ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كلمات
في القرآن (13) (النظر) الدكتور
عثمان قدري مكانسي نجدُ في مختار
الصحاح قوله : النَّظَر
والنَّظَرَانُ بفتحتين :
تَأَمُّل الشَّيْءِ بالعَيْن.
وقد نَظَر إلى الشَّيْءِ…
والنَّظَر أيضاً : الانتِظار
يقال : نَظَره يَنْظُره بالضم
نَظَراً. ويقال للعَين
النَّاظِرة. والنَّاظِرُ
الحافِظُ. والنَّظِرة بكسر
الظاء التأخير. وأَنْظَرَه
أَخَّرَه. واسْتَنْظَرَه
اسْتَمْهَلَه. و تَنَظّره
تَنَظُّراً انْتَظَره في
مُهْلَةٍ. وفي لسان العرب
قوله : النَّظَر حِسُّ العين
. نَظَره يَنْظُره نَظَراً
ومَنْظَراً ومَنْظَرة ونَظَر
إِليه وتقول نَظَرت إِلى كذا
وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر
القلب . ويقول القائل
للمؤمَّل يرجوه إِنما نَنْظُر
إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما
أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك . والنَّظَر
تأَمُّل الشيء بالعين ، وقوله
عز وجل وأَغرقنا آل فرعون
وأَنتم تَنظُرون قال أَبو إِسحق
قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم
يغرَقون . والنَّظَرُ الانتظار
ويقال نَظَرْتُ فلاناً
وانْتَظَرْتُه بمعنى .وانْظُرُونا
نَقْتَبِسْ من نُوركم :
انْتَظِرُونا . وفي القرآن من هذه
المعاني وغيرها أو مما يُشتق
منها الوفر الكثير ، فهلم إلى
القرآن . من
ذلك : 1-
الرؤية : في
قوله تعالى : " وجوه
يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة
" وهي نظرة حب وإجلال وتعظيم .
ومن الرؤية قوله تعالى في وصف
البقرة " إنها
بقرة صفراء فاقع لونها تسر
الناظرين " وفي المعنى
نفسه في سورة الأعراف " ونزع
يده فإذا هي بيضاء للناظرين "
ومن الرؤية قوله تعالى على لسان
موسى عليه السلام في سورة
الأعراف " قال
رب أرني أنظر إليك ، قال لن
تراني ، ولكن انظر إلى الجبل فإن
استقر مكانه فسوف تراني ..."
. 2-
نظرة الخوف :
في قوله تعالى في سورة التوبة :
" وإذا ما أنزلت
سورة نظر بعضهم إلى بعض : هل
يراكم من أحد ثم انصرفوا .. "
فهم يخافون أن تنزل على الرسول
صلى الله عليه وسلم سورة تنبئه
بما في قلوب المنافقين فتفضحهم
، وتفضح نفاقهم . وكذلك في سورة
الأحزاب " فإذا
جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك
تدور أعينهم .. " نظر
الخائف المستسلم . وفي سورة
الشورى يصور القرآن خوفهم من
النار " ينظرون
من طرف خفيّ " ونجد خوف
المنافقين من القتال في سورة
محمد صلى الله عليه وسلم " ...
رأيت الذين في قلوبهم مرض
ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه
من الموت ..." . 3-
نظرة
الاستسلام والخضوع : في قوله
تعالى في سورة الصافات " فإنما
هي زجرة واحدة ، فإذا هم ينظرون "
وفي قوله تعالى في البقرة " فأخذتكم
الصاعقة ، وأنتم تنظرون "
ونرى الاستسلام واضحاً في سورة
الواقعة " فلولا
إذا بلغت الحلقوم ، وأنتم حينئذ
تنظرون " ونجد مع الخوف
والفزع الاستسلام حين يرون
النار من طرف أعينهم ، ولا
يجرؤون على النظر إليها ،
ويستسلمون لمصيرهم المرعب الذي
يقذفهم في النار بين لحظة وأخرى
، إنها لحظات رهيبة والله رهيبة
" وتراهم
يُعرضون عليها خاشعين من الذل ،
ينظرون من طرف خفيّ " . 4-
نظرة
التأمل والتدبر : في قوله تعالى
في سورة الصافات يصف نظرة
التفكر والتدبر " فنظر
نظرة في النحوم ، فقال إني سقيم "
وكذلك نجد هذه النظرة في قوله
تعالى في سورة الحشر " يا
أيها الذين آمنوا ؛ اتقوا الله
ولتنظر نفس ما قدّمت لغد "
والعاقل هو الذي يحسب حساب الغد
الآتي . ونرى مثاله أيضاً في
سورة عبس " فلينظر
الإنسان إلى طعامه ، أنا صببنا
الماء صباً ، ثم شققنا الأرض
شقاً ..." فمن تأمل وبحث
وصل إلى وجود الله ووحدانيته ،
وأنه – سبحانه - الآمر الناهي
يفعل ما يشاء . كذلك في سورة
الطارق " فلينظر
الإنسان ممّ خلق؟ خُلق من ماء
دافق ، يخرج من بين الصلب
والترائب ، إنه على رجعه لقادر ..
" وهناك دعوات في المسير
في الأرض والنظر المتأمل
المتفكر في الأعراف ،ويوسف ،
والروم ، وفاطر، وغافر ، ومحمد ،
تبدأ بقوله : أفلم يسيروا ؟
مثالها في يوسف
" أفلم
يسيروا في الأرض فينظروا كيف
كان عاقبة الذين من قبلهم ،
ولدار الآخرة خير للذين آمنوا ..
" . 5-
نظرة
المعاينة : في قوله تعالى في
البقرة " فأنجيناكم
، وأغرقنا آل فرعون وأنتم
تنظرون " يرون الأمر
ويشاهدونه . ونجد في سورة يونس
المعاينة وتقليب الأمر " ثم
جعلناكم خلائف في الأرض لننظر
كيف تعملون " ونجد
المعاينة للأدلة في قوله تعالى
يخاطب موسى عليه السلام " ولكن
انظر إلى الجبل ، فإن استقر
مكانه فسوف تراني " وقول
سليمان للهدهد حين بعثه برسالته
إلى مملكة سبأ وملكتها بلقيس
" فألقِهْ
إليهم ، ثم تولّ عنهم ، فانظر
ماذا يرجعون ؟ " وكذلك نرى
المعاينة في قوله تعالى في سورة
يونس " قل
انظروا ماذا في السموات والأرض "
إنها نظرات ولمسات لا يراها إلا
القلب السليم . 6-
نظرة
التعجب : وغالب التعجب من كفر
الكافرين واستكبارهم عن الحق ،
مثال ذلك في سورة الإسراء في
قوله تعالى " انظر
كيف ضربوا لك الأمثال ، فضلوا ،
فلا يستطيعون سبيلاً "
فالكفار يتهمون النبي صلى الله
عليه وسلم تارة بالكهانة وتارة
بالسحر وأخرى بالكذب ورابعة
بالشعر ، وكلامهم عجيب لا ينبغي
أن يصدر عن رجال يعقلون . وفي
المائدة تعجب واضح من فسادهم
وكفرهم " انظر
كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى
يُؤفكون " والتعجب من ضرب
الأمثال مرة أخرى في سورة
الفرقان " انظر
كيف ضربوا لك الأمثال ، فضلوا
فلا يستطيعون سبيلاً " ثم
انظر متعجباً من الاستمرار على
ضلالهم بعدما رأوا الآيات في
سورة الأنعام " انظر
كيف نصرف لهم الآيات ثم هم
يصدفون " 7-
نظرة
الانتظار : قوله تعالى في سورة
الذاريات في نهاية قوم صالح " فعتوا
عن أمر ربهم ، فأخذتهم الصاعقة
وهم ينظرون " وَذَلِكَ
أَنَّهُم اِنْتَظَرُوا
العَذَاب ثلاثة أَيَّام
فَجَاءَهُمْ فِي صَبِيحَة
الْيَوم الرَّابِع بُكرَةَ
النَّهَار. وكان انتظارهم
تحدياً ، فنالوا عقاباً
يستحقونه على كفرهم وعنادهم .
ونجد هذا المعنى في قوله تعالى
في سورة البقرة " يا
أيها الذين آمنوا ؛ لا تقولوا
راعنا ، وقولوا انظرنا ،
واسمعوا .."
بعض المفسرين قالوا هي من
الرؤية والانتظار والتأني كذلك
. وكقوله في سورة الحديد على
لسان المنافقين يخاطبون
المؤمنين " انظرونا
نقتبس من نوركم " ولا نور
في ذلك اليوم إلا للمؤمنين ،
ونرى معنى الانتظار في قوله
تعالى في سورة فاطر " فهل
ينظرون إلا سنة الأولين "
وهي عقوبة الله لهم على تكذيبهم
رسله ومخالفتهم أمره . ومن معنى
الانتظار قوله تعالى في سورة
الأحزاب " يا
أيها الذين آمنوا لا تدخلوا
بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى
طعام غير ناظرين إناه " لا
دخول إلى بيوت النبي صلى الله
عليه وسلم إلا إجابة لدعوة أو
وليمة ، ولا بأس أن ينتظر
المسلمون في بيته نضج الطعام
واستواءه .....
ثم يأكلون وينصرفون غير
منتظرين ، ولا يتأخرون . 8-
نظرة
الاختبار كقوله تعالى في سورة
النمل الآية 27 " سننظر
أصدقتَ أم كنت من الكاذبين
" فهو يختبر الهدهد حين جاءه
بخبر بلقيس وقومها
. وكذلك نجد معنى الاختبار
في السورة نفسها الآية 41 " قال
نكروا لها عرشها ننظر
أتهتدي أم تكون من الذين لا
يهتدون " وسألها عن عرشها
بعد أن أراها إياه وقد جاء به
مَن عنده علم من الكتاب يختبر
ذاكرتها وذكاءها ... ونجد
اختبار الصبر والإيمان لبني
إسرائيل على لسان موسى " قال
عسى ربكم أن يهلك عدوّكم
ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف
تعملون " . 9-
نظرة
الدهشة والانبهار : نجدها في
قوله تعالى في سورة الزمر في
قوله تعالى يصف المشركين حين
يُنفخ في الصور " ثم
نُفخ فيه أخرى فإذا هم قيام
ينظرون "
فيعلمون الحقيقة – إذ ذاك -
ويندمون حين لا ينفع الندم .
ونجد المعنى نفسه في سورة
الصافات في قوله تعالى " فإنما
هي زجرة واحدة ، فإذا هم قيام
ينظرون " وقد عقدت
المفاجأة ألسنتهم ، وعلموا أنهم
خسروا أنفسهم إذ كذّبوا بآيات
الله . 10-
نظرة
التهديد والتوبيخ : من أمثلة ذلك
قوله تعالى يوبخ الكافرين
الصادّين عن سبيل الله
في سورة المائدة " انظر
كيف نبين لهم الآيات ، ثم انظر
أنّى يُؤفكون " وقوله
تعالى في سورة الأنعام " انظر
كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم
ما كانوا يفترون " وقوله
تعالى في السورة نفسها " انظر
كيف نصرّف الآيات ثم هم يصدفون
" فهناك بيان للآيات وتصريف
واضح للأمور ، والكافرون صادون
عن سبيل الله كافرون برسالاته .
وأشد من ذلك أن الله تعالى يغضب
على الكافرين غضباً شديداً
والدليل على هذا في سورة آل
عمران أن الجليل يخزيهم " ولا
يكلمهم ، ولا ينظر إليهم يوم
القيامة " . 11-
نظرة
التأخير في قوله تعالى في سورة
الأحزاب " يا
أيها الذين آمنوا لا تدخلوا
بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى
طعام غير ناظرين إناه "
فلا تتأخروا في بيت النبي صلى
الله عليه وسلم بعد الأكل . ومن
التأخير قوله تعالى في إنظار
المعسر - الآية
من سورة البقرة - " وإن
كان ذو عسرة فنَظِرة إلى ميسرة
" فيؤخر الدائن المدين المعسر
في السداد إلى وقت اليسر
والمقدرة . 12-
نظرة
البهجة والسرور في قوله تعالى
في الآية 23 من سورة المطففين يصف
وجوه المؤمين السعداء في الجنة
" إن الأبرار
لفي نعيم على الأرائك ينظرون
تعرف في وجوههم نضرة النعيم "
وانظر معي إلى المؤمنين يتمتعون
وبتهجون في جنة الرحمن في الآية
35 من السورة نفسها " ...
من الكفار يضحكون ، على الأرائك
ينظرون " 13-
نظرة
المعرفة واليقين بالأمر : في
قوله تعالى في سورة النبأ " يوم
ينظر المرء ما قدمت يداه "
ويعلم علم اليقين أنه هالك لا
محالة . ومن نظرة العلم واليقين
كذلك قوله تعالى في سورة البقرة
" هل ينظرون إلا
أن يأتيهم الله في ظلل الغمام
" والمعنى نفسه نجده في سورة
الأنعام في قوله تعالى " هل
ينظرون إلا أن يأتيهم الملائكة
أو يأتي ربك " فيعلمون
أن تكذيبهم للرسل وصدهم عن دعوة
الحق قد أرداهم في جهنم ، فلا
نجاة ولا محيص عن ذلك ... ونجد
نظرة العلم واليقين في سورة
الأنفال ، فبعض
المسلمين لا يرغبون بالقتال
وبجادلون في ذلك ، فعبر القرآن
عن هذا بقوله تعالى " كأنما
يُساقون إلى الموت ، وهم ينظرون "
ولم يكن هذا لا ئقاً بهم . 14-
نظرة
الاحتقار للكفر وأهله في قول
موسى عليه السلام للسامري في
سورة طه " وانظر
إلى إلهك الذي ظلْتَ عليه
عاكفاً لنحرّقنه ثم لننسفنّه في
اليمّ نسفاً " وتصور درجة
الاحتقار بتحريق الإله المزعوم
ونسف رماده في البحر أمام أعين
عابديه . ونجد معنى
الاحتقارنفسه في قوله تعالى يصف
إغراق قوم فرعون بكلمة (النبْذ)
في قوله تعالى في سورة القصص "
فنبذناهم في اليم
، فانظر كيف كان عاقبة الظالمين "
. 15-
وأخيراً
نظرة الاستشارة والاستئمار بين
إبراهيم وولده إسماعيل حين أمره
الله تعالى في المنام بذبحه " يا
بنيّ إني أرى في المنام أنّي
أذبحك ، فانظر ماذا ترى؟ "
إنها كلمة قالها لإعلامه فقط ،
ولن يأخذ برأيه إن خالف ، فأمر
الله لا بد منه . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |