ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات
(18) السلف
الصالح ... أين نحن منهم الدكتور
عثمان قدري مكانسي قرأت
بعض أخبار السلف الصالح ، فلم
أستطع المقارنة بيننا وبينهم ،
فأين الثرى من الثريّا ، وأين
وهاد الأرض من القمم السامقة؟!
وأين الوشل من النهر الواسع
العذب . فشتان ما بين الرياض
الزاهرة والأرض المعشبة ، وما
بين ضوء القمر وذبالة السراج . قلت : فتشبهوا
إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكـرام فلاح ألم يقل
الشافعي وهو من القمم الذاهبة
في سماء أمتنا ومن الشموس
المضيئة في عالمنا الإسلامي
والنجوم الزاهرة في حياة
المسلمين : أحب
الصالحين ولستُ منهم
لعلي أن أنال بهم شفاعة
؟؟ فإن قال
هذا وهو مَن هو من السادة
العلماء والرجال النجباء ،
فأولى بنا أن نعرف شيئاً عنهم
لعلنا نتخذ منهم القدوة الحسنة
، ونحبهم ونعمل بعض عملهم ،
فينطبق علينا قول النبي صلى
الله عليه وسلم : " يحشر المرء
مع من أحب " ولم
أنقل لك سوى عباداتهم أما
جهادهم فله - إن شاء الله تعالى -
خاطرة أخرى . -
قال الوليد بن مسلم : رأيت
الأوزاعي يثبت في مصلاه ، يذكر
الله حتى تطلع الشمس ، ويخبرنا
عن السلف : أن ذلك كان هديهم ،
فإذا طلعت الشمس ، قام بعضهم إلى
بعض ، فأفاضوا في ذكر الله ،
والتفقه في دينه . -
روى حماد بن زيد عن أيوب قال
: قيل لعمر بن عبد العزيز : يا
أمير المؤمنين لو أتيت المدينة
، فإن قضى الله موتا ، دفنت في
موضع القبر الرابع مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، قال : والله
لأن يعذبني الله بغير النار أحب
إلي من أن يعلم من قلبي أني
أراني لذلك أهلا . -
من التوازن عن السلف رحمهم
الله أنهم يضاحك بعضهم بعضاً ،
فإذا جاء الليل كانوا رهبانا . -
وقال ابن المبارك : قيل
لوهيب : أيجد طعم العبادة من
يعصي ؟ قال : ولا من يهم بالمعصية. -
وقال الحارث بن قيس العابد
الفقيه التابعي : إذا كنت في
الصلاة ، فقال لك الشيطان : إنك
ترائي ، فزدها طولا. -
عن نافع: كان ابن عمر رضي
الله عنهما إذا قرأ: { ألم يأن
للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم
لذكر الله } بكى حتى يغلبه
البكاء . وكان لابن عمر مهراس
فيه ماء , فيصلي فيه ماقدر له , ثم
يصير إلى الفراش يغفي إغفاءة
الطائر , ثم يقوم , فيتوضأ ويصلي ,
يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو
خمساً . -
أما عامر بن قيس الزاهد فقد
كان من عباد التابعين ، يشغل
نفسه بإقراء الناس ، كان يقول :
من أُقرئ ؟ فيأتيه ناس ، فيقرئهم
القرآن ثم يقوم فيصلي إلى الظهر
، ثم يصلي إلى العصر ، ثم يقرئ
الناس إلى المغرب ، ثم يصلي
مابين العشائين ، ثم ينصرف إلى
منزله ، فيأكل رغيفا ، وينام
نومة خفيفة ، ثم يقوم لصلاته ،
ثم يتسحر رغيفا ويخرج ، ولما
احتضر بكى ، فقيل مايبكيك ؟ قال :
ما أبكي جزعا من الموت ، ولا
حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي على
ظمأ الهواجر وقيام الليل . -
أما العابد التابعي هرم بن
حيان العبدي ، فقد قاد بعض
الحروب في أيام عمر وعثمان ، قال
ابن سعد : كان عاملا لعمر ، وكان
ثقة ، له فضل وعبادة .وكان يخرج
في بعض الليل وينادي بأعلى صوته
: عجبت من الجنة كيف نام طالبها ؟
وعجبت من النار كيف نام هاربها ؟
ثم يقول : { أفأمن أهل القرى أن
يأتيهم بأسنا بياتا} وكان
يقول : ما أقبل عبد بقلبه إلى
الله ، إلا أقبل الله بقلوب
المؤمنين إليه ، حتى يرزقه ودهم
. -
أما الإمام أبو عمرو الأسود
بن يزيد النخعي فكان من رؤوس
العلم والعمل .ويضرب بعبادته
المثل .سئل الشعبي عنه فقال : كان
صواماً قواماً حجاجاً . وكان
يختم القرآن في رمضان في كل
ليلتين ، وكان ينام بين المغرب
والعشاء ، وكان يختم القرآن في
غير رمضان في كل ست ليال . قال عنه
علقمة بن مرثد: كان الأسود يجتهد
في العبادة ، ويصوم حتى يخضر
ويصفر ، فلما احتضر بكى ، فقيل
له : ما هذا الجزع ؟ فقال : مالي
لا أجزع ، والله لو أتيت
بالمغفرة من الله لأهمني الحياء
منه مما قد صنعت ، إن الرجل
ليكون بينه وبين آخر الذنب
الصغير فيعفو عنه ، فلا يزال
مستحييا منه . -
أما مُرّة الطيب الهمداني
الكوفيّ ، ويقال له : مرة الخير
لعبادته وخيره وعلمه ، فتابعيّ
روى عن أبي بكر وعمر وابن مسعود
رضي الله عنهم . يصفه
يحيى بن معين فيقول : بلغنا عنه
أنه سجد لله حتى أكل التراب
جبهته .وقال عطاء بن السائب :
رأيت مصلى مُرّة الهمداني مثل
مبرك البعير . كان همه العبادة
وقراءة القرآن والبحث عن حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم . -
أما أبو بحر الأحنف بن قيس
التميمي ، أحد السادة الأمراء
والحلماء ، ومن يُضرب بحلمه
المثل ، فإنه كان يكثر الصيام ،
فقيل له : إنك كبير ، والصوم
يضعفك . قال إني أعده لسفر طويل .
وعُرف عنه محاسبة النفس ، فقد
كان يقول : ما حملك يا أحنف على
أن صنعت كذا يوم كذا ؟. وذهبت
عينه فقال : ذهبت من أربعين سنة
ما شكوتها إلى أحد . -
أما شبيه الرسول صلى الله
عليه وسلم في صلاته فعمرو بن
الأسود العنسي الحمصي ، أدرك
الجاهلية والأسلام ، كان من
سادة التابعين دينا وورعا . حج ابن
الأسود ، فلما انتهى إلى
المدينة ، نظر إليه ابن عمر وهو
يصلي فسأل عنه ، فقيل : شامي يقال
له : عمرو بن الأسود ، فقال : ما
رأيت أحدا أشبه صلاة ولا هديا
ولا خشوعا ولا لبسة برسول الله
صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل
. ثم بعث
إليه ابن عمر بقرىً وعلف ونفقة ،
فقبل ذلك ورد النفقة . وقال
ابن عمر رضي الله عنهما : من سره
أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فلينظر إلى هدي
عمرو بن الأسود . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |