ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إفشال
الحوار مع سبق الإصرار أ.د.
محمد اسحق الريفي الجهود
المبذولة لإنجاح حوار القاهرة
بين الفرقاء الفلسطينيين مهددة
بالفشل، وذلك بسبب آلية الحوار
والمناخ السياسي الذي يجري فيه،
الأمر الذي ينذر بمزيد من
التدهور على الصعيد الداخلي
الفلسطيني، وتصعيد الانقسام،
وفشل الجهود المبذولة لإنهاء
الحصار، وتشجيع عدوان صهيوني
متوقع على غزة. لا شك أن فشل
الحوار الذي ترعاه القاهرة
سيؤدي إلى إحباط الفلسطينيين
وتعميق مأساتهم وتفاقم
معاناتهم، وسيحقق للاحتلال
الصهيوني ما يطمع فيه من إبقاء
الشعب الفلسطيني منقسماً على
نفسه، بينما تستمر عمليات تهويد
الأرض الفلسطينية المحتلة
واقتلاع الشعب الفلسطيني منها.
وهذا يستدعي من القاهرة أن
تعيد النظر في آلية الحوار حتى
تضمن نجاحه، إذ يستحيل أن ينجح
هذا الحوار في الوقت الذي يتم
تحديد نتائجه مسبقاً وفق أجندة
صهيوأمريكية معروفة للجميع،
ويجري في جو تصعيدي واستفزازي
خطير في الضفة المحتلة. إن إنجاح
الحوار يحتاج من جميع الأطراف
المتحاورة إلى نوايا حسنة
وصادقة، تعززها مواقف وممارسات
على الأرض وأجواء إيجابية، وهذا
ما لا نراه في الضفة المحتلة. فالاعتقالات
ضد المقاومين وأبناء حركة حماس
تحديداً لا تزال متواصلة، رغم
إطلاق سراح المعتقلين
السياسيين في غزة. ولا
تزال أجهزة سلطة رام الله
ملتزمة بملاحقة المقاومين ونزع
أسلحتهم والتنسيق الأمني مع
الاحتلال. وكل
ذلك لا يخدم الحوار ولا يحقق
أهدافه، لأنه أصبح مجرد وسيلة
لحشر حركة حماس في الزاوية
وممارسة الضغوط عليها، بهدف
إقصائها سياسياً ومنعها من
المشاركة السياسية الفاعلة! وتؤكد ذلك
تصريحات قادة حركة فتح في سلطة
رام الله، حيث يبدو واضحاً أنهم
غير معنيين بإنجاح الحوار، ولا
يهمهم سوى تطبيق الوثيقة
المصرية بحذافريها دون إتاحة
الفرصة لحركتي حماس والجهاد
والفصائل الأخرى المشاركة في
الحوار لإبداء ملاحظاتها
وتحفظاتها على هذه الوثيقة.
إن الحوار هو وسيلة للتوصل
إلى توافق بين جميع الأطراف
المشاركة فيه، ولذا فإن رفض
إعادة صياغة الوثيقة المصرية
بطريقة تعكس الحد الأدنى لما
يمكن الاتفاق عليه بين جميع
الأطراف، وخلق أرضية انطلاق
صلبة لحوار وطني شامل ومصالحة
حقيقية لا يعني سوى إفشال
الحوار وتحويله إلى عملية
ابتزاز فحسب. وفي هذا الصدد،
ذكرت صحيفة هآرتس العبرية أنه
لا توجد نية لدى سلطة رام الله
للسماح لحركة حماس بالحصول على
موطئ قدم في حكومة وحدة مستقلة،
وعدم إشراكها في أجهزة الأمن
الفلسطينية العاملة في الضفة.
وهذا في الحقيقة ما تنص عليه
الوثيقة المصرية، إذ إن حكومة
التوافق التي تنص عليها الوثيقة
هي مجرد حكومة مهام محددة ولا
علاقة لها بالقرار السياسي
الفلسطيني ولا بالعملية
السياسية. وإصرار
سلطة رام الله وحركة فتح على
تحديد نتيجة الحوار سلفاً هو
إصرار على إفشال الحوار، ويتحمل
مسؤولية هذا الفشل كل من سلطة
رام الله والحكومة المصرية،
التي من المفترض أن تضغط على
حركة فتح من أجل إبداء نوعاً من
المرونة وتغليب مصلحة الشعب على
المصلحة الحزبية الضيقة. وإذا كانت
جامعة الدول العربية قد تعهدت
بمعاقبة الطرف الذي سيفشل
الحوار، فعليها أن توفر الشروط
والظروف الإيجابية التي تؤدي
إلى نجاح هذا الحوار، وعليها أن
تمارس الضغوط على الأطراف التي
تعرقل الحوار وتتمسك بأجندة
مرفوضة لدى شعبنا، فليس من
المنطق أن يكافئ شعبنا من
يحاصره ويجرم بحقه على جرائمه
وعدوانه بالتنازل عن خياره
والتخلي عن حقه في مقاومة
الاحتلال. فالأولى
بجامعة الدول العربية أن تسارع
إلى فك الحصار عن غزة، وخلق
أجواء من التفاؤل تساعد على
إزالة التوتر في الضفة وغزة،
وتسهم في رأب الصدع بين الفرقاء
المتخاصمين، وتخفف المعاناة عن
الشعب الفلسطيني... كما لا بد لسلطة
رام الله من إدراك أن الرهان على
دعم الإدارة الأمريكية وبعض
الحكومات العربية لها
ولمواقفها المتصلبة تجاه
الحوار هو رهان خاسر وفاشل، فلم
يعد يجدي الاستقواء بالقوى
المعادية لشعبنا والمتواطئة
ضده في زمن صعود حركات المقاومة
الوطنية وفشل الاحتلال
الصهيوني والولايات المتحدة
الأمريكية في القضاء عليها أو
ترويضها. على القاهرة أن
تتحمل مسؤوليتها القومية
والإنسانية في إنقاذ الشعب
الفلسطيني – وخاصة في غزة
المحاصرة– من المعاناة
الوحشية، فكيف يرضى العرب أن
يتركوا الشعب الفلسطيني يقع بين
مطرقة الاحتلال الغشوم وسندان
الانقسام الداخلي!! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |