ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
شجبتم
الغارة الأمريكية، حسنا .. فهلا
شجبتم محاكمة رموز "إعلان
دمشق"؟ الطاهر
إبراهيم* حسنا فعلت جماعة الإخوان المسلمين في مصر
عندما أصدرت يوم 30 تشرين أول
"أكتوبر" بيانا تشجب فيه
العدوان الأمريكي على سورية يوم
الأحد 26 من نفس الشهر، وراح
ضحيتَه ثمانيةٌ من القتلى وعددٌ
من الجرحى. وحسنا فعلت هذه الجماعة عندما حذرت
(الأنظمة العربية من الصمت على
هذا العدوان الذي لن يصبَّ في خانة إضعاف
الجانب السوري فحسب؛ بل يأتي
على ما تبقَّى من
ماء وجه
النظُم والحكومات العربية
والإسلامية كافةً.). وحسنا فعل البيان الإخواني عندما استنهض
(كافة الشعوب العربية
والإسلامية والشعوب الحرة إلى الوقوف صفًّا واحدًا
ضد هذا العدوان.). بيان الجماعة هذا، أشار إلى أمور خطيرة،
لكن فاتته أمور أخرى أخطر منها
ما كان ينبغي أن يخلو البيان من
الإتيان على ذكرها. وربما كانت
الجهة المعتدية التي استهدفها
البيان بالشجب وهي أمريكا قد
انشغل خيال كاتب البيان
بالتنديدبها، فنسي أن يذكّر
بالأمور التي ألمحنا إليها. ولعل أخطر ما نسيه البيان أو تناساه، هو
أن يدعو النظامَ السوري إلى أن
يصطلح مع الشعب السوري، وقد
أهمله هذا النظام لأكثر من
أربعة عقود فأخرجه من معادلة
القوة والمكاسرة بين سورية من
جهة، وبين إسرائيل وأمريكا من
جهة أخرى. ولا نبالغ إذا قلنا إن
النظام السوري تجرأ أكثر على
الاستبداد والقمع ضد الشعب
السوري بعامة، والإسلاميين
خاصة، عندما كانت علاقة النظتم
مع واشنطن سمنا وعسلا أيام
الرئيس الراحل "حافظ أسد"،
فوجدها فرصة ليصدر القانون 49
الذي يحكم بالذبح على مجرد
الانتماء إلى الإخوان المسلمين.
وبدلا من أن يسارع النظام السوري اليوم
إلى تضميد جراح الشعب السوري
فيطلق المعتقلين السياسيين
ومعتقلي الرأي من المعتقلات
السورية البغيضة، فإنه سارع
–غداة عدوان أمريكا- إلى الحكم
بالسجن على كوكبة من المثقفين
والكتاب وقادة الرأي ورموز
المجتمع المدني الذين عرفهم
العالم باسم مجموعة "إعلان
دمشق"، وكان في مقدمتهم
السيدة "فداء الحوراني"
ورفاقها الكرام. وكم كانت
مناسبة طيبة لتأليف القلوب
وتضميد الجراح وحشد الشعب في صف
واحد، لو أن النظام أطلق سراح
هؤلاء المثقفين بدلا من الحكم
عليهم. عندها كنا سنرى مئات
الألوف من السوريين والعرب
يخرجون –طواعية لا إلزاما- في
مظاهرات صاخبة منددين بأمريكا،
كما كان الأمر أثناء حرب
التحرير الجزائرية ضد فرنسا
وأيام العدوان الثلاثي على مصر
عام 1956، فقطعت المظاهرات
الصاخبة خطوط "التابلاين"
التي كانت تزوّد الغرب
بالبترول. لقد كان القادة في هذا النظام يوم هزمته
إسرائيل في 5 حزيران عام 1967
أقلَّ قسوة على الشعب السوري،
"وفي الشر خيار". فقد بادرت
حكومة ذلك العهد -غداةَ الهزيمة-
إلى إطلاق سراح الآلاف من
الإسلاميين من السجون التي
اعتقلتهم فيها أجهزة الأمن
وميليشيا "الحرس القومي
البعثي" لأنهم كانوا قد
احتجوا على ما كتبه الضابط
"إبراهيم خلاص" في مجلة
"جيش الشعب" عندما قال: ( إن
الله والأديان والأخلاق .. دمى
محنطة في متحف التاريخ). وما أسرع ما ينسى بعض الأخوة في جماعة
الإخوان المسلمين في مصر. فلقد
شعرت جماعة الإخوان المسلمين في
سورية بالامتنان، يوم أن وجّه
فضيلة المرشد "محمد مهدي
عاكف" إلى جبهة العمل
الإسلامي في الأردن التي انخرطت
بعلاقات تحالف مع النظام
السوري، من خلال مؤتمر الأحزاب
العربية، حيث طالبهم فضيلة
المرشد بأن يخففوا من وتيرة
اللقاءات مع النظام السوري، وأن
يرجعوا إلى إخوانهم السوريين
–في ما يرغبون أن يبحثوه مع
النظام- قبل كل لقاء لهم مع حزب
البعث في سورية. الكل يعلم أن الموقف المبدئي من قضايا
العالم العربي والإسلامي، وما
تكيده لنا الصهيونية
والإمبريالية الأمريكية هو
الذي أملى على قيادة الإخوان
المسلمين في مصر أن يصدروا
البيان الذي شجبوا فيه العدوان
الأمريكي الغادر على سورية.
ولكن أليس الموقف المبدئي نفسه
يملي على الإخوان المسلمين
مطالبة النظام السوري التوقف عن
اضطهاد السوريين واعتقالهم. لا بل إن على إخوان مصر والأردن أن
يعلنوها واضحة أنهم لن يقفوا
إلى جانبه ما لم يتوقف عن اضطهاد
المواطنين السوريين واعتقالهم.
ففي كل مرة كانت واشنطن تشدد
الضغط على النظام، فيشجب إخوان
مصر الضغوطات الأمريكية، كان
النظام يستغل ذلك بالإساءة
لإخوان سورية، لأن الشجب لم
يرافقه التنديد بسياسات النظام
نحو الشعب السوري. ونحن، إذ نشد على يد جماعة الإخوان
المسلمين في مصر في شجبها
للعدوان الأمريكي الآثم على
مدينة "البوكمال" التي
استهدفها هذا العدوان، كنا
نتمنى على كاتب البيان لو
استمزج رأيَ قيادة الإخوان
المسلمين في سورية لتصويب
البيان، خصوصا وأن هذه القيادة
أصبح من السهل الوصول إليها هذه
الأيام، بعد أن شردها النظام
السوري في أصقاع الأرض. *كاتب سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |