ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لماذا
العلاقات الدبلوماسيّة بين
سوريّة ولبنان؟ بقلم:
محمد علي شاهين ليس غريباً ألاّ تقوم
علاقات دبلوماسية بين لبنان
وسوريا منذ استقلال البلدين
الشقيقين، ورحيل الاستعمار
الفرنسي قبل ثلاثة وستين عاماً،
لأنّ ما يجمع السوريين
واللبنانيين أكثر مما يفرقهم،
ولأنّ القواسم المشتركة في
الدين، واللغة، والتاريخ،
والجغرافيا، والسياسة
والاقتصاد، والديموغرافيا،
أكبر من العلاقات الدبلوماسيّة
التي هلّل لها البعض.
لكنّ الأخطاء
القاتلة التي ارتكبت بحق
الأشقاء اللبنانيين عجّلت بفصم
العرى، ومزّقت نسيج التلاحم بين
البلدين، وقطعت وشائج القربى
والأرحام بين الأشقاء، ودفنت
كل أمل للوحدة في مهده،
ودقّت إسفين الفرقة والشقاق
بينهما.
وليس سراً الاعتراف
بأنّ الولايات المتحدة أطلقت يد
النظام في لبنان ـ سوى الجنوب ـ
بضوء أخضر أمريكي، لمنع امتداد
الفتنة من لبنان إلى سوريّة،
وكسر شوكة منظمة التحرير
الفلسطينية، وسحق جبهة القوى
الوطنيّة والتقدميّة التي
ساندت المقاومة الفلسطينيّة،
ومكّنتها من تحقيق اتفاق
القاهرة. وأنّ النظام السوري
تفرّد بالساحة اللبنانيّة،
ومارس دور "الوصاية" على
بيروت أعواماً مديدة لم ينازعه
خلالها منازع، ولم يستمع أحد
إلى شكوى اللبنانيين
واستغاثتهم. وواصل الأوصياء
الباحثون عن دور إقليمي في
المنطقة سلسلة أخطائهم القاتلة
بعد إبادة المخيّمات، وتدمير
فصائل المقاومة، ونهب خيرات
لبنان حيث: ـ أقامت سورية في
لبنان إدارة أمنيّة كانت تتدخّل
في الشؤون اليوميّة اللبنانيّة.
ـ شجّعت بعض الفرقاء
اللبنانيين (الشيعة في الجنوب
والعلويين في الشمال) على حساب
النصارى والسنّة، ومنحتهم
المزايا المعنويّة والماديّة
وأمدتهم بالسلاح والمدرّبين،
ولم تكن متوازنة في تعاملها مع
اللبنانيين. ـ استخدمت الإدارة
الأمنيّة السوريّة العصا
الغليظة في التعامل مع الأشقاء
اللبنانيين، حتى اتسع ملف
المفقودين والمعتقلين
اللبنانيين، واتهمت سوريّة
بارتكاب عدد من حوادث الاغتيال
السياسي، وظن القائمون على هذه
الإدارة أنّ بإمكانهم ممارسة ما
تعوّدوا على ممارسته في سوريّة
دون عقاب. ـ قام بعض المنتسبين
للنظام السوري الذين منحوا
سلطات واسعة بتلويث سمعة
سوريّة، وممارسة الفساد،
وارتكاب فضائح مالية تجلت في
سرقة كنوز لبنان ونهب مصارفه. ـ لم تحل كثير من
القضايا المعلّقة بين البلدين
الشقيقين مثل قضايا ترسيم
الحدود، ومزارع شبعا، وتهريب
السلاح، ولم تذلل العقبات لحل
كثير من المشاكل المستعصية. ـ لم ينصت النظام
لأصوات المتذمّرين والمتضرّرين
من أخطائه، واكتفى بمدائح
المنافقين، وقطيع الفنانين
والفنانات اللذين يستدعون
لإحياء ليالي الاستفتاء
الرئاسي في شوارع المدن
السوريّة، على حساب الخزينة. ـ صنع النظام له في
لبنان أعداءً كانوا ينظرون إلى
سوريّة على أنّها دولة محتلّة،
وليست منقذة . ـ لم يخطط النظام
للخروج من لبنان، وظن بعض من يمت
إلى النظام أنّهم ماكثون فيه
إلى الأبد، كما هو الحال في
سوريّة الآن. ـ لم يفكّر أي مسؤول
سوري بتنظيم العمالة السوريّة
في لبنان، وما تسببه منافستها
للعمال اللبنانيين من مشاكل
اجتماعيّة، ورحّب بها كحل
للبطالة المزمنة في سوريّة. ـ لم يعترف النظام
السوري بسلبيات المرحلة
السابقة، ولم يعتذر عن الأخطاء
التي أحدثت جرحاً بليغاً في
الجسد اللبناني، يحتاج زمناً
طويلاً لاندماله. ـ ولم تدرس تجربة
الماضي، ولم تقيّم الممارسات
السلبيّة، ولم يحاسب أو يحاكم
من استغل منصبه الحكومي فأفسد
وأساء إلى العلاقات اللبنانيّة
السوريّة الأزليّة. وارتكب النظام خطأ
سياسيّاً فاحشاً عندما مرّر
قراراً بتمديد فترة الرئيس
اللبناني إميل لحود لكي يدعم
مباشرة (اتفاقية الأخوّة
والتعاون والتنسيق) التي قضت
بتشكيل (المجلس الأعلى السوري
اللبناني) في 22/5/1991 ووفقا لمطلب
الرئيس اللبنانى, تبقى القوات
السورية فى وادى البقاع حتى
تباشر حكومة لبنان حقوقها
الوطنية فى كل البلاد وتنسحب
إسرائيل من جنوب لبنان. وعندما ارتكبت جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري في
بيروت، وما تلاها من اغتيالات،
صوّبت الاتهامات تجاه سوريّة
الممسكة بتلابيب أمن لبنان. ووجدتها أمريكا التي
دعمت الأنظمة الديكتاتوريّة في
المنطقة ـ باعتراف الرئيس بوش
الإبن عندما قال: إنّ أميركا
والغرب ارتكبوا أخطاءً على مدى
ستين عاماً بدعم الأنظمة
الديكتاتورية والتستر عليها ـ
فرصة سانحة، فوجّهت حملة ضغوط
مكثفة على النظام السوري،
مستغلّة أخطاءه، للحصول على
تنازلات في المسألة العراقيّة
والفلسطينيّة، وليس حباً في
لبنان. وجابت شوارع العاصمة
اللبنانيّة مظاهرات عارمة
تعبّر عن فداحة ما وصلت إليه
العلاقات بين البلدين، وتطالب
برحيل الجيش السوري والقوى
الأمنيّة، التي نزلت بساحة
لبنان. وبناءً على نصيحة
الأصدقاء قبل الأعداء وفي
مقدمتهم الحليف الروسي أسرعت
سوريّة في سحب قواتها من لبنان،
تاركة لبنان يلعق جراحه النازفة. وتنفّس اللبنانيّون
الصعداء، وشعروا أنّهم نالوا
استقلالهم من جديد، وظنّوا أنّ
إقامة علاقات دبلوماسيّة بين
سوريّة ولبنان يمثّل صك
الاعتراف باستقلال لبنان،
ونهاية مسلسل الأخطاء التي
ارتكبت بحق لبنان واللبنانيين. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |