ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عمالقة
العصور المعاصرون! ماجد
زاهد الشيباني العملقَة أنواع،
ودرجاتها كثيرة، وأصنافها
شتّى، ويتوزّع عليها العمالقة،
كلّ حسب طبيعته وملكاته
ومؤهلاته! ولن نحصيها كلها..
حسْبنا منها نماذج، تعبّر عن
شرائح واسعة من البشر، الساسة،
وغيرهم! فمِن أهمّ أنواع
العمالقة، وأعظمهم قيمة،
وأثراً وخطراً: 1) عمالقة التضحية
والإيثار: هؤلاء عمالقة عظماء!
ومن أروع مظاهر عظمتهم، أنهم لا
يعرفون مقدار عظمتهم! ربّما كان
كل منهم يعلم أنه عظيم، لكنه لا
يعرف مقدار العظمة لديه! وهم
أصناف، منهم: * الذين يتركون
عيوبهم وأخطاءهم وعوراتهم،
غافلين عنها، أو متغافلين..
ليشغلوا أنفسهم بالحديث عن عيوب
الآخرين، وأخطائهم وعوراتهم!
فهم، بذلك، يضحّون بأوقاتهم،
وجهود عقولهم وألسنتهم.. لتبيان
ما لدى غيرهم من عيوب وأخطاء،
بحاجة إلى إصلاح.. ومن عورات
بحاجة إلى ستر.. وهذه إحدى درجات
هذا الصنف! * أمّا الدرجة
الثانية، الأرقى، فهي درجة
الذين ينشغلون عن عيوبهم،
الضخمة جداً، بالحديث عن عيوب
الآخرين، الصغيرة، أو الصغيرة
جداً، أو حتّى التي يتوهّمونها
عيوباً، وهي ليست في حقيقتها
كذلك.. أو حتّى التي يزعمونها،
عامدين، عيوباً، أو يلفّقونها،
إذا لم يجدوها.. وذلك كي
ينشغلوا، بالحديث عنها، وعن
ضرورة إصلاحها! وقد يقترح
بعضهم، أساليبَ معينة،
لإصلاحها! وقد يكفّ بعضهم عن
الاهتمام بطرق الإصلاح، تاركاً
مهمّة ذلك، لأصحاب الشأن
أنفسهم، مكتفياً بالأجر الذي
ناله، من الدلالة على العيب،
وتشخيصه! * وأمّا عناصر الدرجة
الثالثة، من هذا الصنف.. فهم
أولئك الذين انشغلوا عن
أحوالهم، بأحوال العباد، وعن
أمراضهم وعللهم، وعاهاتهم
النفسية والبدنية، في أنفسهم
وأهليهم.. بأمراض الآخرين
وعللهم، وعاهاتهم النفسية
والبدنية! وقد يكون لدى أحد
هؤلاء العمالقة، من العلل
والعاهات، ما يحتاج إلى استهلاك
عمره كله، في متابعته والسعي
إلى إصلاحه! فيتركه، وينشغل
بعلّة، أو عاهة، بسيطة.. لدى
جار، أو صديق، أو زميل.. يتندّر
بها، أو يَسخر من صاحبها الذي
ابتلي بها! * ويلحق بهذا الصنف،
صنف المضحّين المتفلسفين،
الذين إذا ذكِّروا بعاهاتهم
وعللهم، الخطيرة أو الكبيرة،
التمسوا لأنفسهم أعذاراً
بشأنها، أو هوّنوا من أمرها،
وقلّلوا من أهميّتها، بالقياس
إلى ما ابتلي به الشخص الذي
يتحدّثون عن علته! أو نَسبوا ما
ابتُلوا به، إلى إرادة الله
وحكمته وابتلائه.. دون أن
يتذكّروا أن من ابتلاهم، هو من
ابتلى صاحبَهم، الذي شَغلوا
أنفسهم بالحديث عن ابتلائه،
والتندّر به! ولا ننسى أن نذكّر
بأن هذا النوع من العمالقة،
موجود على مرّ العصور، وفي
المجتمعات كلها، بسائر مِللها
ونِحلها ودولِها! 2) عمالقة الإبداع
والابتكار، في مجال تضخيم الذات
وتمجيدها: وهذا النوع يندرج في
أصناف شتّى، كذلك.. منها: * صنف الذين جعلوا
همّهم الأول، في حياتهم، هو
تمجيد ذواتهم، في كل شيء، وفي كل
حركة، أو سلوك، أو كلمة.. وفي كل
مجال من مجالات الحياة، من أكل
وشرب، ونوم ومسكن وملبس، وسفر
وإقامة..! بَيدَ أن إحساس أحدهم
بعظمة ذاته، بشكل واضح، لا يتمّ
له، إلاّ إذا هوّن من شأن
الآخرين، ومن أهمّيتهم، ومن
قدرهم.. في أيّ ميدان من ميادين
المقارنة، أو الموازنة، بينه
وبين أيّ منهم! فحيث ارتفَع هو،
لا بدّ أن ينخفض الآخرون، وحيث
عَـلم، لا بدّ أن يَجهل
الآخرون، وحيث بَرز ذكاؤه
وحصافته، لا بدّ أن يبرز غباء
الآخرين وحماقتهم! * ويندرج في هذا
الصنف، صنف الذين صَرفوا همّهم،
إلى النيل من مقدّسات الآخرين،
لاسيّما في مجال العقائد! فهم
يتهجّمون على الأنبياء والرسل
والأديان.. بجرأة عجيبة،
لا يراعون فيها حقاً لصاحب
عقيدة، في احترام عقيدته.. ولا
حقاً لذي رأي، في احترام رأيه!
ويتباهى هؤلاء، بأنهم أصحاب فكر
حرّ، واع عاقل مستنير.. ليسوا
جَهلة، ولا متخلفين! وبأنهم
مثقّفون متحضّرون متمدّنون!
وإذا ذكّروا بأن مِن أبرز مظاهر
التحضّر، احترام مشاعر
الآخرين، وعقولهم وآرائهم
ومعتقداتهم.. ازدادوا عنفاً
وشراسة، وأوغلوا في (الرقيّ
الخلقي.. والعظمة الإنسانية!)
إلى درجة أنهم لا يرون أحداً في
العالم سواهم! وهنا، ينتقل
هؤلاء، أو بعضهم.. إلى الصنف
الآخر الآتي: * صنف المتطاولين على
الله، الذين يرون عظمتهم لا
تكتمل، إلاّ إذا تجرأوا على
عظمة الله.. وحكمتهم لا تتمّ،
إلاّ إذا نالوا من حكمة الله!
بل.. وجودهم لا يتحقّق، إلاّ
بإنكار وجود الله! وهنا، يرون
أنهم يبلغون أعلى درجة من درجات
العملقة! وإذا ذكِّروا بأن هذا
النوع من التطاول على الله، ومن
إنكار وجوده.. ليس جديداً من
ابتكارهم، بل هو قديم جداً،
وجِد في بيئات شديدة التخلّف،
كان بعض الناس فيها يقولون (ما
هي إلاّ حياتنا الدنيا نَموتُ
ونَحيا وما يهلكُنا إلاّ الدهر..
).. إذا ذكِّروا بقِدم هذه
العبقرية، التي ينسبونها إلى
أنفسهم.. لوّوا رؤوسهم، وقالوا:
لكن أولئك القدماء، كانوا
سذّجاً متخلّفين، لا يعرفون
معاني الإيديولوجيات الحديثة،
وما توصّل إليه العلم الحديث،
من أسرار عن خلق الإنسان.. ولم
يصعدوا إلى القمر أو المريخ!
وهنا، يُبرزون الفرق الكبير،
بينهم وبين من سبقوهم.. حتّى في
ميادين التطاول على الله، وحتّى
في إنكار وجوده! ولو تشابهوا مع
القدماء، في هذا الأمر، لصاروا
متخلّفين في نظر الناس.. وهذه هي
الكارثة الكبرى، التي تحلّ على
رؤوسهم! لأن التميّز، والتفرّد،
والتعالي على الخلق.. هي أهمّ
الصفات التي تجعل منهم عمالقة!
وإلاّ.. فما معنى العملقة، إذا
تساووا مع الآخرين، في أيّة صفة
من الصفات!؟ وبالطبع، إذا ذكّرهم
أحد، بضرورة الخوف من الله،
سخروا وضحكوا، وقالوا ببساطة:
إذا كنا لا نعترف بوجوده،
أصلاً، فكيف نخاف منه!؟ أمّا إذا
ذكِّر أحدهم، بأن بعوضة من أصغر
مخلوقات الله، قد تقضّ مضجعه،
وأن ذبابة قد تخرجه عن طوره، وأن
جرثومة بالغة الضآلة، قد تفتك
به وتقضي على حياته.. إذا ذكّر
أحدهم بهذا.. هزّ رأسه ساخراً،
وهو يبلع ريقه، وكتمَ خيبة
موغلة في أعماقه، وقال بفتور:
وما علاقة هذا الأمر، بما
نتحدّث فيه!؟
2) حسْبنا الأصناف
التي ذكرناها هنا، من العمالقة،
وعليها يمكن أن يقاس كل صنف آخر،
ممّا لم نذكره هنا.. ولله في خلقه
شؤون! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |