ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
في غزوة تبوك (11) وفاة
ذي البجادين وقيام الرسول على
دفنه الدكتور
عثمان قدري مكانسي قال
ابن إسحاق : وحدثني محمد بن
إبراهيم بن الحارث التيمي ، أن
عبد الله بن مسعود كان يحدث ، قال
: قمت من جوف الليل وأنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في غزوة
تبوك ، قال فرأيت شعلة من نار في
ناحية العسكر ، قال فاتبعتها
أنظر إليها ، فإذا رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر
وإذا عبد الله ذو البجادين
المزني قد مات وإذا هم قد حفروا
له ، ورسول الله صلى الله عليه
وسلم في حفرته ، وأبو بكر وعمر
يدليانه إليه ، وهو يقول أدنيا
إليّ أخاكما ، فدلياه إليه ،
فلما هيأه لشقه قال : اللهم إني
أمسيت راضيا عنه ، فارض عنه . قال
يقول وعبد الله بن مسعود : يا
ليتني كنت صاحب الحفرة . سبب تسميته ذا
البجادين قال ابن هشام : وإنما
سمي ذا البجادين لأنه كان ينازع
إلى الإسلام ، فيمنعه قومه من
ذلك ويضيقون عليه حتى تركوه في
بجاد ليس عليه غيره (والبجاد
الكساء الغليظ الجافي )، فهرب
منهم إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فلما كان قريبا منه
شق بجاده باثنين ، فاتزر بواحد ،
واشتمل بالآخر ، ثم أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم . فقيل
له ذو البجادين لذلك . والبجاد أيضا : المسح
قال ابن هشام : قال امرؤ القيس : كأن أبانا في عرانين ودقه
كبير أناس في بجاد مزمل إضاءة : 1- عبد الله شاب سمع
بمبعث الرسول صلى الله عليه
وسلم ، ووصل إليه شمائل هذا
الدين العظيم ، فأحبه وأعلن
إسلامه في قومه الذين كرهوا منه
إسلامه ، فسلبوه ماله ، ومنعوه
حقه في حياة حرة كريمة فكان أهل
الكهف قدوة له في الصبر على
الدين وتحمل المشاق لأجله . 2- لما عزم في غفلة من
قومه على الهروب بدينه إلى حيث
النور والضياء ، لم يمنعه أنه ذو
كساء واحد غليظ يلفه فانطلق إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ولقيه
بمئزر وشملة كأنه في حج أو عمرة
حافي القدمين يشرب الماء من حفر
الطريق ، ويأكل لحاء الشجر حتى
وصل إلى المصطفى صلى الله عليه
وسلم .
وهكذا المؤمن يتحمل الصعاب في
سبيل دينه والعيش في أفيائه . 3- ويصل الشاب إلى حيث
الهداية والأمان ، إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعيش
بين فقراء المسلمين ، ويحتضنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويرعاه ، فتطمئن نفسه ، ويسلو
همه . 4- وينطلق عبد الله ذو
البجادين مع النبي صلى الله
عليه وسلم في غزوة تبوك يلازمه
كظله ، فلا يفارقه ، ويغرف من
معين الإيمان وبحر الهدى وشمس
الهداية . ويشاء الله تعالى أن
يعتل في هذه الغزوة ، ثم يفارق
الحياة في إحدى ليالي تبوك
والرسول صلى الله عليه وسلم
عائد بالمسلمين إلى المدينة ،
فيحفر له المسلمون قبره . ويأبى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا أن يدفنه بيديه الشريفتين
تقديراً له
وحباً . وينزل حفرته ، ويطلب
من صاحبيه ووزيريه الكريمين أبي
بكر وعمر أن ينزلاه إليه ليوسده
الثرى بنفسه ، وليدعو له الله
تعالى أن يتغمده برحمته ، ومن
كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم عنه راضياً فالله تعالى
عنه راض. ويرى ابن مسعود هذا
الموقف ويسمع هذا الدعاء ،
فيتمنى لو كان مكان عبد الله ذي
البجادين رضي الله عنه وأرضاه ،
ويا سعد من دفنه رسول الله بيديه
ودعا له وشهد له بالصلاح
والتقوى . 5- ومهما غرف الإنسان
من مباهج الدنيا فإن القبر
مصيره ، والوحشة أنيسه ، فيكن
مبتغى المسلم رضاء الواحد الأحد
والسير على خطا الرسول الأعظم .
ليكون من أهل الفردوس الأعلى في
نعيم مقيم إلى جوار رب كريم
سبحانه من رب رؤوف ، ورحيم
غفار . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |