ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 13/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 ( رمضانيات ) 5

فضل الله على خلقه

الدكتور عثمان قدري مكانسي

لو أنك اقترضت من رجل تسعين ديناراً ، ثم جاء ابنه فاستقرض منك ستين ديناراً ، ومرت أيام وشهور ثم طالبك الرجل بدينه فلن تجد حرجاً أن تعطيه ثلاثين ديناراً فقط ، وتحيله على ابنه ليستوفي منه .

ولنفرض أن رجلاً استأجر غرفة في فندق بتسعين ديناراً ، ثم جاء ابنه فاستأجر غرفة  بستين ديناراً ، فلما التقيا رغبا أن يكونا متقاربين دون أن يدفعا شيئاً ، فسوف تعطي كل واحد منهما غرفة أجرتها خمسة وسبعون ديناراً ، فليس مالك الفندق مضطراً أن يخسر ثلاثين ديناراً إنما تنزل درجة الأب خمسة عشر ليرتفع الولد خمسة عشر ، فيلتقيان في غرفتين متقابلتين . وليس المالك للفندق ملوماً بما يفعل .

أما رب العزة الكريم – سبحانه- فقد أخبرنا بأفضل من ذلك في سورة الطور حين قال تعالى " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ ألحقنا بهم ذريتهم ، وما ألتناهم من عملهم من شيء " .

فمن عظيم فَضْله وَكَرَمه وامتنانه وَلُطفه بِخَلقِهِ وَإِحسَانه أَنَّ الْمُؤمِنِينَ إِذَا اتبعتْهم ذرّيّاتهم فِي الإيمان يُلْحِقُهُمْ بِآبَائِهِمْ فِي الْمَنْزِلَة وَإِنْ لَم يَبلُغُوا عَمَلَهُمْ لتقرّ أَعيُن الآباء بالأبناء عِندهمْ فِي منازلهم فَيَجمَع بَيْنهم عَلَى أَحسَن الْوُجُوه  فيَرفَع النَّاقِصَ العمل بِكَامِلِ العمل ولا يَنْقُص ذَلِكَ مِنْ عَمَله وَمَنزِلَته ، ويساوي بينهما قَالَ" أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " .

وَقَالَ الْحَافِظ الطَّبَرَانِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا دَخَلَ الرَّجُل الْجَنَّة سَأَلَ عَنْ أَبَوَيهِ وزوجَتِهِ وَوَلَدِهِ فَيُقَال إِنَّهُمْ لَمْ يَبلُغُوا دَرَجَتَك فَيقول يَا رَبّ قَدْ عَمِلتُ لِي وَلَهُم فَيُؤمَر بِإِلحاقِهِم بِهِ "

هَذَا فَضله تَعَالَى عَلَى الأبناء بِبَرَكَةِ عَمَل الآباء وَأَمَّا فَضْله عَلَى الآباء بِبَرَكَةِ دُعَاء الأبناء فَقَد أورد الإمام أَحمَد رحمه الله عَن أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه لَيَرْفَع الدَّرَجَة لِلْعَبدِ الصَّالح فِي الجَنَّة فَيَقول يَا ربّ أَنَّى لِي هَذِهِ ؟ فَيَقُول بِاستِغفَارِ ولَدك لَك " إِسْنَادُهُ صَحِيح ولَهُ شَاهِد فِي صَحِيح مُسْلِم عَن أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَله إلا مِنْ ثلاث : صَدَقَة جَارِيَة أَو علم يُنْتَفَع بِهِ أَو وَلَد صَالِح يدعو لَه " .

أَخبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مَعَ غِنَاهُ عَنْ الخلائق جَمِيعهم وَمَعَ بِرّه وَإِحْسَانه بِهِم يُجَازِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات أَحْسَن الْجَزَاء فيُكَفِّر عَنْهُمْ أَسوَأ الَذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيهِمْ أَجْرهمْ بِأَحْسَنِ الَذِي كَانوا يعملون ، فَيَقبَل القلِيل مِنْ الحَسَنَات وَيُثيب عَلَيهَا الوَاحِدَة بِعَشرِ أَمثَالهَا إِلَى سَبعِمِائَةِ ضِعف وَيَجْزِي عَلَى السَّيِّئَة بِمثلها أَوْ يَعفو وَيَصفَح كَمَا قال: " إِنَّ اللَّه لا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا " وَقَالَ في سورة العنكبوت : " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُم سَيِّئَاتهمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُم أَحْسَن الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ " .

 فيمحو السيئات فلا تبقى ، ولا يجزيهم على عملهم الحسن بالنسبة التي فعلوها ، إنما يجعل العمل الحسن كله بأعلى نسبة ، وهذا من كريم عظيم .

وتعال معي نستجلي الأمر بشكل واضح في الآيات من سورة الزمر . يقول الله تعالى

وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)

 لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34)

 لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)

يخبرنا الله تعالى أنه يكفر عن المسلمين أسوأ ما عملوا ، فإذا عفا عنا اسوأ ما عملناه ، وهي الكبائر والذنوب العظيمة المخيفة فمن باب أولى أنه سبحانه غفر لنا الذنوب الأصغر . فتلاشت كل السيئات بحمد الله ومنـّه .

واقرأ معي بقية الآية " ويجزيهم أحرهم بأحسن الذي كانوا يعملون " فالمسلم يعمل أعمالاً عظيمة أجرها كبير ، ويعمل أعمالاً بسيطة أجرها قليل . فيجعل الله تعالى أجر القليل كأجر الكثير ، فتكثر الحسنات وتنتفي السيئات ، فتكون أيها المسلم من أهل الجنة ، وتدخلها معززاً مكرماً .

من يفعل ذلك سوى الكريم سبحانه المتفضل لا إله إلا هو ؟

بقي أن تهمس في أذني وأهمس في أذنك أن نتعاهد على فعل الخيرات وعمل المبرّات ، وأن نعصي شياطين الإنس والجن ، وأن نتوجه إلى الله بقلوب سليمة  ...

فادع لي بظهر الغيب يا أخي ، إنني والله لبحاجة إلى دعائك .. اللهم اغفر لي ولإخواني وتجاوز عن سيئاتنا ، واجعلنا من عتقائك في هذا الشهر الفضيل .. اللهم آمين .

أخوك المحب عثمان

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ