ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مسرحيّة
التّحقيق السّوري أيمن
شحادة لا
يختلف إثنان في لبنان على وجوب
تحسين وتطوير العلاقات بين
لبنان وسوريا لتصبح علاقة
ممتازة ومميّزة بكلّ ما للكلمة
من معنى وليس كالعلاقة السابقة
"المميّزة" إعلاميّاً ولكن
"الفاسدة" فعليّاً والتي
حكمت التّرابط والتّواصل بين
البلدين طوال حقبة الوجود
العسكري السّوري في لبنان. تفعيل
قنوات التّنسيق والتّعاون
السياسي والإقتصادي والأمني
والقضائي والإجتماعي والثّقافي
(على غرار الرّوابط بين مختلف
دول الإتّحاد الأوروبي مثلاً)
هو محور النّجاح الأساسي لأيّ
علاقة بين بلدين يراد لها أن
تكون مميّزة ولو بالحدّ الأدنى،
وهذا ما يفترض أن يكون من
الأنشطة الرّئيسيّة للقائمين
على مصالح الشّعب في كلّ من
الدّولتين. ولكن ما
بثّته وسائل الإعلام السّوريّة
عن إعترافات لناشطين من حركة
فتح الإسلام هو أمر لا يبشّر
بالخير ومدعاة حقيقيّة للقلق من
المرحلة المقبلة، فلسوريا
تاريخ مديد وباع طويل في ممارسة
حكم الإستخبارات وقمع
الحريّات، وفي انتهاك حقوق
الإنسان مع كلّ ما له علاقة بهذا
المنحى قانونيّاً وقضائيّاً، ...
ولكن ها هي الآن تحاول
الظّهور بحلّة جديدة عن طريق
بثّ نتائج تحقيق مثيرة لشبكة
إرهابيّة عبر وسائل الإعلام
المرئي وذلك بأسلوب مختلف يشابه
بالشّكل الأساليب الحضاريّة
المتقدّمة التي تتلائم أبداً مع
صورة سوريا المعاصرة في هذا
المضمار، ولكنّه يفتقر كثيراً
للموضوعيّة وللدّليل المنطقي
ممّا يجعله يشابه بالمضمون
الأساليب الإستخباراتيّة
المعروفة جيّداً محليّاً
وعربيّاً وعالميّاً، حيث بدا
هؤلاء المتّهمين مرتاحين جدّاً
ومطمئنّين وهم يسردون رواياتهم
عن الأحداث التي عاشوها بين
لبنان وسوريا، ..... وطبعاً فيها
يتّهمون تيّار المستقبل بتمويل
حركتهم الإرهابيّة، تماماً
بنفس الأسلوب السّاذج كروايات
شهود الإستخبارات السوريّة
هسام هسام وابراهيم جرجورة
وغيرهم، فادّعوا أنّهم كانوا
يستحصلون على الدّعم من بنك
البحر المتوسّط العائد لعائلة
الحريري، وهذا فعلاً إستخفاف
بعقول النّاس، فلو كان أيّ شخص
محدّد هو أحد المموّلين
السريّين الفعليّين لهذا
التّنظيم الإرهابي، فهل سيقدم
حقّاً على دفع الأموال لكوادر
هذا التّنظيم عبر مصرفه الخاصّ
؟ ..... يبدو أنّ الإخوان في سوريا
قد أضاعوا "الشّنكاش"
فعلاً ولم يعودوا قادرين على
الخروج بعد من حلقة عقدة
الهيمنة والإشراف على لبنان حين
كانت كلماتهم أوامر
واتّهاماتهم قاطعة وأحكامهم
نافذة دون اعتراض من أحد مهما
علا شأنه، فتزعزعت معها قدرتهم
على دراسة وفهم وتقييم الأمور
بناءً على الواقع والمنطق
والعقل، ....ولهذا لا زلنا نرى
مثل هذا المسرحيّات السّخيفة
المضحكة المبكية التي لا يمكن
أن تجد لها أيّ إهتمام حقيقي أو
مجرّد مبالاة حتّى داخل سوريا،
فالشّعب السوري هو الأخبر
بمسرحيّات القضاء السّوري. ولو
سلّمنا جدلاً بنـزاهة إعترافات
هؤلاء المتّهمين، ألا يفترض أن
يتمّ هناك تعاون وتنسيق سرّي
جدّاً مع الأجهزة القضائيّة
والأمنيّة في لبنان من أجل
الإحكام والقبض على كامل أعضاء
هذا التنظيم المنتشرين ضمن
مجموعات وخلايا سريّة في
البلدين ليحالوا بعدها إلى
القضاء وتجرى لهم المحاكمات على
أصولها وليتبيّن للعالم معرفة
حقيقة الجرائم التي ارتكبوها
واكتشاف مدى صحّة اتّهاماتهم
لهذا أو لذاك الطّرف بالتّخطيط
أو التّمويل .... وأيضاً لكي لا
يكون أيّ تسريب للمعلومات عن
التّحقيق والإعترافات بمثابة
تحذير لباقي أفراد الشّبكة
والمتآمرين معهم والمتعاونين
معهم والمموّلين لهم وغيرهم لكي
يأخذوا الإحتياطات اللازمة
!!!!...... إذن ما هو المغزى من هذا
الظّهور عبر الإعلام في هذه
المرحلة المبكّرة خاصّة وأنّ
العديد من كوادر التّنظيم
الأساسيّين لا يزالون طلقاء
وأحرار ؟؟؟ هل لتحذيرهم لكي
يتمكّنوا من اتّخاذ خطوات
وقائيّة ؟؟؟ أم من أجل تسجيل
نقاط في مرمى أحد الأخصام
السياسيّين ؟؟؟؟ مع العلم أنّ
الإعترافات التي أدلى بها هؤلاء
المعتقلين لا تشكّل إدانة لأحد،
فهي مجرّد إفادات لن يحسم
صحّتها أو عدم صوابيّتها إلاّ
القضاء !!!!
ولكنّنا
في لبنان لدينا طبعاً أعداداً
جيّدة من الأبواق التي أيضاً لا
يعنيها منطق العقل ولا المفهوم
الموضوعي للحجّة والدّليل، حيث
وجدوا في هذا التّقرير دليلاً
دامغاً ضدّ تيّار المستقبل
وإدانة صريحة له ومسوّغ كافي
لمحاكمة النّائب سعد الحريري
...... تماماً كما وجد بوق أمريكا
"شارون" في تقرير كولن باول
أمام مجلس الأمن قبل 6 سنوات
دليل دامغ ضدّ صدّام حسين
وإدانة صريحة له ومسوّغ كافي
لشنّ حرب على العراق.
آن
الآوان لكي تكفّ سوريا عن
القيام بمثل هذه الممارسات
وتمضي قدماً في مسيرة الإصلاحات
لتثبيت صورة جديدة إيجابيّة
لها، ولكن أيضاً لتستكمل مسيرة
الإلتقاء مع لبنان على أسس
صحيحة وسليمة مع طيّ صفحة
الماضي، وما قامت به حتّى الآن
من خطوات للتّقارب منها
التّحضير لتبادل السّفراء،
شكّلت كلّها إيجابيّات كبيرة
تلاقي إستحسان داخلي حقيقي في
نفوس كلّ أطياف الشّعب اللبناني
وهذا يحدث لأوّل مرّة منذ 33
عاماً (إذا لم نقل منذ 66 عاماً)،
فلتكمل سوريا على هذا الدّرب
لتصل إلى مستوى العلاقة
المميّزة فعلاً مع لبنان وطناً
وشعباً، ولتدع هذه الألعاب
المملّة جانباً فهي لم تعد تليق
بها ولا بالصّورة الجديدة التي
تسعى إلى طبعها في أذهان
السوريّين واللبنانيّين والعرب
وباقي شعوب العالم، فالتّاريخ
لن يرحم أحداً. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |