ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أيها المعارضون السوريون: تعالوا
نفكرْ ونحسبْها "صح"! الطاهر
إبراهيم* في معادلة القوة الحقيقية اليوم، يسألك
المحلل السياسي: كم عندك من
الأعوان المخلصين لتنفيذ هدفك
المنشود الذي جعلته نصب عينيك؟
هذا السؤال يستبطن داخله عناصر
وقوى مختلفة من مال وأرض وأنصار
ومؤيدين وغير ذلك؟ وإذا كان لك
خصم يمنعك من تحقيق أهدافك، فما
هي القوى التي يمتلكها ذلك
الخصم؟ وهل هناك من تكافؤ بين
إمكانياته وإمكانياتك؟ أم أن
هناك اختلال في عناصر القوة، ما
يجعلك تفكر بضم قوى أخرى إليك
لتدخل بها في المعركة –معركة
التغيير- لتعديل الميزان الذي
يميل لصالح خصمك! في الحالة السورية، فإن هناك اختلالا
شديدا في موازين القوى بين
النظام السوري والمعارضة
بأطيافها المختلفة، بحيث يكاد
يستحيل تعديل هذا الاختلال، بعد
أن احتكر النظام صنوف القوة من
جيش وأجهزة مخابرات، وسخر خزينة
الدولة كلها لصالحه، بل ومنع
قوى المعارضة من التجمع تحت
مظلة واحدة، ولو كان ليس فيها
محاولة للاستيلاء على الحكم
بالقوة، من مثل ما حصل عند
اعتقال قيادات "إعلان دمشق"
الذي أعلن في شهر أكتوبر 2005. تاريخيا، حاول النظام السوري أن يستفرد
بالمعارضة فصيلا بعد آخر. فبدأ
بالإخوان المسلمين في
ثمانينيات القرن العشرين،
وأراد استئصالهم (مع أن "الطليعة
المقاتلة" هي من بدأ الصراع
معه، وكان قادتها قد فصلوا من
الإخوان تباعا، قبل نشوب
الأعمال القتالية). ومع أن
الرئيس الراحل "حافظ أسد"
اعترف في خطابه في آذار 1980 في
لقاء له مع الشباب: "بأن
الإخوان المسلمين ليسوا مع
القتلة". إلا أن اعترافه هذا
كان على ما يظهر ليمتص النقمة
والمظاهرات التي عمت سورية
وخصوصا حلب، فقد أصدر بعد ذلك في
يوليو من عام 1980، القانون 49
الشهير، الذي يحكم بالإعدام على
"مجرد الانتماء" إلى
الإخوان المسلمين. لم يكن الإخوان المسلمون وحدهم الذين
تعرضوا للهجوم من النظام. فقد
اعتُقِلَ الأستاذ "رياض
الترك" من الحزب الشيوعي –المكتب
السياسي. كما تم اعتقال عناصر
كثيرة من رابطة العمل الشيوعي.
وجاءت محاصرة حماة وتدمير أحياء
كثيرة فيها في أوائل عام 1982،وقتل
وتشريد عشرات الآلاف من أهل
حماة -منهم شباب من النصارى مثل
الكاتب "أكرم البني"- لكي
يعلن النظام، أنه ليس الأقوى
فحسب، بل الوحيد المؤهل لحكم
سورية. طوال عقدين من الزمن من حكم "حافظ أسد"
فقد كان على المعارضين في سورية:
الخيار بين مصيرٍ كمصير مئات
الآلاف من الإخوان المسلمين بين
قتيل ومعتقل ومشرد، أو بين
الانضمام إلى جوقة المسبحين
بحمد النظام مثل أحزاب الجبهة
التقدمية الهامشية، وليس هناك
خيار ثالث إلا
السكوت المطبق، "ومن تزوج
أمَّنا ناديناه عمَّنا"، حتى
لكأنه لم يعد في سورية رجال. استطرادا، فلم تكن الأجهزة الأمنية لتغمض
لها عينٌ لحظةً واحدة. فقد كانت
"ماكينة" الاعتقال
"شغالة" ليل نهار لا
يغفل "الرقيب" عن طرفة رمش
من أي مواطن. حتى عندما استلم
الرئيس "بشار أسد" الحكم،
ظن الناس أن هناك انفراجا،
فاجتمع "تسعة وتسعون"
مواطنا وأصدروا بيانا ، كما
اجتمع ألف مواطن وأصدروا بيانا
آخر. وقبل أن يجتمع عشرة آلاف،
قامت قيامة النظام ولم تقعد إلا
بعد اعتقال قادة "ربيع دمشق"
الذي استحصد قبل أن ينبت زرعه. وخلال تلك الحقبة السوداء لم يكن النظام
فيها مغفلا إلى الدرجة التي يظن
أن سورية دانت له. كان يعرف أن
الشعب السوري بأكثريته الساحقة
يرفض حكمه وأن تحت الرماد جمرا
يتوهج. وإن الناس –مع انتشار
الفضائيات والإنترنت- ليس لهم
من حديث إلا متى يأتي التغيير،
وليس "المكرمات". كل
السوريين كانوا تواقين للخلاص،
لكن "العين لا تقابل المخرز"،
كما يقال. لذلك عجبت من هذا المعارض أو ذاك عندما
يكتب، فيغمز من قناة المعارضة
السورية، وربما كان يقصد البعض
دون الآخر. لكنه يعلم أن الجميع
"في الهوى سوى"، بمن فيهم
من ينتمي هو إليهم. فهم يواجهون
نظاما مدججا بمختلف أنواع
الأسلحة وصدورهم عارية ليس
لديهم أيٌ من عناصر القوة
اللازمة للتغيير. كان الأولى
بصاحبنا: أن يستمزج آراء جميع
المعارضين –بدلا من أن ينتقد-
وأن يقدح زناد فكره، ليخرج
علينا بأفكار أولية تصلح
كبدايات للتغيير الآمن. كلنا يعرف أن المهمة صعبة. لأن التغيير
الآمن السليم يجب أن يتجنب
أمورا وقع فيها كثيرون قبلنا
ممن تصدوا للتغيير من غير
السوريين. لأن التغيير يجب أن
يحقق أمورا مطلوبة، فينبغي
التأكد أننا سنلتزم بها. وأول ما
ينبغي تجنبه: الاستقواء
بالأجنبي على الوطن. وألا نحتكم
إلى السلاح في تحقيق التغيير
مهما كان الحاكم الذي يستبد
بنا، وأن دمَ السوريين خط أحمر.
أما ما ينبغي أن نلتزم به: فهو
ألا يفكر فصيل بمصلحته الخاصة
على حساب الوطن. وأن نعمل على
تحقيق الحرية والديمقراطية،
وأن يكون الحكم عبر صناديق
الاقتراع الشفافة، ونعتمد
التعددية والتداول السلمي على
السلطة. وأن تكون الدولة وطنية
وذات مرجعية سياسية. وأن نقر بحق
الاختلاف، واحترام الرأي الآخر. هل هذا كل شيء؟ طبعا لا. فإن هذه الأمور
غاية، يجب أن نعرف كيف نصل إليها.
وإذا كان التكافؤ بالقوة غير
ممكن كما هو ظاهر، وغير متاح لأن
العالم الذي تستأثر به أمريكا
لا يمكن أن يسمح بقيام حكم في
سورية –ولا في غيرها- يكون
للإسلاميين دور فعال فيه. إذن
ماعلينا إلا أن نلجأ إلى
الأسلوب الذي تعجز واشنطن عن
الوقوف في وجهه. وهذا الأسلوب
يقتضي أن نجعل من الشعب السوري
القوة المؤثرة التي تعدل ميزان
القوى لصالح هذا الشعب، الذي
تكون المعارضة –بشقيها الداخلي
وفي المنفى- جزءا أصيلا فيه.
تبقى الخطوة الأساسية وهي كيف يمكن أن نزج
بهذا الشعب في معادلة التغيير.
وهنا علينا أن ننظر كيف تخلصت
الشعوب من الأنظمة
الديكتاتورية القمعية؟ وهناك
أكثر من مثال على ذلك .كما ينبغي
أن نعرف بماذا وكيف يفكر
المواطن السوري؟ ربما تستطيع
القيادات في الفصائل المعارضة
استكناه الطريق، على الأخص تلك
التي تعيش في سورية، فتستمزج
رأي المواطن حول فكرة "العصيان
المدني". إن رؤوس الأقلام هذه
وغيرها إذا نضجت، ربما توصلنا
إلى بداية طريق التغيير
المنشود، فتعالوا نفكر إذن!!! *كاتب سوري
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |