ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات
(10) أخبار
البكـّائين الدكتور
عثمان قدري مكانسي عيون
الأخبار لابن قتيبة الدينوريّ
رحمه الله كنز من كنوز الادب
والعلم ، كثيراً ما ألجأ إلى
رياضه أتجول بين بستان وحديقة ،
وقطيفة وأيكة . فما يزال يُمدّني
بالحكم والمواعظ والشعر والأدب
والفكرة والخاطرة . قرأت
اليوم من إحدى روضات زهدياته ،
فأحببت أن أنقل لكم بعض حِكمها
وعظاتها : -
كان زيد الرقاشي يخاطب نفسه
قائلاً : ويحك يايزيد ؛ من يصوم
عنك ؟ من يصلّي عنك ؟ ومنذا
يترضّى لك ربك من بعدك؟ ثم يقول :
يا معشرَ مَنِ الموتُ موعدُه ،
والقبر بيتُه ؛ ألا تبكون؟ ! ..
فيبكي حتى تسقط أشفار عينيه . -
وكان سيّار بن جعفر يقول :
أخوك مَن وعظك برؤيته قبل أن
يعظك بكلامه . -
وتكلم الحسن البصري يوماً
حتى أبكى مَن حوله ، فقال: عجيجٌ
كعجيج النساء ، ولا عزم ، وخدعة
كخدعة إخوة يوسف جاءوا أباهم
عشاء وهم يبكون ؟ . ( والعجيج :
الصياح ورفع الصوت ) . -
فقد مالك بن دينار مصحفه في
مجلسه ، فنظر إليهم كلّهم يبكون
، فقال : كلّكم يبكي ! فمن سرق
المصحف ؟! ...
قرأت ماقاله ، فابتسمت
ابتسامة الموافق تعجّبـَه ، فقد
صلينا التراويح في مسجد
حينا أمس الأول فلما أردت
الخروج لم أجد حذائي ، وهذه ثالث
مرة أو رابعها أفقده
. وعدت إلى البيت حافياً ..
واشتريت حذاءً يزهد الناس فيه
. -
قال ابن الحواريّ : رأيت أبا
سليمان الداراني يبكي ، فقلت له
: ما يبكيك ؟ قال : إنما أبكي لذلك
الغمّ الذي ليس فيه فرح ، وذلك
الأمد الذي ليس له انقطاع . -
قال بعضهم : أتيت الشام ،
فمررت بدير حَرمَلة ، وبه راهب
كأن عينيه عِدلا مزاد ؛ فقلت : ما
يُبكيك ؟ قال : يا مسلم ؛ أبكي
على ما فرّطْتُ فيه من عمري ،
وعلى يوم مضى من أجَلي لم
يَحْسُن به عملي . قال : ثم مررت
بعد ذلك ، فسألتُ عنه ، فقالوا :
أسلمَ ، وغزا ، فقـُتـِل في بلاد
الروم . -
قال ابن الحواريّ : دخلت على
أبي سليمان الدارانيّ وهو يبكي
، فقلت : ما يُبكيك ؟ قال : يا
أحمد ؛ إنه إذا جنّ الليل ،
وهدأت العيون ، وأنِس كل خليل
بخليله فرَش أهل المحبّة
أقدامَهم ، وجرَتْ دموعُهم على
خدودهم ، وأشرف عليهم الجليل
فقال : بعيني مَنْ تلذّذ بكلامي
واستراح إليّ ، فما هذا البكاء
الذي أراه منكم؟ هل أخبركم أحد
أن حبيباً يعذّب أحبّاءَه ؟! أم
كيف أبّيِّتُ قوماً وعند البيات
أجدهم وقوفاً يتملّقونني ! فبي
حلفتُ أن أكشف لهم يوم القيامة
عن وجهي ينظرون إليّ . -
قالت الخنساء : كنت أبكي
لصخر من القتل ، فأنا أبكي له
اليوم من النار. -
قال عمر بن ذدٍّ لأبيه : يا
أبَتِ ؛ ما لك إذا تكلّمتَ أبكيت
الناس ، وإذا تكلّم غيرُك لم
يُبكِهم ؟ فقال : يا بنيّ ؛ ليست
النائحة الثكلى مثل النائحة
المستأجرة . -
قال الفضيل لأحد تلامذته
وقد أخذ بيده : يا ولدي ؛ كذب مَن
الدّعى محبتي وإذا جنّ ليلُه
نام عنّي ، أليس كل حبيب يحبّ
خَلوةَ حبيبه ؟! ها أنَذا مطّلع
على أحبائي ، إذا جنّ الليل
جعلتُ أبصارهم في قلوبهم ،
مثّلت نفسي بين أعينهم ،
فخاطبوني على المشاهدة ،
وكلّموني على الحضور . -
وفي بعض ما أوحى الله إلى
نبيّ من أنبيائه : هبْ لي مِن
قلبك الخشوعَ ، ومن بدنك
الخضوعَ ، ومن عينك الدموعَ ،
وادْعُني ، فإنّي قريب . -
وكان عمر رضي الله عنه يقول :
استغزِروا العيونَ بالتذكّر . -
ومسك الختام قول النبي صلى
الله عليه وسلم : " عينان
لا تمسهما النار : عين بكت من
خشية الله ، وعين باتت تحرس في
سبيل الله " . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |