ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ماذا
عن صوم
الصبيان؟ الدكتور
: خالد الأحمد * قال تعالى في كتابه الحكيم : ] يا أيها الذين
آمنوا قوا انفسكم وأهليكم ناراً
وقودها الناس والحجارة ..... [ الأية
التحريم 6 فالوالدان
مسؤولان أمام الله عزوجل عن
تربية أولادهما على الإسلام ،
وللتربية الإسلامية
أصول ينبغي على الوالدين
المسلمين الانتباه إليها، وعلى
الباحثين والكتاب ومؤسسات
النشر والدعوة إيصال هذه الأصول
إلى كل أب وأم مسلمين . ومن الملاحظ أن التربية الإسلامية تعطي
التدريب على العبادات أهمية
بالغة ، فالصلاة التي تفرض على
المسلم والمسلمة عند البلوغ ؛
أمرنا رسول الله r أن ندربهم
عليها منذ السابعة ، أي قبل
البلوغ بمدة طويلة قد تصل إلى (57)
سنوات . يقول
الشيخ محمد قطب في كتابه منهج
التربية الإسلامية: ((ومن وسائل
التربية : التربية بالعادة أي
تعويد الطفل على أشياء معينة
حنى تصبح عادة ذاتية له . ومن
أبرز الأمثلة شعائر العبادة وفي
مقدمتها الصلاة .... وتكوين
العادة في الصغر أسهل بكثير من
تكوينها في الكبر ، ذلك أن
الجهاز العصبي الغض أكثر قابلية
للتشكيل ..... وقد اختص حديث رسول
الله r الصلاة بهذا
الأمر ( مروا أولادكم بالصلاة
لسبع ... ) لأن الصلا ة عنوان
الإسلام ، ولكن جميع آداب
الإسلام وأوامره سائرة على هذا
النهج ، فكلها تحتاج إلى تعويد
مبكر . )). وقد عنون الإمام البخاري يرحمه الله
باباً في صحيحه اسمه باب صوم
الصبيان وأورد حديث عمر t حيث قال لنشوان
في رمضان ( ويبدو أنه كان مفطراً
) ويلك وصبياننا صيام فضربه ،
وعلق الحافظ ابن حجر في الفتح
فقال : (... واستحب جماعة من السلف
منهم ابن سيرين والزهري وقال به
الشافعي أنهم (الصبيان) يؤمرون
به (بالصوم) للتمرين عليه إذا
أطاقوه وحده بالسبع والعشر
كالصلاة . وحده إسحق باثنتي عشرة
سنة ، وأحمد في رواية بعشر سنين
، وقال الأوزاعي
إذا أطاق صوم ثلاثة أيام
تباعاً لا يضعف فيهن حمل على
الصوم ، وأغرب ابن الماجشون من
المالكية فقال إذا طاق الصبيان
الصيام ألزموه، فإن أفطروا لغير
عذر فعليهم القضاء [ فتح الباري
5/3 ] . وأخرج البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ
قالت أرسل رسول الله r غداة عاشوراء
إلى قرى الأنصار التي حول
المدينة (( من كان أصبح صائماً
فليتم صومه ، ومن كان أصبح
مفطراً فليصم بقية يومه )) فكنا
بعد ذلك نصومه ، ونصوم صبياننا
الصغار منهم إن شاء الله ، ونذهب
إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من
العهن ( الصوف ) فإذا بكى أحدهم
على الطعام أعطيناها ذلك حتى
يكون عند الإفطار([1])، وعلق الحافظ ابن حجر فقال
وفي الحديث حجة على مشروعية
تمرين الصبيان على الصيام ، لأن
من كان مثل السن الذي ذكر في هذا
الحديث فهو غير مكلف . وإنما صنع
ذلك للتمرين . وأخرج ابن أبي الدنيا يرحمه الله قال
حدثنا إسحق بن إسماعيل، حدثنا
جرير عن هشام بن عروة عن أبيه
أنه : كان يأمر بنيه بالصيام إذا
أطاقوه ، وبالصلاة إذا عقلوا [
العيال1/47 ] ، ومن المفيد ذكره أن
المصنف ( ابن أبي الدنيا ) يرحمه
الله قال باب تعليم الصبيان
الصلاة ، ثم روى تحت هذا الباب
أحاديث للصلاة وأحاديث للصوم ،
وكأنه ربط تعليم الصوم بتعليم
الصلاة ، وهذا هو الصحيح
والله أعلم . وفي المذهب الشافعي (
ويؤمر به الصبي لسبع ويضرب لعشر)([2]). وفي المذهب الحنبلي (ويلزم
الصوم لكل مسلم مكلف قادر، وعلى
ولي صغير مطيق أمره به ، وضربه
عليه ليعتاده ) [ الروض المربع
1/415 ] . ومرة أخرى كما لاحظنا عند الأمر بالصلاة ،
نجد أن الصبي يؤمر بالصوم قبل أن
يفرض عليه ، من أجل التمرين
والتدريب وتكوين العادة ، كما
نلاحظ مدة التدريب الطويلة كما
في الصلاة من أجل التعود على
الفريضة قبل أن تفرض . ومن
الملاحظ تعجب غير المسلمين من
إمساك المسلم نهاراً كاملاً عن
الطعام والشراب ، ويظنون ذلك
صعباً جداً لأنهم لم يعتادوه
منذ الصغر . ولا بأس في تدريب الصغار على الصوم
إن كان اليوم طويلاً وحاراً
بأن يتسحر الطفل مع أسرته ثم
يمسك حتى الظهر ، فتعطى له وجبة
، ثم يمسك بعدها حتى الإفطار ،
ويسمونه في الشام ( درجات
المئذنة ) ، وهذا لأطفال ماقبل
السابعة إن وجدت عندهم الرغبة
في الصوم وتقليد الكبار ،
والهدف منه هو التدريب على
الإمساك والامتناع
عن الطعام والشراب مدة محددة .
نسأل الله عزوجل أن يهدينا والمسلمين إلى
أفضل الطرق التي نربي بها
أولادنا على الإسلام ، من أجل
جيل مسلم يردنا إلى تحكيم شريعة
الله عزوجل في حياتنا كلها ،
والله على كل شيء قدير . والحمد
لله رب العالمين . *باحث في التربية السياسية
[1]
- صحيح
البخاري في الصوم (1960) باب صوم
الصبيان ، ومسلم (1136) باب من
أكل في عاشوراء فليكف بقية
يومه [2]
- أحمد بن النقيب المصري ،
عمدة السالك وعدة الناسك ،
طبع الشئون الدينية بقطر ، 1982م
. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |