ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
في غزوة تبوك (6) هوان
النفاق الدكتور
عثمان قدري مكانسي سار المسلمون بقيادة
النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى
تبوك ، حتى إذاكانوا ببعض
الطريق ضلت ناقته صلى الله عليه
وسلم ، فخرج أصحابه في طلبها ،
وعند رسول الله صلى الله عليه
وسلم رجل من أصحابه يُقال له (
عمارة بن حزم ، وكان عقـَبياً
بدرياً ( من أوائل من أسلم ، وهو
من أهل بيعة العقبة وأهل غزوة
بدر ) ، وكان في رحله ( تابعاً له
) زيد ُ بن الصلّيت
القينقاعي ، وكان منافقاً ، ولا
يدري عمارةُ بنفاقه . ولما كان عمارة عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال زيد بن الصليت لبعض من كان
معه : أليس محمد يزعم أنه نبي ،
ويخبركم خبر السماء ، وهو لا
يدري أين ناقته؟ . ويخبر جبريلُ عليه
السلام رسولَ الله صلى الله
عليه وسلم بما
قاله زيد وهو في رحل عمارة . ويقول النبي صلى الله
عليه وسلم لأصحابه – وعمارة
عنده - : إن رجلاً قال : هذا محمد
يخبركم أنه نبي ، ويزعم أنه
يخبركم بخبر السماء ، وهو لا
يدري أين ناقته. وإني – والله –
لا أعلم إلا ما علمني الله ، وقد
دلني الله عليها ، وهي في هذا
الوادي ، في شِعب كذا كذا ، وقد
حبسَتها شجرة بزمامها ،
فانطلقوا حتى تأتوني بها ،
فذهبوا فجاءوا بها فرجع عمارة إلى رحله
، فقال : والله لعجب من شيء
حدّثَناه رسول الله صلى الله
عليه وسلم آنفاً عن مقالة قائل
أخبره الله عنه بكذا كذا - يقصد
ما قاله زيد بن اللصيت – فقال رجل ممن كان في
رحل عمارة ، ولم يكن في حضرة
النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك
: زيد والله قال هذه
المقالة قبل أن تأتي . فاقبل عمارة على زيد
يجأ عنقه ( يطعنها ) ويقول : إليّ
عبادَ الله ؛ إن في رحلي لداهية
– وما أشعر؟! ... اخرج يا عدوّ
الله من رحلي ، فلا تصحبني ... إضاءة : 1-
المسلمون درجات في إيمانهم .
وفي فضلهم . ومن لحق بالإسلام في
بدايته ذاق حلاوته وأحب رسوله ،
فما عاد يتحمل فراقه والبعد عنه
. فترى هؤلاء الرجال – رضوان
الله تعالى عليهم – يغتنمون كل
لحظة سانحة ليكونوا قريباً من
الحبيب صلى الله عليه وسلم .
وعمارة منهم . ما إن يحل
المسلمون في مكان حتى تراه يسرع
إلى الحبيب يراه ويسمعه ، ويقضي
أوقاته في صحبته صلى الله عليه
وسلم ، قريباً منه . 2-
وترى المنافق وإن تكتّم على
نفاقه يكشف الله سره بكلمة
يقولها أو حركة تند عنه أو نظرة
غدر يلقيها . فالمنافق زيد بن
الصليت يفضح نفاقه حين يقول :
أليس محمد يزعم أنه نبي ،
ويخبركم خبر السماء ، وهو لا
يدري أين ناقته؟ وهو يتجاهل أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
بشر لا يعلم من الغيب إلا ما
يخبره الله تعالى به . وهذا ما
قاله النبي صلى الله عليه وسلم
بكل وضوح " . وإني – والله –
لا أعلم إلا ما علمني الله " . 3-
لما أخبر جبريل النبي صلى
الله عليه وسلم بما قاله
المنافق - والرسول بشر يتألم لما
لمثل هذا اللمز والغمز - يكرمه
الله تعالى بأن يزيد من رفعته في
قلوب أصحابه فيزداد إيمانهم
بهذا الرسول الكريم عليه الصلاة
والسلام إذ يخبره في تلك اللحظة
بمكان الناقة ، فيرسل بعض
أصحابه فيأتونه بها . 4-
ويتألم الصحابة رضوان الله
عليهم لمقولة المنافق – ولم يكن
النبي صلى الله عليه وسلم ليذكر
اسم المنافق الذي تفوّه بهذا
الهجر من القول لئلا يؤلب عليه
المسلمين ، فحسبُ ذلك المنافق
أن يبلغه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم علم بما قاله،
فيفكر ويتدبر ، عله يتوب إلى
الله ويسلم ... .. 5-
وكأن الله تعالى بعلمه
القديم أن
هذا المنافق قد طُمس على قلبه ،
يفضحه حين يعود عمارة إلى رحله
متألماً من تقوّل المنافق
وتخرّصه فيذكر مقالة المنافق في
رحله ، وكان في الرحل رجل مسلم
سمع مقالة زيد
في غياب عمارة ، فيكشف
المستور ، ويخبره أن زيداً صاحب
المقالة . 6-
يقبل عمارة على زيد يطرده من
رحله ، ويدفعه بعيداً عنه ،
ويشهّر به أمام الحاضرين ، فليس
لأهل النفاق حب في قلوب
المؤمنين ولا وُدٌّ ولا مكان
بينهم لأنهم أعداء لله ،
والمسلم يحب في الله ويعادي في
الله . ولا يكون الولاء والبراء
إلا في الله تعالى ، وليت
المسلمين يتأسّوْن بالسلف
الصالح فيحبون لله ، ويغضبون
لله . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |