ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
في غزوة تبوك (8) دور
النفاق والمنافقين الدكتور
عثمان قدري مكانسي خرج رهط من المنافقين
مع رسول الله مهمتهم تخذيل
المسلمين وتخويفهم من قتال
الروم ، وبث الفرقة بينهم . من بين هؤلاء ما ذكره
ابن إسحاق في سيرته فقال : كان رهط من المنافقين
منهم وديعة بن ثابت ، ومخشّن بن
حمير ، يشيرون إلى النبي صلى
الله عليه وسلم - يغمزون فيه –
وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم
لبعض : أتحسبون جلاد ( قتال ) بني
الأصفر ( الروم ) كقتال العرب
بعضهم بعضاً ؟! ، والله لكأنا
بكم غداً مقرّنين في الحبال :
إرجافاً وترهيباً للمؤمنين . فقال مخشّن بن حمير
خائفاً أن يصل ما يقوله أصحابه
من المنافقين إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ، فينزل فيهم
قرآن يفضحهم : والله ؛ لوددتُ أن
أقاضى على أن يُضرب كل رجل منا
مئة جلدة وأنّا نفلت أن ينزل
فينا قرآن لمقالتكم هذه . وكان
أقربهم إلى الفهم ، وأدناهم
شفافية . وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لعمار بن ياسر ،
أدركِ القوم ، فإنهم قد احترقوا
، فسَلْهم عمّا قالوا ، فإن
أنكروا فقل: بلى ؛ قلتُم كذا
وكذا . فانطلق إليهم عمار،
فقال لهم . فأتَوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعتذرون إليه
فقال وديعة بن ثابت ورسول الله
صلى الله عليه وسلم واقف على
ناقته ووديعة آخذ بحقّها (
بحزامها الذي يشد حقوها ) : يا
رسول الله ؛ إنما كنا نخوض ونلعب
. فأنزل الله عز وجل
" ولئن سألتَهم ليقولُنّ إنما
كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله
وآياته ورسوله كنتم تستهزئون
" ؟!. واعتذر مخشّن بن حمير
، فقال : يا رسول الله ؛ قعد بي
اسمي واسم أبي ، وكأن الذي عفي
عنه في هذه الآية مخشّن بن حمير
في قوله تعالى " لا تعتذروا ؛
قد كفرتم بعد إيمانكم . إن نعفُ
عن طائفة منكم نعذبْ طائفة
بانهم كانوا مجرمين " ،
فتسمّى عبدَ الرحمن ، وسأل الله
تعالى أن يأخذه شهيداً لا يُعلم
بمكانه ، فقتل يوم القيامة ، فلم
يوجد له أثر . إضاءة : 1-
للمنافقين دور مستمر في
تثبيط المؤمنين والوسوسة لهم
لصالح الأعداء ، وهم يستطيعون
اختراق صفوف المسلمين بادعائهم
الإسلام ، ويخالطونهم وينفثون
سمومهم بينهم ، ويقومون بما لا
يستطيع الأعداء الواضحون أن
يقوموا به ، ولذلك كان المنافق
أشد على الإسلام من صريح
العداوة لأنه يتقي بلبوس
الإسلام وهو يعمل جاهداً للقضاء
عليه . فيلقون بين آونة وأخرى
تساؤلات وجملاً قد تجد بين بعض
المسلمين آذاناً
صاغية فتفت في عضدهم
، وتبذر الشكوك والخوف في
نفوس بعضهم .
مثال ذلك ما قاه المنافقون
: أتحسبون جلاد
بني الأصفر كقتال العرب
بعضهم بعضاً ؟!
، والله لكأنا بكم غداً
مقرّنين في الحبال. 2-
قد يعود بعض هؤلاء إلى رشدهم
ويتمنون لو كانوا مسلمين ، ولا
يريدون الفضيحة ويتمنون أن تنزل
بهم مصيبة أو تنالهم عقوبة ولا
أن يُفتضحوا . ومثال ذلك ما قاله
مخشّن : والله ؛ لوددتُ أن أقاضى
على أن يُضرب كل رجل منا مئة
جلدة وأنّا نفلت أن ينزل فينا
قرآن لمقالتكم هذه . فالعربي
القح لا يرضى لنفسه الصغار ولو
خالف الناس فيما يعتقدون . وفي
هؤلاء خير ينبغي للداعية أن
يوظفه ليرفع صاحبه إلى الحق
ويدله على طريق الهدى والرشاد . 3-
وهكذا كان النبي صلى الله
عليه وسلم ، ألم
يمدحه رب العزة قائلاً : "
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز
عليه ما عنتّم ، حريص عليكم ،
بالمؤمنين رؤوف رحيم " ؟ فمن رحمته صلى الله
عليه وسلم بالمؤمنين أن جبريل
عليه السلام حين أخبره بما قال
هؤلاء أرسل إليهم عمار بن ياسر
وهو يقول له : " أدركِ القوم ،
فإنهم قد احترقوا " ، وهذا
القول كناية عن المآل المخيف
الذي يؤول إليه من سخر من
الإسلام وأهله ، ولم يكن لهم بل
عليهم . 4-
وانظر إلى طريقة التقرير
الرائعة حيث أمر الرسول صلى
الله عليه وسلم عماراً أن يسألهم ما نطقوا به ،
فإن نكروا ذلك فجأهم بما قالوه
فأبلسوا واعترفوا . " فسَلْهم
عمّا قالوا ، فإن أنكروا فقل:
بلى ؛ قلتُم كذا وكذا . فانطلق إليهم عمار،
فقال لهم . 5-
من ظل من المنافقين على
نفاقه وملأ الظلام قلبه نراه
يقدّم اعتذاراً كانت
الخطيئة فيه أقرب من الاعتذار،
فهو لسفاهته وكفره يعتذر أنه
كان يلهو ويمزح ، وهل يلهو
العاقل بما يغضب الله ورسوله
ويخرجه من الملة ؟ وما أكثر
هؤلاء في زماننا ، فهم من جلدتنا
ويتكلمون بألسنتنا ، وقد
يصلـّون معنا ، لكنهم سادرون في
الخطيئة والإثم ويكابرون ،
فينكرون ولا يعترفون بخطئهم . 6-
وما أجمل أن يتوب الإنسان
ويعترف بخطئه ويرجو الله أن
يعفو عنه ويهديه السبيل القويم
، فهذا مخشّن الذي قال : يا رسول
الله ما ترى ممن كان اسمه واسم
أبيه دليلين على الغلظة
والغباء؟ فأنا
مخشّن وأبي حمير !!! وللإنسان من
اسمه نصيب – كما يقولون - يا
رسول الله أتوب إلى الله ، مما
قلت ، وأرجو مغفرته فاعف عني
واسألِ الله لي المغفرة والتوبة
... يا رسول الله ؛ غيّر اسمي
. فسماه رسول الله عبدَ
الرحمن . ولحسن توبته سأل الله
عز وجل أن يموت شهيداً لا يُعلم
بمكانه ، فأجاب الله دعاءه
وقبله شهيداً . فطوبى له هذه
النهاية السعيدة . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |