ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
في غزوة تبوك (18) بركة النبي صلى الله عليه وسلم الدكتور
عثمان قدري مكانسي
انطلق جيش المسلمين بقيادة
النبي صلى الله عليه وسلم إلى
تبوك –وهي بلدة صغيرة تقع في
بلاد الشام شمالي المدينة
المنورة بسبعمائة كيلو متر-
للقاء جيش الروم الذي هدد
باجتياح مدينة الرسول الكريم
صلى الله عليه وسلم، فزرع الله
تعالى الرعب في قلوبهم لما
سمعوا بقدوم رسول الله صلى الله
عليه وسلم إليها، فانسحب جيشهم
إلى داخل الأردن خوفاً من لقاء
المسلمين، على الرغم من أن جيش
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يتعد الثلاثين ألف مجاهد، وجيش
الروم يشارف على مئتي ألف
مقاتل، ولا غروَ فالرسول صلى
الله عليه وسلم، بطل الأبطال
يقول: "ونُصرت بالرعب مسيرة
شهر".
كان هذا في السنة التاسعة
للهجرة، وزادُ المسلمين قليل،
والطريق طويل لكنّ الإسلام يجب
أن ينتصر، والدين ينبغي أن تعلو
شمسه، ويمتد ضياؤه، وينير جنبات
الأرض، مشارقها ومغاربها،
فاستنفر الله تعالى المسلمين
للقتال فقال: "انفروا خفافاً
وثقالاً وجاهدوا بأموالكم
وأنفسكم في سبيل الله، ذلكم خير
لكم إن كنتم تعلمون).
وأصاب الناس مجاعةٌ،
فقالوا: يا رسول الله، قلّ
الزاد، ونحلت أجسادنا ووهنت
قوانا، وهذه إبلنا ما عدنا
نحتاج إليها، فلا ميرة نرفعها
عليها، ولا أحمال نشدها إليها،
فلو أذنت لنا فنحرناها، فأكلنا
وادَّهَنّا.
كان أدباً منهم أن يستأذنوا
القائد في الاستغناء عن خدمة
الدواب التي يستعينون بها في
القتال، فلربما رأى مصلحة في
الاحتفاظ بها فمنعهم ذلك، لكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
سمح لهم قائلاً: "افعلوا".
سمع الفاروق عمر بن الخطاب
باستئذانهم وموافقة رسول الله
صلى الله عليه وسلم إياهم، فجاء
إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم يشتد ، فلما لقيه قال: يا
رسول الله إن ذبحوا إبلهم لم يبق
لهم ما يركبونه، ويحملون عليه
متاعهم، فتباطأت حركاتهم
وأصابهم جهد ومشقة في سيرهم.
ولكني أرى يا رسول الله أن
تأمرهم بإحضار ما تبقى من
أزوادهم، فإذا جمعوها دعوت الله
لهم عليها بالبركة، وأنت يا
رسول الله مبارك قريب إلى الله ،
حبيب إليه، ولعل الله يجعل لهم
في ذلك البركة، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "نعم ما
أشرت به يا عمر".
أمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم ببساط من جلد متسع،
فَمُدَّ على الأرض وأمر
المسلمين أن يأتوا بفضل
أزوادهم، فجعل الرجل يأتي بكف
ذرة، ويجئ الآخر بكف تمر، ويجئ
الآخر بكسرة خبز، حتى اجتمع على
البساط من ذلك شيء يسير، ثم رفع
يديه الشريفتين إلى رافع
السموات بغير عمد وباسط الأرض
على ماء جمد، يسأله البركة
والفضل العميم، وارتفعت معه أكف
المسلمين مؤمنِّة راجية.
وكان العجب العجاب أن النبي
صلى الله عليه وسلم: أمرهم أن
يملأوا أوعيتهم مما على هذا
الأديم (البساط)، فما تركوا في
المعسكر وعاء إلا ملأوه وأكلوا
حتى شبعوا، وفضل فضلة.
فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "أشهد إن لا إله
إلا الله وأني رسول الله" ،
وردد المسلمون وراءه: نشهد أن لا
إله إلا الله وأنك رسول الله ،
ثم قال عليه الصلاة والسلام:
"لا يلقى اللهَ عبد مؤمنٌ بما
شهد، مطمئنٌ بما قال، إلا وجبت
له الجنة".
فارتج المعسكر بالنغم
الأبدي السرمدي: لا إله إلا الله
محمد رسول الله. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |