ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"رأسمالية
جديدة" بعد سبتمبر 2008 عريب
الرنتاوي المبشرون بانهيار
الرأسمالية الوشيك، عليهم أن
يفصحوا عن شكل وهوية النظام
البديل الذي ستنتهي إليه
البشرية، فهل يكفي أن نقول أن
الرأسمالية انهارت، لتصبح
الاشتراكية هي البديل الذي
يتحضر للإطلالة برأسه
علينا؟...هل ثمة "بديل
اشتراكي" أصلا، وهل هناك قوى
وحواضن اجتماعية لنظام
كهذا؟...هل كانت خسارة
الاشتراكية للحرب الباردة
والمباراة الاقتصادية مجرد
"كبوة"، أم هزيمة
بنيوية؟. وإذا كان سقوط جدار
برلين قد أذن بسقوط الاشتراكية
كنظام كوني، فهل سيفضي انهيار
"وول ستريت" إلى سقوط
الرأسمالية كنظام كوني كذلك،
أية جدران ستسقط أيضا، وأية
جدران سترتفع؟....هل سقطت نظرية
نهاية التاريخ في طبعاتها
المختلفة: الماركسية
(الإمبريالية أعلى مراحل
الرأسمالية) والبرجوازية (الرجل
الأخير ونهاية التاريخ)، فضلا
بالطبع عن طبعات أخرى مختلفة
للنظرية ذاتها دينية (سلفية)
وهيغيلية وغيرها. لم تحن لحظة إعلان
موت الرأسمالية بعد، ولا ندري
ما إذا كانت لحظة كهذه ستحين
يوما، لكن الرأسمالية بعد
سبتمبر 2008، لن تكون كما كانت
عليه قبلها، والأرجح أن نظريات
حاكمة للنظام الرأسمالي (دعه
يعمل دعه يمر) و"اليد
الخفية" ستجري إعادة صياغتها
من جديدة، والأرجح لصالح دور
أعلى لـ"رأسمالية الدولة"
التي تعزز فرصها وحظوظها
عمليات التأميم الجزئي والكامل
الجارية والمقبلة لمنشآت وبنوك
عملاقة، ولصالح دور تنظيمي أعلى
للدولة في الحياة
الاقتصادية. والأرجح أن
التداعيات الاجتماعية الكارثية
للأزمة الاقتصادية العالمية،
ستفرض على "نظريات السوق"
بعدا اجتماعيا جديدا، ينتصر
للنموذج الألماني والاسكندنافي
على حساب النموذج الأمريكي
تحديدا، فالملايين من الناس
الذين أخذت الأزمة الاقتصادية
والمالية تلقي بهم إلى الشوارع،
سيشكلون عبئا على الأمن
والاستقرار والنظام، وستفرض
احتياجاتهم المتفاقمة، نفسها
على النظريات الاقتصادية
والاجتماعية الرائجة، ولن يكون
لرأس المال وحده، الكلمة
الفصل في تقرير مصائر البشرية
والاقتصاد العالمي. ومن الآن فصاعدا،
سيكون لمفاهيم من نوع "حوكمة
الشركات" و"مسؤوليتها
الاجتماعية" و"الحوار
الاجتماعي" و"المجالس
الاقتصادية والاجتماعية"
و"تمكين الفئات المهمّشة"
وغيرها، مكانة أعلى في الفكر
الاقتصادي والاجتماعي
العالمي، فالليبرالية
الاقتصادية غير المقيّدة وغير
المنضبطة إلا لقوانين السوق
وقواعده، ما عادت نظرية يمكن
الدفاع عنها طويلا. الرأسمالية كنظام
ونظرية وأنماط سائدة ومتفوقة،
تقف اليوم على المحك الأخطر في
تاريخها منذ القرن التاسع
عشر، وهي تسعى جاهدة في تصحيح
مسارها بنفسها، تماما كما فعلت
في أزمات سابقة لا تقل تفاقما
وخطورة، واعتمادا على
قوانينها هي بالذات، لكن من
المؤكد أن الرأسمالية التي
عرفنا لن تبقى على حالها، ولن
تبقى على حالها كذلك، توازنات
القوى بين مراكز الرأسمالية
العالمية، فالولايات المتحدة
التي بدأت زعامتها المتفردة
والمهيمنة على العالم
بالاهتزاز لٍأسباب سياسية
وإستراتيجية، تجد نفسها اليوم،
أمام خطر أشد فداحة على دورها
ومكانتها، ولأسباب تتعلق
باهتزاز دورها المالي
ومكانتها المالية، ما يفتح
الباب – ربما – لانتقال مركز
القرار العالمي إلى القارة
الآسيوية أو عودته إلى القارة
الأوروبية، أو توزعه على
القارات وهذا هو الأرجح. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |