ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مرتكزات
المعارضة السورية الديموقراطية جان
كورد منذ
أن تكرم السيد الرئيس بشار
الأسد في خطاب العرش الذي ألقاه
بعد توليه الرئاسة خلفا لأبيه
الرحل ببعض الألفاظ الجميلة
والمنمقة عن "الانفتاح" و
"الازدهار" و "سوريا
المستقبل"، حتى هب المثقفون
من كل حدب وصوب يفتتحون ويؤسسون
المنتديات الثقافية بأسماء
خلابة وأثواب زاهية، وقلوبهم
مليئة بالآمال، حتى كاد بعضهم
يستبشر بطلوع "شمس الحرية"
في عهد الرئيس الجديد، ولم
يتنبه إلا القليل منهم إلى أن
الأمر كان مجرد مسرحية تدعى "مسرحية
كسب الوقت" لابعاد الناس عن
الحديث عن مساوىء العهد البائد
والهائهم ببعض الورود المصطنعة
حتى يستتب الأمر للحاكم، ثم
ينقلب النظام على كل المخدوعين
بتلك المنتديات والمسميات دفعة
واحدة ويفترسهم واحدا بعد الآخر...وأتذكر
جيدا ردود بعض هؤلاء المثقفين
على تساؤلاتنا يوم قلنا بأن "النبع
الذي امتلأ بالأقذار لايمكن أن
يعطي ماء نظيفا" كما يقول مثل
كوردي قديم... فقد اعتبرونا "خارج
الزمن"، "متطرفين" و"ترهلهم
في الخارج جعلهم لايشعرون بأن
تغييرا جادا قد حدث في البلاد..!!" وبعد
أن ذبل أقصر ربيع عمرا في العالم
"ربيع دمشق" وشرع النظام
يقتاد مبدعي الرونقة
والتجميل، واحدا بعد الآخر، بل
زرافات إلى الأقبية السرية
وأقفاص المحاكم العسكرية
ومحكمة أمن الدولة العليا،
تحولت المنتديات المسلوخة
جلودها إلى بؤر تكثيف للطاقات
والرؤى السياسية في البلاد وبين
المغتربين السوريين في شتى
أنحاء ، ففقست الحركة السياسية
السورية بيوضا كثيرة، وظهرت
كالفطور البرية التنظيمات
المختلفة وصعد الخطباء
المتفوهون إلى المنابر
السياسية وبدأت مرحلة جديدة لم
يكن النظام يحسب لها حسابا:"مرحلة
تكوين الأجنة السياسية
المعارضة"، ولم يعد
باستطاعته وضع اليد على كل
الشارع السوري وعلى كل المهاجر،
وبخاصة بعد الفشل الذريع الذي
أصاب السيدة بثينة شعبان في
رحلاتها السندبادية لضبط "المغتربين"
وربطهم بالسفارات السورية
للتقليل من ايذاء المعارضة
للنظام. فجاء
الانجاب كما يبيض السمك بالجملة
وعلى دفعات متتالية، تنظيمات
وجمعيات وأحزاب وجبهات
وتحالفات وروابط وما إلى هنالك
من مسميات، تجديدية، حداثية،
ديموقراطية، ليبرالية، وطنية،
وفاقية، خلاصية، تغييرية... ومن
مختلف الاتجاهات كما هو حال
الروائح في دكان العطار... وهذا
يشكل في الحقيقة بداية صحيحة
للمجتمع التعددي الحديث، إن
نظرنا بعين العقل إليه. ولايمكن
أبدا اعتباره انفلاتا، بل تحولا
جديدا في أسلوب وممارسة
المعارضة، بعد أن حاول النظام
احتكار السياسة دهرا وابعاد
الشعب عنها بالقوة والاكراه
أجيالا متعاقبة. وأنا واثق من أن
البيوض التي فقست لن تعيش كلها،
ولكن التي تعيش منها ستكون ذات
شخصيات مختلفة عن بعضها ولكنها
ليست معادية للتعددية والتغيير
والحوار، ومنها ما سيتحد في
بعضه بعضا أو يحل نفسه أو يلتقي
مع الآخر في جبهة أو تكتل ما...
وهذا ما يحدث عمليا كما نرى
اليوم. المشكلة
الوحيدة لدى العديد من هذه
الأسماك التي تسبح في بحر
المعارضة السورية الديموقراطية
والوطنية هي أنها قد لاتتبنى كل
المرتزكات الأساسية لبناء
معارضة ديموقراطية حقيقية
وفعالة، ومنها: -الايمان
بضرورة الجلوس على طاولة الحوار
مع كل أطراف المعارضةالأخرى دون
استثناء أو اقصاء مهما كانت
تعابيرها مختلفة وبرامجها
خيالية وسياساتها متشنجة، اذ
بالحوار وحده يمكن ردم الخنادق
وليس بالخصام وبالبنادق. -الاعتراف
بثقافة وحضارة الآخر المختلف،
وعدم الاعتراف بذلك يضر بفكرة
التعددية الحضارية... -
الايمان بقيام دولة مدنية
دستورية بعيدا عن المحاصصة
الطائفية. -العمل
على عدم توظيف الدين لاقصاء
الآخر المختلف أو الحد من حريته
في الاعتقاد أو تحويل المجتمع
إلى كانتونات مذهبية وطائفية
تتصارع على قشور التاريخ بدل
التشارك في البناء الحضاري. -
المصالحة التامة والشاملة بين
أطراف المعارضة التي تطالب
صراحة بانهاء النظام
الاستبدادي القائم على "الحزب
القائد" و"الرئيس الأوحد"
...واستبعاد القوى التي تدعي
أنها معارضة للنظام ولكنها تقول
بصراحة "نحن غير طامحون في
الحكم ولانسعى لتغييره!!!" فأي
معارضة هذه التي لاتريد الحكم
ولاتريد ازالة نظام دكتاتوري،
أم أنها ستنتظر عقودا من الزمن
حتى يتكرم الدكتاتوريون على
الشعب السوري ويفكوا عنه قيوده
ويحرروه من أسره؟ ربما
يكون هذا في أعين البعض ممن
يسمون أنفسهم بأقطاب المعارضة
"تطرفا" ولكن أليس التخلي
عن فكرة المعارضة الحقيقية
لصالح ارضاء النظام "تطرفا
أكبر"؟ وأملي
أن يكتب آخرون عن بقية
المرتكزات الأخرى للمعارضة
الديموقراطية حتى نحيط
بالموضوع من كافة جوانبه بتعاون
وتشارك... ولكي لايطول المقال... وأخيرا
أقول: حذار يا رجال المعارضة،
فإن زوال الخطوط الحمر بين
سياسة المعارضة وسياسة النظام
سيخلق لدى الشعب اضطرابا
وتشويشا لايستفيد منه إلا
النظام وحده... ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |