ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أسرة
أسد.. والبديل الشبَح! عبدالله
القحطاني • تسمية البديل
بالشبَح، لم تأت عبثاً، بل
نتيجة طبيعية لِما هو سائد من
تفكير سياسي، في شتّى مطابخ
القرارات، العربية والدولية
والمحلية السورية، بما فيها
مطابخ السلطة الحاكمة، ومطابخ
الأحزاب والقوى السياسية
المعارضة! • تحديد البديل عن
النظام الأسدي في سورية، هو بيت
القصيد، الذي يدندِن حوله ساسة
أميركا و"إسرائيل"،
وحلفاؤهم في المنطقة العربية
وغيرها، من سنين طويلة، منذ
أيام الراحل حافظ أسد! وقد ازداد
الأمر تعقيداً، اليوم، بعد
التطوّرات التي حصلت في
المنطقة، من انهيار دولة
العراق، ودخول المدّ الإيراني
على شتّى الخطوط السياسية في
المنطقة، بما فيها خطوط رسم
السياسة الداخلية لدول
المنطقة، أو لكثير منها،
لاسيّما في منطقة الخليج وبلاد
الشام! * أهمّ التصوّرات
المطروحة على الساحة، حول
البديل المحتمل لنظام الأسرة
الأسدية هي ما يلي: 1) البديل: هو الفوضى
العارمة، التي تدمّر البلاد،
كما هو حاصل، اليوم، في العراق!
لأن غياب السلطة المركزية في
دمشق، سيعني، بالضرورة، انفلات
حبل الأمن، بشكل تامّ، ودخول
البلاد في صراعات عبثية
عشوائية، بين مختلف عناصر
شعبها، ومكوّناته، ومذاهبه،
وأعراقه، وكتلِه، وعشائره (وهذا
البديل هو الذي يخيف منه سدَنة
النظام الحاكم، العالمَ
الغربي، وحكوماتِ العالم
العربي، الحريصة على استقرار
المنطقة، أو الاستقرار
الإقليمي! وهو الذي يتحاشاه
الجميع، ويحرص صنّاع القرارات،
في أمريكا، وفي الدول الحليفة
لها، على تثبيت حكم الأسرة
الأسدية، بشتّى السبل، مخافةَ
الوقوع في مهاويه السحيقة، كما
هو حاصل في العراق، اليوم،
والصومال، وأفغانستان، وغيرها
من الدول، التي انهارت حكوماتها
المركزية، دون وجود بديل مقبول،
أمريكياً وأوروبياً، يحلّ
محلّها! وينسى هؤلاء، أو
يتناسون، الخصوصية السورية،
بسائر تفصيلاتها، التي تميّز
سورية، وطناً وشعباً وموقعاً
وتاريخاً وثقافة.. والتي تجعل من
شبه المستحيل، على سورية، أن
تُجرّ إلى المهاوي التي انجرّت
إليها دول أخرى!). 2) البديل هو
الإسلاميّون: وفي مقدّمتهم،
بالطبع، الإخوان المسلمون! وهذا
البديل (المخيف!) هو ذاته، الذي
ظلّ حافظ أسد، يرهِب به العالم
الغربي، وحلفاءه في المنطقة
العربية، ويبتزّ، من خلال
التلويح به، صناع الرأي والقرار
الدوليّين، المهتمّين بالشأن
السوري، ومستقبل المنطقة
عامّة، و سورية خاصّة! وما يزال
الأسد الابن، يمارس اللعبة
ذاتها، وبتوصية واضحة من أبيه،
الذي لقّنه الدرس قبل أن يموت،
وابتكر له، على الأرجح، فكرة
التطوير مع الاستمرار، أيْ:
الاستمرار على نهج الراحل، مع
تطويرٍ يناسب الابنَ وظروفه،
والتحوّلات المحلية والإقليمية
والدولية! ومن جملة الاستمرار:
الإصرار على عداوة الإخوان
المسلمين، واتّخاذهم فزّاعة
يخيف بها العالم، كي يبقى في
قمّة هرم السلطة، إلى أقصى مدى
ممكن، دون أن يفكّر أحد بعزله،
مهما أفسد وأساء! لأن البديل
عنه، أسوأ منه بكثير! وعلى
العالم أن يختار أخفّ الضررين،
وأهونَ الشرّين! ولقد بلعَ
العالم هذا الطعم المسموم، دون
أن يفكّر حتى عقلاؤه، في حقيقة
الأمر، وفي معرفة ما إذا كان
الإخوان المسلمون، قادرين،
حقاً، على حكم سورية، حتى لو
آزرَتهم سائر الكتل والتجمّعات
والفئات الإسلامية، على الساحة
السورية، دون استثناء، وعلى
اختلاف مدارسها: من صوفي،
وسلفي، ومن جماعة التبليغ، وحزب
التحرير، ومشايخ السلطة الذين
صنعهم آل أسد، في عهد حافظ وعهد
ابنه! والسبب واضح، معروف
تماماً، لكل مهتمّ بالشأن
السوري، عارف بتاريخ سورية
الحديث، من بداية عهد
الاستقلال، حتّى اليوم! فشعب
سورية، بجملته، مسيّس، بشكل
عجيب! وهو مكوّن من خلائط شتّى:
إسلامية، وغير إسلامية، قومية،
ويسارية، وقبلية.. وفيه طوائف
ومذاهب وديانات.. وفيه كتل ضخمة
جداً، من المستقلين: من
مثقّفين، وتجّار، وصناعيين،
وزعماء أحياء.. وفيه نزعات
قبلية، تضع زعيم القبيلة، أو
مرشّحها النيابي، فوق كل اعتبار
سياسي، مهما كان نوعه ولونه!
وهذا كله واضح، في عدد الأصوات
التي حصل عليها الإخوان
المسلمون، في سائر الانتخابات
التشريعية الحرّة، في العهود
الديموقراطية المتعاقبة؛ إذ لم
يزد عدد نوّاب الإخوان، في أقصى
حالات نجاحهم، في الانتخابات
النيابية، عن عـُشر عدد نوّاب
المجلس! أيْ: إذا كان عدد
النوّاب مئة وخمسين، فإن نوّاب
الإخوان لا يزيدون على خمسة عشر
نائباً، في سائر أنحاء القطر
السوري! وها هو ذا أرشيف
الانتخابات السورية، في تاريخ
سورية الحديث، يقف شاهداً حياً
على ذلك.. ومِن طرائفِه: أن الشيخ
أحمد كفتارو، مفتي سورية
الراحل، يرحمه الله، وقف إلى
جانب المرشّح رياض المالكي، غير
الإسلامي، ضدّ الدكتور مصطفى
السباعي، المراقب العام
للإخوان المسلمين، في
الانتخابات النيابية، في
الخمسينات من القرن المنصرم، في
دمشق العاصمة.
وقد أخفق الدكتور السباعي،
يرحمه الله، في الفوز بتلك
الانتخابات! ولم تكن الانتخابات
التي جرت في عهد الانفصال، في
بداية الستّينات، أحسن حالاً،
بالنسبة للإخوان المسلمين،
الذين لم يجاوز عدد نوابهم
العـُشر، في البرلمان السوري،
آنذاك! وهذه اللعبة، لعبة
الفزّاعة الإخوانية، انطلت،
اليوم، حتّى على الكثيرين من
الساسة السوريين، الذين عاشوا
مراحل الحياة النيابية السورية
كلها، وعرفوا حجم الإخوان في
الانتخابات البرلمانية الحرّة! وإذا
كان من نافلة القول، أن الإخوان
السوريين لا يريدون تحمّل تبعات
الانفراد بالسلطة في سورية،
حتّى لو استطاعوا؛ لأن أعباء
الحكم أضخم من إمكاناتهم بكثير،
حتى لو كان الوطن السوري سليماً
معافى، غير مملوء بالاختلالات
والتشوّهات الخطيرة التي صنعها
آل أسد وأضرابهم، في كل ناحية من
نواحي الحياة السورية..
نقول: إذا كان من نافلة
القول رفْض الإخوان الانفرادَ
بالسلطة، حتى لو استطاعوا..
فيكون قد اجتمع عنصران
أساسيّان، هما: عنصر الواقع (العجز)،
وعنصر الإرادة الإخوانية (الرفض)..
ليبيّنا حقيقة اللعبة، التي
يلعبها آل أسد على العالم،
لإطالة عمرهم في حكم سورية،
والتربّع على صدر شعبها، إلى
الأبد! (ونحن لا نقول هذا
الكلام، هنا، على سبيل التواضع،
الحقيقي، أو الزائف.. بل على
سبيل الإنصاف، للحقيقة
والواقع، وعقول العقلاء، من
أبناء سورية وغيرهم.. ممّن يمكن
أن ينطلي عليهم خداع آل أسد
وأعوانهم! والشهود العقلاء
الأحياء، على هذا الكلام،
يعدّون بمئات الآلاف، من أبناء
الشعب السوري! كما أن الوثائق
الرسمية، ما تزال بين أيدي
الباحثين عن حقائق التاريخ
السوري الحديث! ولا يغضّ من شأن
الإخوان السوريين، أن يتحدّثوا
عن حجمهم الحقيقي في بلادهم،
وهم المعروفون بالصدق
والصراحة، في تعاملهم فيما
بينهم، وفي تعاملهم مع الناس،
داخل بلادهم وخارجها!).
3) البديل هو
الديموقراطية الحقيقية: وهذا
البديل، هو البديل الوحيد
المطلوب، من قِبل سائر الشرائح
السورية، على اختلاف تصوّراتها
للبديل، كلّ منها حسب حجمها،
وطريقة قراءتها للواقع السياسي
السوري، راهناً، ومستقبلاً! (وثمّة
كثيرون، بالطبع، ممّن ربطوا
مصيرهم بمصير آل أسد.. يخافون من
هذا البديل، الذي سيحرمهم من
حقّ التمتّع، بالامتيازات
والمناصب والثروات.. التي
توفّرها لهم السلطة المستبدّة!
كما أن "إسرائيل"، الداعم
الأقوى للأسرة الأسدية، ترى في
البديل الديموقراطي خطراً
عليها، حين تقارنه بما تحصل
عليه اليوم، في العهد الأسدي،
من رخاء واستقرار في الجولان
المحتلّ، الذي يحرسه لها الجيش
السوري، بأمر من آل أسد.. فلا
يمرّ طائر نحو حدود الجولان
المحتلّ، من داخل سورية، مخافة
أن يعكّر مزاج الجار الإسرائيلي!
فهل تقبل "إسرائيل" جاراً
ديموقراطياً، يطالبها
بالانسحاب من الجولان، سلماً..
أو يحاربها لإخراجها منه!؟ وهل
تسمح "إسرائيل" لحليفتها
أمريكا، أن تزعزع أمن جارها
اللطيف، الذي تعدّه ضرورة حيوية
لأمنها القومي؛ كما دأب قادتها
على التصريح، بين فينة وأخرى!؟). 4) المحصّلة: ثمّة
بديلان، لا ثالث لهما، على
الساحة السورية، إذا أردنا
الخروج من حالة الوهم، التي
تعزّز فكرة البديل الشبَحي!
وهذان البديلان هما: ـ
الأسرة الأسدية: من وجهة نظر
الأسرة نفسها، و"إسرائيل"،
وأمريكا وحلفائها! وذرائعُ
بقائها، من وجهة نظر الغرب،
ذكِرت آنفاً، وهي أن البديل هو
الفوضى، أو الإخوان، أو
الديموقراطية التي تعطي الشعب
حقّه، في تقدير مصالحه،
وتقريرها، والتعامل مع الآخرين
على أساسها.. وهي، كلها، بدائل
مرفوضة، من وجهة نظر الجهات
المذكورة آنفاً! ـ الديموقراطية: من
وجهة نظر الشعب السوري، وقواه
السياسية الحيّة، العاملة على
الساحة. وإذا عجزت هذه القوى، عن
إدراك حقيقة الواقع السوري،
بدقّة.. وظلّ بعضها يعيش في حالة
الخوف، من البديل الشبَحي
المجهول.. فهذا يعنى مزيداً من
الأيام والشهور والسنين.. لآل
أسد، على رقاب الشعب السوري
الصابر، المنكوب بخبث أعدائه في
الداخل والخارج، وبجهل بعض
أبنائه، في الداخل والخارج،
أيضاً! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |