ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  18/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قراءة في غزوة تبوك (8)

دور النفاق والمنافقين

الدكتور عثمان قدري مكانسي

خرج رهط من المنافقين مع رسول الله مهمتهم تخذيل المسلمين وتخويفهم من قتال الروم ، وبث الفرقة بينهم .

من بين هؤلاء ما ذكره ابن إسحاق في سيرته فقال :

كان رهط من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، ومخشّن بن حمير ، يشيرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم - يغمزون فيه – وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد ( قتال ) بني الأصفر ( الروم ) كقتال العرب بعضهم بعضاً ؟! ، والله لكأنا بكم غداً مقرّنين في الحبال : إرجافاً وترهيباً للمؤمنين .

فقال مخشّن بن حمير خائفاً أن يصل ما يقوله أصحابه من المنافقين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فينزل فيهم قرآن يفضحهم : والله ؛ لوددتُ أن أقاضى على أن يُضرب كل رجل منا مئة جلدة وأنّا نفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . وكان أقربهم إلى الفهم ، وأدناهم شفافية .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر ، أدركِ القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسَلْهم عمّا قالوا ، فإن أنكروا فقل: بلى ؛ قلتُم كذا وكذا .

فانطلق إليهم عمار، فقال لهم .

فأتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه فقال وديعة بن ثابت ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على ناقته ووديعة آخذ بحقّها ( بحزامها الذي يشد حقوها ) : يا رسول الله ؛ إنما كنا نخوض ونلعب .

فأنزل الله عز وجل " ولئن سألتَهم ليقولُنّ إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون " ؟!.

واعتذر مخشّن بن حمير ، فقال : يا رسول الله ؛ قعد بي اسمي واسم أبي ، وكأن الذي عفي عنه في هذه الآية مخشّن بن حمير في قوله تعالى " لا تعتذروا ؛ قد كفرتم بعد إيمانكم . إن نعفُ عن طائفة منكم نعذبْ طائفة بانهم كانوا مجرمين " ، فتسمّى عبدَ الرحمن ، وسأل الله تعالى أن يأخذه شهيداً لا يُعلم بمكانه ، فقتل يوم القيامة ، فلم يوجد له أثر .

إضاءة :

1-        للمنافقين دور مستمر في تثبيط المؤمنين والوسوسة لهم لصالح الأعداء ، وهم يستطيعون اختراق صفوف المسلمين بادعائهم الإسلام ، ويخالطونهم وينفثون سمومهم بينهم ، ويقومون بما لا يستطيع الأعداء الواضحون أن يقوموا به ، ولذلك كان المنافق أشد على الإسلام من صريح العداوة لأنه يتقي بلبوس الإسلام وهو يعمل جاهداً للقضاء عليه . فيلقون بين آونة وأخرى تساؤلات وجملاً قد تجد بين بعض المسلمين  آذاناً صاغية فتفت في عضدهم  ، وتبذر الشكوك والخوف في نفوس بعضهم .  مثال ذلك ما قاه المنافقون  : أتحسبون جلاد  بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً ؟!

             ، والله لكأنا بكم غداً مقرّنين في الحبال.

2-        قد يعود بعض هؤلاء إلى رشدهم ويتمنون لو كانوا مسلمين ، ولا يريدون الفضيحة ويتمنون أن تنزل بهم مصيبة أو تنالهم عقوبة ولا أن يُفتضحوا . ومثال ذلك ما قاله مخشّن : والله ؛ لوددتُ أن أقاضى على أن يُضرب كل رجل منا مئة جلدة وأنّا نفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . فالعربي القح لا يرضى لنفسه الصغار ولو خالف الناس فيما يعتقدون . وفي هؤلاء خير ينبغي للداعية أن يوظفه ليرفع صاحبه إلى الحق ويدله على طريق الهدى والرشاد .

3-        وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ، ألم  يمدحه رب العزة قائلاً : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رؤوف رحيم " ؟

فمن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين أن جبريل عليه السلام حين أخبره بما قال هؤلاء أرسل إليهم عمار بن ياسر وهو يقول له : " أدركِ القوم ، فإنهم قد احترقوا " ، وهذا القول كناية عن المآل المخيف الذي يؤول إليه من سخر من الإسلام وأهله ، ولم يكن لهم بل عليهم .

4-        وانظر إلى طريقة التقرير الرائعة حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عماراً أن

يسألهم ما نطقوا به ، فإن نكروا ذلك فجأهم بما قالوه فأبلسوا واعترفوا . " فسَلْهم عمّا قالوا ، فإن أنكروا فقل: بلى ؛ قلتُم كذا وكذا .

فانطلق إليهم عمار، فقال لهم .

 

5-        من ظل من المنافقين على نفاقه وملأ الظلام قلبه نراه  يقدّم اعتذاراً كانت الخطيئة فيه أقرب من الاعتذار، فهو لسفاهته وكفره يعتذر أنه كان يلهو ويمزح ، وهل يلهو العاقل بما يغضب الله ورسوله ويخرجه من الملة ؟ وما أكثر هؤلاء في زماننا ، فهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، وقد يصلـّون معنا ، لكنهم سادرون في الخطيئة والإثم ويكابرون ، فينكرون ولا يعترفون بخطئهم .

6-        وما أجمل أن يتوب الإنسان ويعترف بخطئه ويرجو الله أن يعفو عنه ويهديه السبيل القويم ، فهذا مخشّن الذي قال : يا رسول الله ما ترى ممن كان اسمه واسم أبيه دليلين على الغلظة والغباء؟  فأنا مخشّن وأبي حمير !!! وللإنسان من اسمه نصيب – كما يقولون - يا رسول الله أتوب إلى الله ، مما قلت ، وأرجو مغفرته فاعف عني واسألِ الله لي المغفرة والتوبة ... يا رسول الله ؛ غيّر اسمي  . فسماه رسول الله عبدَ الرحمن . ولحسن توبته سأل الله عز وجل أن يموت شهيداً لا يُعلم بمكانه ، فأجاب الله دعاءه وقبله شهيداً . فطوبى له هذه النهاية السعيدة .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ