ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 29/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المقاومة والممانعة المفترى عليهما!

الطاهر إبراهيم*

في أدبيات الخصومة بين اثنين أو أكثر، فإن من يرتفع صوته في تهديد خصمه نادرا ما ينفذ تهديده. والناس تخاف من الخصم الذي لا يفصح عما سيفعل؟ إذ أنه قد ينطوي على عواطف تعتمل في داخله، ويخشى أن تنفجر هذه العواطف عملا عدوانيا في وجه الخصوم في أي لحظة، ولا يعرف أحد متى وكيف يكون؟ ما قدمناه يعتبر قضية بديهية يكاد لا يختلف عليها اثنان. ولسوء حظ الأنظمة العربية التي كانت تستعمل الصراخ في إعلامها لتروج لمبادئها أن المواطن العربي يدرك أمر تلك البديهية حق الإدراك.

استعملت الأنظمة العربية الثورية القمعية في النصف الثاني من القرن العشرين الوتيرة العالية في تأكيداتها أنها ستلقي بإسرائيل إلى البحر في أي معركة تنشب معها. في التطبيق العملي كانت هذه الأنظمة تخسر أرضا جديدة في كل حرب تخوضها ضد إسرائيل.

في أواخر تسعينات القرن العشرين أدركت الأنظمة القمعية عقم شعاراتها الثورية، فعملت على ركوب موجة المقاومة، التي هي في الأصل من عمل الشعوب والمنظمات. فجعلتها الأنظمة أهم شعاراتها لتزايد بها على الشعوب وفصائل المقاومة، ولتسحب البساط من تحت أقدامها. في لبنان برز حزب الله، كما برزت المقاومة الإسلامية حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، كفصلين مارسا المقاومة على الأرض ضد إسرائيل. وحققا نجاحات بارزة في تسعينيات القرن العشرين، توّجها حزب الله بالانتصار على إسرائيل وإرغامها على الانسحاب من جنوب لبنان في شهر أيار عام 2000، كما برزت حماس ندا قويا لمنظمة التحرير و"ياسر عرفات".

وإذا كانت المقاومة هي في الأصل ضد أمريكا التي كانت تدعم إسرائيل على طول الخط، فإن دولاً في المنطقة ركبت هذه الموجة كما قلنا، فزعمت لنفسها شرف الوقوف في وجه مخططات واشنطن، وبرز من هذه الدول سورية وإيران.

أما إيران التي زعمت أنها النصير الأقوى للمسلمين، وكانت تحرض دائما على مقاومة التوسع الإسرائيلي، فإنها ساعدت واشنطن جهارا نهارا وفتحت أجواءها أمام الطيران الأمريكي خلال اجتياح أفغانستان عام 2001 للقضاء على حكومة طالبان. وهو ما أكده "محمد خاتمي" رئيس جمهورية إيران، في معرض التذكير بأفضال طهران على واشنطن، التي قلبت ظهر المجن لطهران في معارضتها مشروعها النووي. كما أن إيران سمحت للفصائل الشيعية العراقية بأن تدخل الحرب –انطلاقا من إيران- إلى جانب واشنطن أثناء اجتياحها العراق في عام 2003 .

أما سورية، فقد حيل بينها وبين أن تزعم بأنها تقاوم واشنطن، بعد التنسيق المكشوف معها في لبنان خلال حكم "حافظ أسد". فقد وجد العهد الجديد أن الاستمرار على نهج الرئيس الراحل في العلاقة مع أمريكا غير ممكن بعد أن عملت واشنطن على استصدار قرار مجلس الأمن 1559 لعام 2004 الذي يرفض التمديد للرئيس اللبناني "إميل لحود" ضمن بنود أخرى.

هنا لابدّ من التوضيح: إذ أنه منذ تم توقيع معاهدة فك الاشتباك مع إسرائيل في هضبة الجولان المحتلة عام 1974 برعاية "هنري كيسنجر"، فقد التزمت دمشق التزاما حرفيا ببنود المعاهدة. فلم يطلق رصاصة واحدة خلال 34 عاما منذ توقيع المعاهدة وحتى الآن. فلا مسوغ –إذن- لمقولة أن سورية كانت تقاوم إسرائيل وأمريكا. بل إنها دخلت الحرب إلى جانب واشنطن ضد العراق في عام 1991، حيث أرسلت فرقة عسكرية سورية بقيادة اللواء "محمد حبيب" رئيس الأركان الحالي لتحارب الجيش العراقي جنبا إلى جنب مع الجيش الأمريكي.

بعد اغتيال الشهيد "رفيق الحريري" رئيس حكومة لبنان الأسبق، اتُّهِمَت دمشق في الضلوع فيه ،ما فرض على سورية الانسحاب من لبنان قسرا في نيسان 2005. فكان أن اخترع إعلاميون سوريون اسم "الممانعة"، وهم يعنون بها المقاومة السلبية، أي عدم الخضوع لإملاءات واشنطن في المنطقة. في هذا الوقت كانت دمشق تعمل من تحت الطاولة لإصلاح ذات البين بينها وبين واشنطن، لاستعادة حظوتها عندها كما كان الحال في عهد الرئيس الراحل.

العجيب الغريب أن أحزابا عربية قومية وأخرى إسلامية، كان يُضَيّق عليها في بلادها، وجدتها فرصة أن تصدق أن هناك ممانعة سورية ضد واشنطن، من دون أن تكلف نفسها استيضاح ما هي هذه الممانعة؟ وهل هي مما يؤكل أو يشرب؟ أم أنها مخلوق خرافي مما شاع ذكره خلال القرون الوسطى في الحكايات والقصص الخيالية؟ وإلاّ فكيف يفسر لنا هؤلاء كيف تستقيم هذه "الممانعة" مع سماح دمشق لأربعين عنصرا من (سي، آي، إي) الدخول إلى حلب للبحث عن آثار "محمد عطا" الزعيم المزعوم لأحداث 11 سبتمبر عام 2001؟

حزب الله قاوم إسرائيل في جنوب لبنان؟ نعم. وانتصر عليها؟ نعم. وصرح أمينه العام "حسن نصر الله" بأنه لن يلقي السلاح حتى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر؟ نعم. وحزب الله كان حليف سورية ويزعم أنها شريكته في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؟ نعم.

لكن حزب الله ابتداءً، كان يعرف أن الجولان أرضا سورية، ولم يتحرك فيها ساكن بعد توقيع معاهدة فك الاشتباك عام 1974؟ نعم. وأن "جحا لو كان يبني لبنى ديار أهله" كما يقول المثل

السوري اللبناني، فلو كان حزب الله يريدنا أن نصدق أن دمشق مع المقاومة لطالبها بفتح جبهة الجولان في وجه إسرائيل؟ على الأقل تخفف بعض الضغط على الفلسطينيين المحصورين بين أربعة جدران في غزة!

الأهم من ذلك، أن حزب الله لم يَفهْ بحرف واحد منددا بالمفاوضات غير المباشرة بين النظام السوري وبين إسرائيل في تركيا. ولم يقل لنا كيف تستقيم المقاومة ضد إسرائيل والمفاوضات المباشرة أو غير المباشرة معها؟

المراقبون السياسيون عجزوا عن تفكيك الأحجية التي تزعم أن إيران هي مع المقاومة وضد واشنطن. ثم تفتح أجواءها للطيران الأمريكي ليقصف أفغانستان؟

كما احتار هؤلاء المراقبون في تفسير مواقف الذين يهتفون لدولة الصمود والتصدي، "المقاومة الممانعة" سورية؟ وهي في نفس الوقت تسمح بدخول ال (سي، آي، إي) إلى حلب للتفتيش في آثار "محمد عطا"، كما تجري مفاوضات مع إسرائيل؟

ما نعرفه نحن أن هذا ادعاء للمقاومة والممانعة وليس تبنيا فعليا لهما على الحقيقة. هذا الإدعاء لا بد وأن يوقع سورية –على الأقل- في مطبات قد لا تعرف كيف تخرج منها. ولعل التفجير الذي حصل في دمشق يوم السبت في 27أيلول الجاري وأوقع عددا كبيرا من القتلى والجرحى أحد هذه المطبات.  

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ