ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  10/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإصلاح والمصالح الوطنية قبل المصالحة

أ.د. محمد اسحق الريفي

لا معنى لمصالحة وطنية فلسطينية لا تؤدي إلى إصلاح سياسي شامل يقوم على أساس تحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن أن تنجح محاولات إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني بالتساوق مع إملاءات الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة، ولهذا فستفشل جهود المصالحة وسيستمر الانقسام، لأن أسبابه لا تزال قائمة.

 

هناك عدة أسباب جوهرية أدت إلى تفعيل الانقسام الفلسطيني وتعميقه لحد الإضرار بالمصالح الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن لمحاولات إنقاذ الشعب الفلسطيني من غول هذا الانقسام المتفاقم أن تنجح ما لم يتم معالجة أسبابه جذرياً، وتتحمل الدول العربية الجزء الأكبر من مسؤولية استمرار حالة الانقسام، بل وظفت بعض الدول العربية الانقسام الفلسطيني لتبرير تعاطيها بسلبية مع القضية الفلسطينية وتخاذلها وتقاعسها عن نصرة الشعب الفلسطيني.

 

ولا تقتصر أسباب الانقسام الفلسطيني على وجود نهجين وبرنامجين سياسيين متناقضين على الساحة الفلسطينية، بل يتعدى ذلك إلى وجود اختلاف إستراتيجي في أسلوب التعاطي مع مخططات الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي لإنهاء القضية الفلسطينية، وتقوم هذه المخططات على أساس حماية الكيان الصهيوني وتمكينه من إقامة دولة يهودية على أنقاض فلسطين، في مقابل منح فلسطينيي الضفة وغزة حكماً ذاتياً على السكان فقط.  ولتنفيذ تلك المخططات، تمارس الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ضغوطاً هائلة وإملاءات ظالمة على شعبنا عبر فريق التسوية السياسية، لدفع شعبنا إلى تقديم التنازلات للاحتلال الصهيوني.

 

فيرى فريق التسوية السياسية الفلسطيني أن التساوق مع تلك المخططات والخضوع لتلك الضغوط والإملاءات وفرضها بالقوة على الشعب الفلسطيني هو الخيار الاستراتيجي لهذا الفريق والسبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية، ويغض هذا الفريق النظر عن مدى توافق هذا الحل مع المصالح الوطنية الفلسطينية وما يلحقه بها من أضرار إستراتيجية خطيرة.  وفي مقابل هذا التساوق، يستقوى فريق التسوية السياسية على الشعب الفلسطيني وحركات الجهاد والمقاومة بالمجتمع الدولي وما يقدمه له من دعم مادي ودبلوماسي وعسكري، ليتمكن من السيطرة على الشعب الفلسطيني وإخضاعه إلى رؤيته وبرنامجه السياسي، متجاوزاً كل القيم والمبادئ الوطنية في التنافس والصراع الحزبي، ومسبباً ضرراً بالغاً للمصالح الوطنية الفلسطينية.

 

ولذلك فإن الشعب الفلسطيني لا يلهث وراء مصالحة تضر بمصالحه الوطنية، فالمصالحة ليست هدفاً بحد ذاتها يستحق أن يدفع شعبنا ثمناً باهظاً لها على حساب حقوقه ومصيره، ولكنها وسيلة لتحقيق مصالحه الوطنية، وخطوة ضرورية باتجاه تعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة الاحتلال والمخطط الصهيوني، وإلا فما قيمة هذه المصالحة؟!

 

ولا شك أن الانقسام الفلسطيني يضر بالمصالح الوطنية الفلسطينية، ولكن هذا الانقسام هو صراع بين نهجين متناقضين، وقد تفاقم هذا الصراع كثيراً بمجرد محاولة قيام فريق نهج المقاومة والإصلاح والتغيير بعملية إصلاح شامل لكافة مكونات النظام السياسي الفلسطيني وكافة جوانب حياة المواطن الفلسطيني، وهذا ما يرفضه فريق التسوية، الذي ينظر إلى الإصلاح على أنه محاولة للانقلاب عليه أو ثورة ضده!

 

إن ما يسعى له فريق التسوية السياسية لا يتجاوز محاولة السيطرة التامة والمطلقة على الضفة وغزة، ليتمكن من تنفيذ المهام التي أوكلها إليه شركاؤه الصهاينة والأمريكيون في التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، ولتعيش غزة الأوضاع المأساوية ذاتها التي تعيشها الضفة المحتلة في هذه الأيام، حيث يعيش المواطن الفلسطيني تحت رحمة الأجهزة الأمنية لسلطة رام الله المتخصصة في ملاحقة المقاومة واعتقال المقاومين وتجريدهم من أسلحتهم، ويجري كل ذلك بدعوى التنافس والصراع الحزبي، وهي دعوى غير صحيحة، إذ تفعل سلطة رام الله ما تفعله استجابة لأوامر الإدارة الأمريكية والتزاماً بمهام الشق الأمني من خريطة الطريق الأمريكية!

 

ولذلك فإن أي دراسة متأنية لخريطة القوى السياسية في غزة تبدد كل الشكوك بإمكانية تحقيق أي مصالحة وطنية وإنهاء حالة الانقسام في ظل الإصرار على إعادة أوضاع غزة إلى سابق عهدها من الفوضى السياسية المنظمة، والفلتان الأمني، والتنسيق الأمني والتعاون مع الاحتلال، وملاحقة المقاومة بتوجيهات وإشراف مباشر من الجنرال الأمريكي كيث دايتون وأمثاله.

 

إذن، الواقع يقول إن المصالحة الوطنية الفلسطينية لا يمكن أن تنجح دون إصلاح شامل على قاعدة تحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية، فإن كانت الدول العربية جادة في إنقاذ الشعب الفلسطيني ومد يد العون له، فعليها أن تعمل في هذا الاتجاه، وإلا فإن جهودها لا تعني سوى التهرب من المسؤولية والتساوق مع المخططات الصهيوأمريكية!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ