ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من يجرؤ على فتح ملف السوريين المعتقلين
والمفقودين ؟ بقلم:
محمد علي شاهين لا أحد يتصوّر مدى
الحزن الذي يعتصر قلوب الأمّهات
والزوجات والأخوات، والألم
الذي يقضّ مضاجع الأبناء
والإخوان والأصدقاء بغياب عزيز
خلف القضبان، فكيف إذا كان هذا
السجين قد سجن ظلماً دون
محاكمة، أو مضى على سجنه سنوات
طويلة، أو أنّه اختفى بعد
اعتقاله، فلا يدري أهله وذووه
أهو في عالم
الأحياء أم الأموات. وما دام ملف
المعتقلين والمفقودين
اللبنانيين قد فتح على أعلى
المستويات خلال زيارة الرئيس
اللبناني إلى دمشق، فمن حق
أهالي المعتقلين والمفقودين
السوريين أن
يطالبوا بفتح ملفّ أبنائهم،
والكشف عن حقيقة القبور
الجماعيّة في سوريّة ولبنان؟ ملف في غاية
الحساسيّة، وصفه الوزير وليد
المعلّم بأنّه معقّد وشائك،
واتهم عناصر لبنانيّة بتسليمهم
إلى إسرائيل، وألقى تبعة ما
يكتشف من قبور جماعيّة على
الآخرين، ونفت السلطات السورية
كلّما أثيرت هذه القضيّة لأسباب
سياسيّة، احتجاز مواطنين
لبنانيين أو سوريين في سجونها. إلاّ أن قوائم
المعتقلين والمفقودين التي
تحتفظ بها منظّمات حقوق الإنسان
وهيئات المجتمع المدني،
والوقائع المدوّنة والشهود
الأحياء، تؤكّد أنّ هناك قضيّة
إنسانيّة يجب أن يفتح ملفّها
أمام الرأي العام، وأن تعرض
الحقائق على الرأي العام خالية
من التزييف وأمام قضاء نزيه. ففي لبنان وجّه خمسة
عشر نائبا من قوى الرابع عشر من
آذار عريضة إلى الحكومة
اللبنانية تطالبها بـالتفاهم
مع الحكومة السورية أو من
دونها، والعمل لإيجاد حل نهائي
لملف المعتقلين والمفقودين في
السجون السوريّة، في أسرع وقت،
عبر الطلب من الأمين العام
لجامعة الدول العربية السيد
عمرو موسى، والسعي لجلاء مصير
المفقودين والمعتقلين
اللبنانيين في السجون السورية
خلال مهلة ثلاثة أشهر. وأضافت العريضة: وفي
حال الرد السلبي للسلطات
السورية، المبادرة إلى عرض هذه
القضية على الأمين العام للأمم
المتحدة (بان كي مون) لتشكيل
لجنة تحقيق دولية، واتخاذ كل ما
يلزم من تدابير ملزمة. وأخذت القضيّة بعداً
آخر عندما سارع ذوو المعتقلين
والمفقودين اللبنانيين في
السجون السورية، مع ممثلي عدد
من هيئات المجتمع المدني، إلى
التجمّع عند الطريق المؤدية إلى
القصر الجمهوري في بعبدا،
حاملين صور أبنائهم وإخوانهم
المعتقلين والمفقودين ولافتات
تطالب بكشف الحقيقة والإفراج
عنهم، تزامنا مع وصول وزير
الخارجية السوري وليد المعلم
إلى لبنان لتوجيه دعوة رسمية
إلى الرئيس ميشال سليمان لزيارة
سورية. وطالبت مذكّرة رفعها
أهالي المعتقلين إلى الرئيس
سليمان بوضع خطّة عمل متكاملة
من أجل حل قضية الاختفاء القسري
في لبنان التي لم تعد تحتمل
التهميش والمماطلة والتأجيل
وإدراج قضية المخفيين قسراً في
البيان الوزاري للحكومة وجعلها
أولويّة وطنيّة، وتحريك
النيابات العامّة لإجراء
التحقيقات واستقاء المعلومات
وجمع الأدلة وتلقي الإفادات
والشهادات والاطلاع على أرشيف
أجهزة الأمن الرسمية
والميليشيات. ونسبت لجان أهالي
المفقودين عدّة مقابر جماعيّة
إلى الجيش السوري، وكان موقع
المقبرة الأولى في باحة وزارة
الدفاع اللبنانية في اليرزة
شرقي بيروت، حيث نُبشت رفات 13
جنديّاً لبنانيّاً في تشرين
الثاني عام 2005، تمّ رميهم
بالرصاص نهار 13/11/1990 عقب الغزو
السوري للمناطق التي كانت في
عهدة العماد ميشال عون، وقد تم
التعرف إلى هويات أصحاب العظام
المنبوشة بحسب أصول
البروتوكولات الدوليّة
المتعارف عليها في هذا المجال. ونبشت عظام في مقبرة
جماعيّة تقع في عنجر بسهل
البقاع بجوار مقر (المفوض
السامي) و(الحاكم السوري
للمقاطعة اللبنانية)، ومقر
رئاسة الاستخبارات العسكرية
والاستطلاع السورية في لبنان،
وصفتها إحدى المدافعات عن حقوق
الإنسان بأنّها أشبه بساحة
جريمة، وجد فيها رفات حوالي
ثلاثين شخصاً. وبقى ملف حقوق
الإنسان في سوريّة مؤجّلاً على
مدى عقود، وكذلك ملف المعتقلين
والمختفين والمنفيين السوريين
مطويّاً لأسباب سياسيّة، أما
ملف المجازر الجماعيّة (مجزرة
سجن تدمر، ومجزرة حماه، وجسر
الشغور، ومقبرة هنانو وغيرها)
والمقابر الجماعيّة فحديثها
يطول، ولقد نقل صحفيون كانوا في
مسرح الأحداث (راجع رواية
الصحفي روبرت فيسك في التقارير
التي نشرتها (التايمز) اللندنية
عام 1982) وتحدّث ناجون من المجازر
الجماعية التي حدثت في أوائل
الثمانينيات عن نقل جثث ضحايا
القتل الجماعي الذي ارتكبته
قوات سرايا الدفاع قبل حلّها،
والوحدات الخاصة، وبعض فرق
الجيش، إلى حفر جماعية كبيرة
حيث رميت هذه الجثث والأشلاء
بعد تجريدها مما تحمله في
جيوبها من نقود وأشياء أخرى ذات
قيمة، وتواتر الحديث عن رمي
أعداد كبيرة من الجثث في حفر
كبيرة قرب مقبرة قرية سريحين في
محافظة مدينة حماة وقرب معمل
البورسلان والملعب البلدي. ولأنّ أحداً من
السوريين لا يجرؤ اليوم على فتح
فمه ليبتسم، فكيف يجرؤ على فتح
هذه الملفات، أو الخوض فيها
خشية أن يلحق بآلاف المعتقلين
والمختفين والمنفيين. أمّا المسؤولين
السوريين في الحزب والدولة فلن
يجرؤوا على تحمّل مسؤوليّتها
عاجلاً أو آجلاً، وسيتبرّأ من
هذه الأفعال الشنيعة، والجرائم
المروّعة كل من قام بقتل متّهم
تحت التعذيب في غرف التحقيق، أو
شارك في هذه الجريمة، أو كان
شاهد زور عليها، ولن يعفي من
انتقام الله وسخطه من سطّر
القانون 49 لعام 1980، وقتل شعبه
به، أو قال: لا أدري. وإذ يرفع
اللبنانيّون صوتهم اليوم
مطالبين بكشف الحقائق، ويصمت
السوريّون، فإنّ لغضب السوريين
في قابل الأيام صدى لا يدركه
إلاً من قرأ تاريخ سوريّة. ويبقى السؤال
المحيّر: من يجرؤ على فتح ملف
السوريين المعتقلين والمفقودين
ولمصلحة من يبقى مطويّاً ؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |