجم إذا هوى ؛ ما ضل صاحبكم وما غوى " والدليل على ذلك أن كلامه صواب ، وجبريل بأمر الله  يسدد عمله " وما ينطق عن الهوى ، إنْ هو إلا وحي يوحى ، علمه شديد القوى " . كما أن الشيطان يُغوي الإنسان ويُميله ويحرفه عن جادة الصواب إن ركن إليه وتبعه. مثال ذلك قوله تعالى في سورة يس " ولقد أضلّ منكم جـِبـِلاّ كثيراص ن أفلم تكونوا تعقلون ؟" .

3-        وتعني كلمة الضلال بمعنى الوقوع في المتاهة والخطأ ، كقوله تعالى ينعى على الكفار تخبطهم في حديثهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ومحاولة تيئيسه من الدعوة ، والتضييق عليه ليتركها ، فوقعوا في أخطاء كبيرة : " انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا ، فلا يستطيعون سبيلاً " .

  وهؤلاء الذين خالفوا طريقة أبيهم الصالح في العطف على المساكين والإحسان إليهم - في سورة القلم -  فقرروا بعد موته ان يمنعوهم الخير الذي كان فمرر الله عليها بعض جنوده فجعلوا الحديقة يباباً ، فلما ذهبوا إليها مصبحين لم يعرفوها وظنوا أنهم – أولاً أخطأوا الطريق ، ثم عرفوا بعد التأكد أنهم أخطأوا التصرف ، فندموا وتابوا إلى الله وعاهدوه سبحانه إن عفا عنهم وغفر لهم أن يكونوا أتقياء كراماً لا يقطعون أحداً من رفدهم " فلما رأوها قالوا إنا لضالون ، بل نحن محرومون " .

كذلك نرى المجرمين يسخرون من ضعفاء المسلمين ويأبون أن يساعدوهم ، ويستهزئون من دعوة المصلحين لهم أن يساعدوا فقراءهم وضعفاءهم " وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قالوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ؟! إن أنتم إلا في ضلال مبين " فما دام المستضعفون بمنزلة الأغنياء عند الله فليُعِنهم هو سبحانه ، والضعيف – بزعمهم- ليس عند الله كالغني القادر . ولهذا قالوا لنوح عليه السلام ومن جاء بعده من الأنبياء إنهم لن يؤمنوا بدعوته مادام الفقراء البسطاء معه " قالوا : أنؤمن لك ، واتبعك الأرذلون؟! "

4-        من معاني الضلال النسيان : مثاله قول الله تعالى في آية الدّين من سورة البقرة حين يذكر شهادة المرأتين " .. ان تَضِلّ إحداهما ، فتـُذكر إحداهما الأخرى " ولا يكون التذكير إلا للناسي .

5-        ومن معاني الضلال الخسران وإبطال الثواب : ومن أمثلة ذلك المعنى قوله تعالى في سورة سيدنا محمد " والذين كفروا فتعساً لهم ، وأضل أعمالهم " فالكافر ليس له في الآخرة نصيب ، وكل عمل لا يقوم على أساس الإيمان ليس لصاحبه خلاق في الأمن والنجاح يوم القيامة ، وأضل أعمالهم ، أحبطها فخسروها . وعلى هذا نرى في قوله تعالى في السورة نفسها : " والذين قتلوا في سبيل الله فلن يُضل أعمالهم ، سيهديهم ويصلح بالهم .. " فقوله : لن يضل أعمالهم : لن يحبطها ، ولن يبطل ثوابها ، بل يصلح بالهم فيزيدهم من فضله وكرمه .

 ومثال ذلك قوله تعالى في سورة غافر " وما كيد الكافرين إلا في ضلال " وقوله سبحانه في السورة نفسها " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " فمكر الكافر وكيده في الدنيا عليه وليس له ، ودعاؤه في في الآخرة لا يُقبل ، إنه لا ينجو هناك إلا المؤمن الموحّد.

ونرى معنى الإبطال والتضييع في قوله تعالى في سورة الفيل " ألم يجعل كيدهم في تضليل " فهذا أبرهة دفع جيشه لهدم الكعبة وجاء مصمماً على ذلك ، فتصدت له ولجيشه جماعات الطير تحمل في قوادمها وأفواهها سلاح الاستئصال ، فدمّرت جيشه وأهلكته .

6-        ويأتي الضلال بمعنى العفلة والجهل بالشيء ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة يبحث عن الحقيقة ، فهداه الله إليها بعد غفلة عنها وجهل بها ، هذا ما نجده في قوله تعالى في سورة الضحى " ووجدك ضالاًّ فهدى " ، إلم يقل له في آية توضح المراد من ذلك " وإن كنت من قبله لمن الغافلين ؟ " فالضلال هنا الجهل بالشيء والغفلة عنه .ولما اتهم فرعون سيدنا موسى بالكفر حين قتل القبطي ، فقال له " وفعلت فَعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين " رد عليه موسى نافياً الكفر ومثبتاً الجهل والغفلة إذ ذاك " فعلتها إذاً وأنا من الضالين " لم يكن رسولاً بعد ، وكان غافلاً عن أمرالرسالة .

وحين ذكر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف وابيضت عيناه من الحزن ، فهو كظيم قال له أبناؤه مستنكرين ذلك " تالله إنك لفي ضلالك القديم " وقالوا في آية أخرى معرّضين بحب أبيهم يوسف وأخاه بنيامين " إن أبانا لفي ضلال مبين " وكيف يكون الضلال لنبي سوى التماهي في حب الولد الصغير وشعور الكبار أن أباهم لا يوليهم انتباهه كما ينبغي !! غنهم يعرفونه نبياً ولا يقصدون بالضلال ذلك المعنى المعاكس للهدى والرشاد .

7-        وقد يأتي الضلال بمعنى الهلاك  . مثال ذلك قوله تعالى " إن المجرمين في ضلال وسُعُر" قال القرطبي إن الضلال هنا الهلاك لمساوقته كلمة " سُعُر "

وفي قوله تعالى في سورة الإسراء ، وقد جاءت الآية  نفسها دون تغيير في سورة يونس " من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها " ومعنى يضل عليها يهلكها ، ويدخلها عذاب جهنم .

وفي قوله تعالى في سورة النساء " يبين الله لكم أن تضلوا " نجد معنى الهلاك واضحاً . فمن لم يتبع البينة ويعمل بها هلك . وكذلك بجده في قوله تعالى " ... ضل سعيهم في الحياة الدنيا " فخاب وهلك .

8-        بقي أن نقول : إن الأصنام لا تضل الناس لأنها لا تعي ولا تعقل ، فكيف تضلهم وتبعدهم عن الطريق القويم  في قوله تعالى " ربّ إنّهنّ أضللن كثيراً من الناس .. " إنهم ضلوا وافتُتِنوا بسببها فصارت كأنها هي التي أضلتهم .

سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضوالّ الإبل ، فنهاه عن أخذها ، وحذّره النار إن تعرّض لها ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : " مالك ولها ، معها حِداؤها وسقاؤها ، ترد الماء ، وتأكل الشجر " أراد صلى الله عليه وسلم أنها بعيدة المذهب في الأرض طويلة الظمأ ، ترد الماء والرعي دةن راع يحفظها ، فلا تتعرّض لها ، ودعها حتى يأتيها ربها .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ