ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بسم
الله الرحمن الرحيم عذراً
رمضان د
. فـواز القاسم / سـورية مع إطلالة شهر رمضان
المبارك من كل عام ، يحتفل
المسلمون في مشارق الأرض
ومغاربها بهذا الوافد الكريم ،
ويستقبلونه بمظاهر الفرح
والزينة في البيوت والمحلات
والساحات العامة ، وينيرون له
المساجد ، ويضفي على الأمة
جوّاً خاصاً من الخشوع والرهبة
الممزوجة بأحاسيس الفرح
والمحبة والبهجة.. ترى
فما الذي يعنيه لنا رمضان
حتى يحدث في الأمة مثل هذا
التحول الهائل .!؟ لا شك أن الذي يعنيه
لنا رمضان كثير ... فهو أولاً : شهر الخير
والبركات والتقوى .. قال تعالى في كتابه
العظيم : بسم الله الرحمن الرحيم
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))
(البقرة:183) وروى الشيخان ، أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: ( إذا جاء رمضان ،
فُتحت أُبواب الجنّة ، وغُلّقت
أبواب النار ، وصُفّدت الشياطين
). ويا لها من حقيقة
هائلة ، حريٌّ بالمسلمين أن
يقفوا ملياً أمامها
ويتأملوا دلالاتها .!!! أن تُفتّح أبواب
الجنة ، وتُغلّق أبواب النار ،
وتُصفّد الشياطين ...!!! فما الذي بقي على كلّ
منا إلا نفسه التي بين جنبيه ،
يعالجها باليسير من الجهد .!؟ وما أهون تلك النفس ،
وما أضعفها ، بعد أن زال عنها
قرينها المصفّد بالسلاسل
والأغلال .!؟ إنها إذاً بركات
السماء تلفّ أهل الأرض ، وإنها
أفضال الملأ الأعلى تنهلّ على
بني البشر، ولو أنهم رعوها حق
رعايتها لأدركوا حقيقة المعنى
الوارد في قوله -صلى الله عليه
وسلم- : ( لو يعلم العباد ما
رمضان ، لتمنّت الأمة أن تكون
السنة كلها رمضان ) رواه ابن
خزيمة . وأي عذر بقي لأولئك
الثرثارين والمترخّصين
، الذين أدمنت نفوسهم الهوى ،
واستمرأت ألسنتهم الجدل ، على
أطباق من البطالة المقنّعة
والفراغ المقيت ، فراحوا يلسعون
الناس بألسنتهم
وينهشون من لحومهم وأعراضهم
.!؟ ألم يعلموا بأن
الصيام الحق لا يكون إلا بترك
المعاصي ، ومخالفة الهوى ..!!؟ فلينصتوا إذاً إلى
قول الرسول الكريم -صلى الله
عليه وسلم- ، كما رواه البخاري : (
من لم يدع قول الزور والعمل
به ، فليس لله حاجة في أن يدع
طعامه وشرابه ) ... وقوله صلى الله عليه
وسلّم : ( إذا كان يومُ صومِ
أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن
سابّه أحدٌ أو خاصمه ، فليقل :
إني صائم ) . وهو ثانياً : شهر
الجهاد والفتوحات والانتصارات
... فهو شهر بدر الخالدة
، وفتح مكة ، وعين جالوت ، وفتح
المغرب العربي ، والأندلس
الخضراء ، وغيرها الكثير من
الملاحم العربية والإسلامية
الخالدة ، التي لم يكن توقيتها
في رمضان ، خطة مبرمجة خطّتها يد
البشر ، إنما هي إرادة الله
العظيم ، التي جمعت بين قداسة
الشهر ، وجلالة النصر . بسم الله
الرحمن الرحيم (( بَلْ نَقْذِفُ
بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ
فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ
زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ
مِمَّا تَصِفُونَ )) (الأنبياء:18)
ولقد اقترن في
تاريخنا الإسلامي الأغر ،
الصيامُ بالجهاد ، حتى لكأنهما
صنوان لا يفترقان ... فعلى رأس سبعة أشهر
من الهجرة النبوية الشريفة
كان فرض الصيام ... وعلى رأس
سبعة أشهر من الهجرة
النبوية الشريفة كان فرض الجهاد
أيضاً ... ولقد كان أول رمضان
يلتقي فيه المسلمون
في المدينة يصومون فيه ،
وكذلك أول رمضان يلتقي فيه
المسلمون في المدينة يجاهدون
فيه . ولقد تطابق الصيام
والجهاد حتى في أسلوب فرضهما ،
فقال تعالى
عن الصيام : (( كُتب عليكم الصيام
)) . وقال عن الجهاد أيضاً : (( كُتب
عليكم القتال )) . ولقد عُقد أول لواء
في الإسلام لجهاد أعداء الله
في رمضان ، وكان أول من تشرف
بهذه المكرمة الخالدة ، أسد
الله ورسوله ، حمزة بن عبد
المطلب رضوان الله عليه ، الذي
قاد أول سرية للجهاد في سبيل
الله ، وهي سرية سيف البحر...وفي
رمضان الثاني كانت ملحمة بدر
الخالدة ، التي وصفها الله بما
وصف به قرآنه
العظيم فقال : (( يوم الفرقان ،
يوم التقى الجمعان )) . الأنفال ولئن كانت بدر قد
أوغلت في أعماق التاريخ ، إلا
أنها كانت قد تركت في نفوس العرب
والمسلمين ، وفي نفوس الصائمين
والمجاهدين ، دروساً عظيمة لا
تنفد ، ومعاني خالدة لا
تُنسى...فهي الكتاب المفتوح الذي
تنهل منه الأجيال على مرّ
العصور وكرّ الدهور ، الكثيرَ
من معاني العزّة والكرامة
والتحدّي ... وهي الملحمة
الخالدة التي غيّرت خارطة
العالم ، وعدّلت مسار التاريخ ،
ووضعت أقدام الأمة على طريق
النصر والتمكين ... وإنه لممّا تتفطر
القلوب وتتفتت الأكباد أسفاً
له ، أن تغيب أمثال هذه
المعاني العظيمة
عن الكثير من أبناء أمتنا ،
حتى لم يعد يمثّل رمضان
المبارك للكثير منهم أكثر من
فرصة للسهر واللهو وإضاعة
الأوقات فيما يضرّ ولا ينفع ،
متناسين قيمة كل لحظة وكل ثانية
في هذا الشهر المبارك. أو فرصة للبعض الآخر
لعرض مالذّ وطاب من أنواع
الطعام على الموائد الرمضانية ،
وكأن رمضان لم يخلق إلا للأكل
والشرب والتفنن في عرض الموائد
...!!! أو فرصة للبعض الآخر
من تجارنا للربح والإثراء على
حساب الفقراء والمحتاجين من
أبناء الأمة الصائمين ، وكأن
رمضان لم يخلق إلا للتجارة
والربح واحتكار أقوات الصائمين
وإلهاب أسعارها بقصد الربح
السريع وأكل أموال الناس
بالباطل ... أو
فرصة للبعض الآخر للتنمّر وعرض
العضلات وإظهار كل أنواع الفحش
والبذاءة وسوء الخلق على الزوجة
والأولاد والجيران وزملاء
العمل ، بحجة أنه عصبي لأنه صائم
، وكأنه ما قرأ حرفاً واحداً في
كتاب الله ، أو سمع حديثاً
شريفاً لرسول الله صلى الله
عليه وسلّم
تدعو وتحث على مكارم
الأخلاق وخاصة
في رمضان
... أو فرصة عند البعض
للنوم والكسل ، متثاقلين عن
الأعمال والواجبات الضرورية ،
ومنها قضاء حوائج الناس ،
بل حتى عن الصلوات المفروضة
تحت دعوى أنهم صائمون ... !!! وهناك من الدول
والمؤسسات من تقلب نهارها ليلاً
، وليلها نهاراً ، فتجبر
موظّفيها على العمل
في الليل ، والنوم
في النهار ، فتفقدهم
حلاوة الصوم والعبادة
، وتلغي الحكمة من هذا الشهر
المبارك ... من أجل ذلك أيها
القوم ، وغيره الكثير فقد
استدار الزمان كهيئته يوم بعث
الله محمداً صلى الله عليه وسلم
، وعادت الأمة إلى ما كانت عليه
قبل الرسالة الخالدة من الضعف
والذلّ والتشرذم والغثائية . وهاهم اليهود القتلة
، والأمريكان
الظلمة ، يعاونهم ، ويشد من
أزرهم بعض المنافقين الجبناء ،
يعيثون في هذه الأمة خراباً
وتدميراً ، ويمارسون علينا من
الظلم والقهر والإذلال ما لا
يصبر عليه بشر
في كل من فلسطين والعراق
وبلاد الأفغان ، وغيرها من
البلاد العربية والإسلامية ... وليس لنا من مخرج ،
والله ، إلا
بالرجوع إلى كتاب ربنا
تبارك وتعالى ، والتمسك بمنهج
نبينا الكريم صلى الله عليه
وسلم في رمضان وغير رمضان ، وعلى
رأس ذلك المنهج هو
الجهاد والتضحية وبذل المهج
والأموال والأولاد في سبيل الله
، فهو السبيل الوحيد لإنقاذ
هذه الأمة مما هي فيه من ذل
وتشرذم وغثائية ... فلقد جرّب ( العقلاء )
و ( الحكماء ) والجبناء في أمتنا
كل السبل الأخرى ، فنبذوا (
العنف ) واستنكروا ( الإرهاب) ،
وانبطحوا تحت أقدام الطغاة ،
فلم يحصدوا غير الخيبة والخسران
...!!! وإنه لعار وشنار على
أمة يزيد تعداد سكانها على
مليار نسمة ، وتتوسط الدنيا ،
وتمتلك ما يزيد على نصف موارد
البشرية ، بما فيها النفط ،
وتستحوذ على أكبر سوق اقتصادية
في العالم ، ولديها من القوات
المسلّحة ما يفوق تعداد اليهود
في العالم ، ومع ذلك تتحكم فيها
حفنة من الصهاينة اليهود ،
فتذيقها كؤوس الذل والهوان صباح
مساء ، ومنذ ما يزيد على نصف قرن
، دون أن تتحرك فيها ذرّة من
نخوة الرجال ، ولا خردلة من
عقيدة الإيمان ، ولا بقية من
شهامة العرب .!!! عار وشنار ودمار على
الذين تسلّقوا على أكتافنا ،
وامتصوا دماءنا ، وسمنوا في
مطابخنا ، على أمل أن يحفظوا
كرامتنا ، ويدافعوا عن حقوقنا ،
وينتصروا لمظلومنا ، ومع ذلك
تُحتل بلادنا ، وتُدمّر مدننا
، وتُنتهك
مقدّساتنا ، وتُسبى حرائرنا ،
وتُنهب ثرواتنا ،
ويفعل بنا
الأمريكان الظلمة
والصهاينة القتلة وعملاؤهم
الأوباش ، من الظلم والقهر
والإذلال ما
يهتز له عرش الرحمن ،
دون أن تهتز شعرة واحدة
في شواربهم الذليلة، وكيف
تهتزّ إذا كانوا عديمي
الشوارب.!؟ عار وشنار وقتار ،
على جيوش قدّمنا لتشكيلها أحبَّ
أبنائنا وإخواننا ، وبذلنا
لإعدادها وتسليحها خيرة
أموالنا ومدّخراتنا
على أمل أن تحفظ كرامتنا ،
وتصون أعراضنا ، وتحمي
مقدّساتنا ، وهاهي فلسطيننا
الحبيبة تُذبح من الوريد إلى
الوريد، وعراقنا الغالي يهان
ويُستباح ، كما ذُبحت واستبيحت
من قبل أفغانستان وغيرها ،
والبقيّة تتبع – فقائمة
الإرهاب عندهم
طويلة ، والدول المارقة بزعمهم
كثيرة - ومع ذلك فلا تهتزّ
شعرة في شوارب تلك الجحافل
والفيالق الجرارة ، ولا ندري
والله لمَ أُعدّت – إذاً – تلك
الفيالق والجيوش ، وما مسوّغ
علفها وتسمينها وتسليحها
بالمليارات .!!!؟ يا لعار العروبة ،
ويا لعار الإسلام .!!! أن تسحق
حفنة من اليهود الجبناء الأوباش
، أمةَ الأنبياء والحضارات
والبطولات والفتوحات والتضحيات
، وأن تتسلط مجموعة من شذّاذ
الآفاق ، ولصوص التاريخ ،
وأبناء القردة والخنازير
على كل تلك الجموع الهائلة
من العرب والمسلمين
التي لو بصقت عليهم
لأغرقتهم .!!!؟ يا لعار التاريخ .!!!
ويا لذلّ الزمان .!!! ويا لصوت
القعقاع وسعد وخالد والمثنّى ،
ولا مثنّى للخيل اليوم .!! اللهم ، أيّ زمان هذا
الذي أحييتنا فيه ، وأي عصر هذا
الذي أبقيتنا إليه ، وأي قرن هذا
الذي أريتنا ذلّه.!؟ يا ربّ .. من يطق رؤية
استباحة المقدّسات ، وهتك
الحرمات ، وسحق المخيّمات ،
وبقر بطون الحوامل ، وتكسير
عظام الأطفال ، وسحل الشباب في
الشوارع ، وهدم المنازل فوق
رؤوس ساكنيها من الأطفال
والنساء ، وتجريف الأراضي ،
واقتلاع الأشجار ، وقصف الجوامع
والكنائس ، وتدمير المستشفيات ،
وحصار المدن ، وتعطيل سيارات
الإسعاف ، ومنع إخلاء الجرحى من
تحت الأنقاض ، ولا حتى الجثث
المتعفّنة من الشوارع والأزقة
والبيوت المهدّمة.!!!؟
من يطق رؤية ذلك يومياً دون
أن يصاب بجلطة في دماغه ، أو
تمزّق في قلبه ، أو تفتت في كبده
، أو قرحة في أحشائه ، أو تنخّر
في عظامه ، أو شلل في أعصابه .!!!؟ يا ربّ .. فكيف صبرت
هذه الأمة على كلّ ذلك الذلّ
والهوان طوال تلك السنين
.!!!؟ ولكن الأمل بالله
كبير ، فالأمة لم تمت بفضل الله
بالرغم من كل مظاهر الضعف
البادية على حكامها ، وتلكم
طلائع الأمة المجاهدة في فلسطين
والعراق وأفغانستان والشيشان ،
وغيرها من البلاد العربية
والإسلامية المظلومة تذيق
الأعداء من نفس كؤوس الردى التي
طالما أترعوها
لنا ، وتلقّنهم من الدروس ما
تجعلهم يفكّرون ألف مرّة بعد
اليوم ، قبل
أن يعتدوا على أوطاننا
ويتطاولوا على أمتنا ... ولقد وعدنا الله
تعالى ، ووعده الحق ، بالنصر
الناجز والعزة والتمكين ، ما
استمسكنا بقرآننا ومنهج نبينا
... بسم الله الرحمن الرحيم ((
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ،
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً ، يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ..
وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ )) (النور:55)
بسم الله الرحمن الرحيم ((
ويسألونك متى هو .!؟ قل : عسى أن
يكون قريباً )) صدق الله العظيم ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |