ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بعثي
في سجون الأسد -3 الدكتور
خالد الأحمد* وبعد ثلاثة أيام سمعت
العسكري الذي يقودني إلى
المرحاض يشتمني ويقول ( بعثي
إخونجي ) ، فصعقت وعرفت أنني
متهم بالإخوان المسلمين ، وصرت
أراجع ذاكرتي لأجد الثغرات التي
دخلوا منها إلى هذا الاتهام ،
فلا أجد شيئاً منها ... لقد
التحقت بحزب البعث وأنا في
المرحلة الثانوية ، ولم تكن لي
أي صلات مع الإخوان المسلمين ،
أو غيرهم ... التحقيــق : على مدى ثلاثة أيام
أسمع صراخ المعتقلين ، تحت سياط
العساكر الجفاة الغلاظ ، مدرسون
وأطباء ومحامون ، يجلدون من قبل
عساكر قد لايعرفون القراءة
والكتابة .... ويتشفى هؤلاء
العسكر الجلادون بخيرة أبناء
البلد ...وكنت أراجع نفسي وأقول :
أهؤلاء يحكمون باسم الحزب !!!؟
باسم الوحدة والحرية
والاشتراكية !!؟ أي حرية هذه !!!
عندما يجلد المواطن قبل أن يعرف
اسـمه !!؟ يجلد المواطن حتى يشرف
على الموت لأنه قريب أحد
المتهمين !!؟ فأي حريـة هذه !!؟
لقد لطخوا سمعة الحزب ، وسودوا
صفحاته لدى الشعب ... وجاء دوري في التحقيق
عندما قادني ذلك العسكري الجلف
، وهو يكرر شتمي ، ويقول ( بعثي
إخونجي ) ، حتى أوصلني أمام
المحقق ، فأجلسني وسمعت صوت
المحقق يطلب اسمي وكافة
المعلومات عني ، ومنها أسماء
إخوتي وأولادهم وبناتهم
وأخواتي وأولادهن وبناتهن ،
وأعمامي وأخوالي ، والمدارس
التي التحقت بها ، والأعمال
التي مارستها حتى هذه اللحظة ...
ثم قال : -- كيف استطعت أن تكون
جاسوساً لعصابة الإخوان في حزب
البعث !!؟ -- أنا لست جاسوساً ،
ولا أعرف أحداً من الإخوان
المسلمين .. -- لا تضيع الوقت ،
وتجلب لك البطش والتعذيب ...لقد
عرفنا كل شيء عنك ، وقد اعترف
أحدهم ، أحد أفراد العصابة عنك
... -- أنا لا أفهم هذا
الكلام الذي تقوله ... أنا أصلي
وأصوم ، والحزب لا يمنعني من
ديني ، ولم يقولوا لي يوماً اترك
صلاتك وصومك ... ومع ذلك أنا
قيادي في الحزب وأمين فرقـة ،
والصلاة والصوم ليست من صفات
الإخوان المسلمين فقط ، بل هي
فروض واجبة على كل مسلم ،
والبعثيون مسلمون ، لا يستطيع
أحد أن ينكر ذلك ... -- ( ضحك ) وقال : هذه
الصلاة والصوم خربت بيتك ، وشدت
لك التهمة ، تهمة عصابة الإخوان
المسلمين ... -- لا يستطيع أحد أن
يمنعني من أن أكون بعثياً يحافظ
على صلاته وصومه، والبعث ليس
حزباُ ماركسياً ، بل هو حزب قومي
، يؤمن بأن الاسلام وحد العرب
وجمع كلمتهم ، وحررهم من الفرس
والروم و .... -- و....انتهى دوره يا
رفيق أو يا أخ ...انتهى دور
الإسلام ، هذا هو فكر البعث ،
وإذا كنت تعتقد أن دور الإسلام
باق ولم ينتـه فأنت رجعي ،
لاتصلح لحزب البعث .... -- هذا ليس من شأننا
الآن ، كيف
تتهمني بأنني من عصابة الإخوان
المسلمين !!؟ وأنا بعثي منذ أن
كنت طالباً في المرحلة الثانوية
، وأمين شعبة في الحزب ... -- اعتـرف عليك أخوك
في العصابة ( .....) . ما رأيك ؟ -- هذا الرجل كان
طالباً معي في المرحلة الثانوية
، قبل عشرين عاماً ، ولم أره بعد
أن تركنا الثانوية ، درست في
الجامعة ، ولم أره أو أسمع عنه
في الجامعة .... -- أخوك في العصابة (
......) أعتقل بسلاحه ، وهو مقاتل
من الطليعة المقاتلة للإخوان
المسلمين .... -- وما ذنبي أنا إذا
كان هذا من الطليعة المقاتلة
للإخوان المسلمين !!!؟ * أنت كنت زميله ،
وصديقه ، وعلى ود وعلاقات متينة
.... * قبل عشرين عاماً
....ثم مضى كل منا لحاله ، ومن
يومها كنت بعثياً ، وكنت أحاول
ضمه إلى حزب البعث ...و .... * ولكنه ضمك إلى عصابة
الإخوان المسلمين ، بدلاً من أن
تضمه إلى حزب البعث ... * يومها لم يكن من
الإخوان المسلمين ، وإلا كيف
كنت أحاول ضمه إلى حزب البعث ،
كان طالباُ مؤدباً ومجتهداً
ونشيطاً ، لذلك رغبت أن يكون معي
في حزب البعث ... * مؤدباً ، مجتهداً ،
نشيطاً ،،، هكذا يتظاهر الإخوان
المسلمون ، ليضحكوا على الناس
أمثالك يا ( ......) .
عليك أن تعتر ف بكل صغيرة
وكبيرة ....قبل أن نقرر أنك جاسوس
للإخوان المسلمين في الحزب ... * أعترف أن هذا الرجل
كان زميلي في الثانوية ، وأنني
كنت أحاول ضمه لحزب البعث ...ولم
أفلح في ذلك ...ثم افترقنا ...ولم
أقابله أو أسمع عنه شيئاً من
يومها ... التفت المحقق إلى
عسكريين من الجلادين حوله ،
وقال لهم : اسلخوه بكرباج
البعثيين .... فسحبوني على الأرض
من أمام المحقق ، سحبوا أمين
شعبة حزب البعث كما تسحب
الدابـة ، وانهالوا عليّ ضرباً
بقطعة من الجلد المتين ، يترك
أثراً في جسمي كلسع النار ....
وشعرت بألم نفسي أشد من الألم
الجسدي ، عندما تذكرت أنهم
يجلدون بعض المعتقلين ب( كابلات
) معدنية ، يتفطر اللحم تحت
ضرباتها ، وصرت أفكر في كرباج
البعثيين ، وهذا أكد لي أنه يوجد
غيري من البعثيين في المعتقل ،
حتى خصصوا لهم كرباجاً خاصاً
للبعثيين ... ، وزاد عجبي وحيرتي
!! من هؤلاء !!؟ الذين يبطشون
بالشعب ، بكل فئات الشعب ، حتى
البعثيين ... وقد خصصوا ( كرباجاً
) لهم ، هل هؤلاء من البعثيين !!!؟
غريب جداً !!؟ هل يبطش البعثيون
برفاقهم بهذه الكرابيج !!؟
لكن الله عزوجل يعين البريء
على البلاء ، فتخدرت أطرافي ولم
أعد أحـس بالضرب عليها .... لكنني
لم أستطع الوقوف ! علي قدمي بعد
انتهاء حفلة الضرب بكرباج (
البعثيين ) لذلك سحبوني إلى
الزنزانة الجماعية سحبا ً ، كما
تسحب الدابة ، وقد اعتادوا على
هذا السحب ، وتبلدت مشاعرهم ،
فلا يتحرك لهم ضمير عندما
يسحبون مثقفاً أو طبيباً أو
مهندساً وكلهم من وجهاء البلد
.... بل حتى عندما يسحبون البعثي
الذي قام نظامه على أكتافهم
.... *باحث
في التربية السياسية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |