ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بعض
جوانب الانهيار الأخلاقي
الأمريكي أ.د. محمد اسحق
الريفي تمر الولايات المتحدة بانهيار
أخلاقي كبير، فعلى صعيد النظام
القضائي، بلغت المفاسد
والانتهاكات في القضاء والحقوق
أكبر مما وصلت إليه في دول
العالم الثالث. فنظام
القضاء الأمريكي جائر ومعوج،
وأصبحت الولايات المتحدة، التي
كان يفر المظلومون إليها طلباً
للحرية، لا يأمن فيها مواطن ولا
أجنبي على نفسه وحقوقه
القانونية والقضائية. فقد وصل عدد السجناء في
الولايات المتحدة الأمريكية
إلى أكثر من 2 مليون سجين؛ بسبب
فساد النظام القضائي الأمريكي.
وبعبارة أخرى، يعيش خلف
القضبان في السجون الأمريكية
أكثر من شخص واحد من بين كل 150 من
المقيمين في الولايات المتحدة
الأمريكية. ومن
بين هؤلاء المسجونين 10000
بريئاً؛ تم إعدام عشرات منهم،
و50000 أجنبياً؛ منهم عرب
ومسلمون، ويزيد
هذا العدد عن عدد السجناء في دول
عديدة في العالم. والأرقام
أسوأ بالنسبة للأقليات، فيوجد
في السجون الأمريكية سجين أسود
من بين كل 36 سجيناً أمريكياً. وكما
ذكرت الإحصائيات الأمريكية،
فإن نسبة السجناء الأمريكيين
تزيد بثلاثين مرة عن نسبة
السجناء في الصين، التي دأبت
الولايات المتحدة على اتهامها
بانتهاك حقوق الإنسان! ومن المعلوم أن الولايات
المتحدة تمتلك أكبر سجن للأعمال
الشاقة في العالم، وأن نسبة
المساجين في الولايات المتحدة
يمثلون 25% من سجناء العالم. ولقد
أقامت الولايات المتحدة سجوناً
تحت الماء في المحيطات؛
لاستيعاب القوميات الأخرى عند
اللزوم، وأقامت سجوناً في عشرات
الدول العربية وغيرها؛ مثل سجن
أبو غريب في العراق، وسجن
غوانتانامو في كوبا. ويشير
ذلك إلى أن إدارة بوش تعمل على
عولمة السجون وما يدور في
أقبيتها المظلمة من جرائم
وانتهاكات لحقوق الإنسان! وما نشاهده من إجرام ووحشية في
سجني أبو غريب وغوانتانامو؛ من
ضرب وتعذيب واغتصاب يمارسه
الجندي الأمريكي، يحدث أيضاً في
السجون الأمريكية. وما
انتهاك الولايات المتحدة
للقانون الدولي إلا نتيجة لفساد
النظام القضائي الأمريكي
وانتهاك حقوق الأمريكيين
والزائرين لأرض الحرية
الأمريكية! التي لا يزال يتغنى
بها العرب في كل حين! لقد أصبح النظام القضائي في
الولايات المتحدة أداة قمع
وتهديد وإرهاب ورشوة في أيدي
الأغنياء والأقوياء، مما يوحي
بانهيار أخلاقي واسع الانتشار
في البنية القانونية والسياسية
للولايات المتحدة. وإذا
استطاع المواطن الأمريكي أن
يتخلص من عقوبة السجن، فإنه لن
يستطيع الإفلات من التبعات
المالية لعصابات المحامين،
الذين سقطوا في شرك القضاء
الأمريكي الفاسد، وأصبحوا
يتصرفون وفقاً لرغباتهم،
فيضطروا المواطن إلى بيع بيته
وأملاكه، لينفقها على هؤلاء
المحامين اللصوص. الأمر الآخر، الذي لا يقل أهمية
عن فساد النظام القضائي
والقانوني، هو أن اهتمام
البنتاغون بالجبهة الخارجية
أدى إلى إهمال الجبهة الداخلية
وإضعاف الحرس الوطني، والتفريط
بالأمن القومي؛ في ظل تزايد
التحذيرات الأمريكية للمواطنين
الأمريكيين بخطر ما يسميه بوش
"الإرهاب"، والخوف من
هجمات إرهابية على المنشآت
الحيوية في البلاد. لقد
قلص البنتاغون الحرس الوطني
والطائرات والقوة العسكرية
المكلفة بحماية الأمن القومي
الأمريكي من أي هجوم بعد أحداث
سبتمبر 2001م، وذلك لاستخدامها في
العراق وأفغانستان. وهذا
ما تم فعلاً؛ إذ إن 40% من الجيش
الأمريكي المحتل للعراق هو من
الحرس الوطني الأمريكي، وتسبب
ذلك في العجز عن إغاثة
المتضررين من الأعاصير المدمرة
مثل كاترينا. وبعبارة أخرى، حولت الإدارة
الأمريكية الجيش الأمريكي إلى
جهاز أمني يعمل لصالح شركات
متعددة الجنسيات تسعى للسيطرة
على مصادر الشعوب الأخرى
بالقوة، وما يقوم به الجيش
الأمريكي في العراق هو تجسيد
لهذا الأمر.
ودافع الضرائب
الأمريكي، الذي يدعم هذا الجيش
بماله الخاص، لن يكون الخاسر
الوحيد، فالشعب الأمريكي كله قد
خسر. وتعمل
الإدارة الأمريكية على تكوين
فرق عسكرية مزودة بأحدث الأجهزة
التكنولوجية، للقيام بأعمال
وقائية إستباقية في كل مكان في
العالم، بحيث يتم وصول هذه
الفرق إلى ميدان المعركة في أقل
من يومين. ويخطط
البنتاغون لاستخدام هذه الفرق
لشن هجمات إرهابية ومحاولة
تحطيم أي مقاومة للعدوان
الأمريكي. وذلك
يعني أن القوات الأمريكية سوف
تكون مجهزة ومعدة للاشتباك مع
عصابات ومجموعات، ولن تواجه أي
جيش في ظل النظام العالمي
المنهار. ويتجلى الأثر السيئ لهذا
التحول في الجيش في أن
البنتاغون سوف يقحم نفسه في
الشؤون المحلية، وأنه سيعمل على
قيام وجود عسكري له داخل
الولايات، وعندها لن يكون
للديمقراطية أي وجود حقيقي في
المجتمع الأمريكي. وسوف
يؤدي ذلك أيضاً إلى خلق ما يشبه
"حالة الطوارئ" التي
تُستخدم في دول العالم الثالث؛
حيث القمع والسجن ومصادرة كل
الحقوق دون حسيب أو رقيب. ومن
يعارض الحكومة الأمريكية يتعرض
للعقاب، الذي قد يؤدي إلى الفصل
من الوظيفة، أو عدم الحصول على
منح حكومية، أو الملاحقة
القضائية والقانونية، وفي
النهاية السجن. هذه هي الولايات المتحدة، أم
الشرور والطغيان، وصانعة
الإرهاب والاستبداد، وحامية
العصابات والمجرمين، ومرتع
الفساد والمفسدين. ولقد
آن الأوان لتسقط هذه
الإمبراطورية الشريرة، ويبشر
انهيار النظام المالي والأزمة
الاقتصادية الطاحنة بقرب هذا
السقوط، فهذه سنة الله في الأمم:
{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ
يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ
اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا
أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ
سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ
وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن
وَالٍ} (الرعد 11). ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |