ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات
(11) صلاة
التروايح أم صلاة التساريع؟ الدكتور
عثمان قدري مكانسي لن أدخل
في فقه الصلاة – كما يريده
الفقهاء أنفسهم – فلست بالذي
يبغي أن يؤصل قاعدة فقهية يناقش
فيها ، إنما نراوح بين اللغة
والعادة التي تعارف عليها الناس
في أدائهم صلاة التراويح في كل
رمضان . اعتاد
جمهور المسلمين – وأركز على
كلمة ( اعتاد) –
بعد فرض العشاء في رمضان
مباشرة أن يصلوا ثماني ركعات
على الأعم وعشرين ركعة على
الأقل وكأنها صارت فرضاً عليهم
، لا يخرجون من المسجد إلا إذا
صلّوها – وتعمدت
أن أقول " صلّوها " ولم أقل
" يقيمون صلاتها " لأن
الفرق بين المعنيين
كبير . فلن تجد في القرآن حين
يأمرنا الله تعالى بالصلاة –
على الأعم الأغلب - سوى " وأقم
الصلاة .." و " يقيمون
الصلاة "
وقد ذكرت الإقامة بالفعل
الماضي والمضارع والأمر
والمصدر خمساً وأربعين مرة ،
إلا إذا أراد الدعاء ، فقال "
وصلّ عليهم " ثم ذكر الفعل
صلّى مرة واحدة بصيغة الأمر في
قوله تعالى " فصلّ لربك وانحر
" . وتراهم
في أحايين كثيرة يوصون الإمام
أن يسرع في صلاته قراءة وأداء ،
فيختصر صاحبنا القراءة
. ولا حاجة لقراءة " وجهت
وجهي للذي فطر السموات والأرض ...
" أو " سبحانك اللهم وتبارك
اسمك وتعالى جدك ...." بعد
تكبيرة الإحرام بل يبدأ
بالفاتحة مباشرة ، ويُعدّ
ماهراً إذا أنهى الفاتحة بنـَفس
واحد أو نفسين ، ثم قرأ من قصار
السور آيتين أو آية واحدة إن
كانت طويلة بالسرعة نفسها التي
قرأ فيها الفاتحة ، ثم يركع فلا
يستوي راكعاً ويسجد فلا يستوي
ساجداً . ولا ترى كبار السن
والبادنين يستطيعون متابعته ،
فهو يسير بسرعة مئة وثمانين
كيلاً في الساعة !. وأغلبهم
لا يريد أن يسمع كلمة بعد الركعة
الرابعة ، فقد تفوته حلقة من
مسلسل تلفزيونيّ شائق يتابعه
،أو سهرة ممتعة حان وقتها . وإن
لم يكن بد من الكلمة ، فلتكن
قصيرة وسريعة قِصَر الركعات
وسرعتها . صليت
مرة في مدينتي حلب ، وفي حي
الكلاّسة ، وبالتحديد في جامع
عبد الناصر ، فانتهت صلاة
العشاء وركعتا السنة بعدها ،
وعشرون ركعة للتراويح
، ثم ركعتا الشفع ومن بعدها
ركعة الوتر كل هذه الركعات في
نصف ساعة فقط .
إنها كما ترون تسع وعشرون
ركعة قضاها في ثلاثين دقيقة ! ،
وافتخر الإمام أنه كان نشيطاً
وسريعاً ، ومَن أعجبته الصلاة
معه فليصل معه الأيام القادمة ،
ومن لم يعجبه فالمساجد في
المنطقة كثيرة !! كنت إذ
ذاك في الثلاثين من عمري حين
انطلقت لزيارة أهلي ومعي زوجتي
، فأُذّن للعشاء ، وكنا في منتصف
الطريق إليهم فدخلنا هذا المسجد
وأدينا رياضة نصف ساعة ! وسمعت
هذا الكلام ، فحمدت الله أن بيتي
ليس في هذا الحي وإلا اضطررت أن
أمشي كل يوم مسافة أكبر لأصلي في
مسجد آخر . وسألت
نفسي : 1-
هل من السنّة أن نصلي
التراويح بعد صلاة العشاء
مباشرة ؟ والجواب قطعاً : لا ؛
إنما نصليها في الوقت بين
العشاء والفجر . 2-
هل الصلاة أمر ثقيل فرض
علينا يجب أن نؤديه بتلك السرعة
أو شبيهها دون أن نتفكر أو
نتدبّر فيما يقرأ الإمام ؟ ودون
أن نعي هذه الرسائل الإلهية
فنعرضها على أنفسنا لنرى أنحن
ممن يؤديها أم نسيها ومرّ عليها
، فلم يلقِ لها بالاً ؟ 3-
وما الفرق بين السرعة
والاعتدال في الحركات
والطمأنينة في الركوع والسجود ؟
إننا لو زدنا في كل ركعة نصف
دقيقة لما
زاد الأمر عن أربع دقائق في
الركعات الثمانية أو عشر دقائق
في الركعات العشرين . أليست هذه
الدقائق التي نضمها للصلاة تزرع
السكينة والطمأنينة في أدائنا
للصلاة ، وترضي ربنا تعالى
؟ وما الأمر الخطير الذي
نضيعه في حياتنا إذا كانت
صلاتنا هادئة ؟. ولن أقارن
أنفسنا برجال الله السابقين ،
فهؤلاء قوم عمالقة ، لن نصل إلى
كعوب أقدامهم . 4-
والتراويح من المراوحة ،
ويقول العلماء : سمي قيام رمضان
" تراويح"
لأن فيها مراوحة بين الصلاة
والذِكر والعِبَر والعظات ،
فبين كل ركعتين أو أربعٍ كلمة ٌ،
ثم ذكرٌ لله تعالى وصلاةٌ على
نبيه الكريم ، وبعضهم قال –
كابن مسعود رضي الله عنه - بل
هناك تراويح بين رجل وأخرى في
الصلاة لترتاح كل رجل من طول
الوقوف قليلاً حين تعتمد على
أختها دقائق لطول القيام . وهذه
الصلاة التي يحدثنا عنها ابن
مسعود لا
علاقة لنا بها ، فأولئك – كما
قلت – عمالقة شتان ما بيننا
وبينهم . ورحم الله سيدنا ابن
مسعود فهو يتحدث عن رجال القرون
الثلاثة الأولى ولا يقصد رجال
القرن الخامس
عشر الهجري أو القرن الواحد
والعشرين الميلادي !. . فهل نصل
نحن صلاة التراويح أو صلاة
التساريع ؟! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |