ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات
(7) بين
جبريل ويوسف عليهما السلام الدكتور
عثمان قدري مكانسي - يروى
في الإسرائيليات أن يوسف عليه
السلام لمّا لبث في السجن سبع
سنين أرسل الله تعالى جبريل
عليه السلام بالبشارة بخروجه
فقال له : أتعرفني
أيها الصدّيق؟ قال له
يوسف : أرى صورة طاهرة وروحاً
طيبة لا يشبه أرواح الخاطئين . قال
جبريل : أنا الروح الأمين , رسول
رب العالمين . قال
يوسف : فما أدخلك مداخل المذنبين
وأنت سيد المرسلين وراس
المقرّبين؟. قال
جبريل: أوَ لمْ تعلم – أيها
الصدّيق – أن الله يُطهّر
البيوت بطُهر النبيين،وأن
البقعة التي يحلون بها هي أطهر
الأرَضين ؟ وقد طهّر بك السجن
وما حوله يا ابن الطاهرين. قال
يوسف : كيف تشبهني بالصالحين
وتسميني بأسماء الصدّيقين ،
وتـَعُدُّني مع آبائي المخلصين
، وأنا أسيرٌ بين هؤلاء
المجرمين ؟! قال
جبريل : لمْ يكلِم ( يجرح)قلبَك
الجزعُ ، ولمْ يغيّر خُلـُقـَك
البلاءُ ، ولمْ يتعاظمْك السجنُ
، ولمْ تطأ فراش سيّدك ، ولمْ
يُنسِك بلاءُ الدنيا بلاءَ
الآخرة ، ولمْ تُنسك نفسُك
أباكَ ، ولمْ يُنسِك أبوك ربّكَ
. وهذا
الزمانُ الذي يفُكّ اللهُ به
عُنُوّك( أسرك ) ، ويعتق به رقّك
، ويُبَيّن فيه للناس حكمَتَك،
، ويُصَدّق رُؤياك ، ، ويُنصفك
ممن ظلمك ، ويجمع إليك أحبتك ،
ويهب لك ملك مصر ، يُمَلّكك
ملوكَها ، ويُعبّد لك جبابرتها
، ويُذِلّ لك أعزّتها ،
ويُصغـّر لك عظماءها ،
ويُخدِمُك سوقَتَها ، ويُخوّلك
خوَلها ، ويرحم بك ساكنيها ،
ويُلقي لك المودّة والهيبة في
قلوبهم ، ، ويجعل لك اليد العليا
عليهم ، والأثر الصالح فيهم ،
ويُري الملكَ حلماً يفزع منه ،
ويأخذه كربٌ شديد ، حتى يُسهره
ويُذهب نومَه ، ويُعمّي عليه
تفسيره وعلى السحرة والكَهَنة ،
ويعلّمك تأويله . -
كلام منمّق يدل على أن راويه
متمكن في اللغة العربية تمكناً
رائعاً فجمع هذه الجمل القصيرة
المترادفة ، فجلّى لنا بعض ما
أراده الراوي وأحسن السبك
والتصوير . لكنْ خانه البيان في
بعض الجمل والتعابير في أمور
نذكر بعضها : 1-
لم يكن للصديق يوسف عليه
السلام أن ينكر صدّيقيته ولو
كان في السجن ، فهو يعلم أنه
بريء مما رمي به ، وأن المكان
يطهر بالطاهرين – فعلاً- ولا
يضيره أن يكون في السجن ما دام
في رعاية الله وحفظه . كما أنه
عليه السلام نبيٌّ ابنُ نبيٍّ
ابنِ نبيٍّ ابنِ أبي الأنبياء . 2-
أخطأ الراوي حين جعل مَنِ
اشتراه سيده ، والقرآن الكريم
يتجاوز ذلك حين يقول معرضاً
وملمّحاً " وألفيا سيّدَها
لدى الباب " فجعله سيدها لا
سيّده فلا
ينبغي أن يكون الكافر سيّداً
لنبي . وكذلك لم يجعل القرآن
المرأة سيدته حين قال "
وراودَتـْه التي هو في بيتها عن
نفسه " أما قوله تعالى حكاية
عن يوسف " معاذ الله إنه ربي
أحسن مثواي " فالرب هنا الله
تعالى على أصح الوجوه ، فهو
سبحانه الذي رعاه وحفظه وأكرم
مثواه . 3-
ولا يليق التعبير " ،
يُمَلّكك ملوكَها ، ويُعبّد لك
جبابرتها ، ويُذِلّ لك أعزّتها
، ويُصغـّر لك عظماءها ،
ويُخدِمُك سوقَتَها ، ويُخوّلك
خوَلها " بمكانة نبي داعية
ينشر الحق والعدل بين الناس أن
يتسلط على رقاب العباد فيتعبدهم
ويستذلهم ويستخدمهم ، ويجعلهم
خولاً ... وقد ذاق مرارة الظلم
والقهر .. والنص
– حقيقة – جيد السبك مرصوف
العبارة ، قويّ الحبكة . وكان
يوسف عليه السلام رحيماً بالناس
ذا أثر صالح فيهم ، له اليد
العليا عليهم ، فسبحان الله
تعالى الذي ابتلاه فرفع درجته
في الأنبياء والصدّيقين ، فكان
نموذجاً رائعاً ، وأسوة صالحة .
ورفع ذكره بين خلقه إلى يوم
القيامة . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |