ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  17/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فلسطين الجديدة

سوسن البرغوتي

إن بعض إفرازات اتفاقية أوسلو وتداعياتها المشؤومة على مجمل القضية الفلسطينية، ونتيجةً لوصول المفاوضات العبثية مع "اسرائيل" إلى أفق مسدود، بدأت تصدر وتتصاعد تصريحات وبيانات وآراء تضع أو تقترح حلولاً بديلة، بشكل ملفت للنظر ومثير للدهشة والاحباط معًا، إذ أنها مطالب من شخصيات فلسطينية وأخرى عربية، لكنها بعيدة كل البعد عن جوهر القضية الفلسطينية، كون فلسطين أرض وجسد واحد لا يُجزأ.

عند استعراض التصريحات والمناشدات والبيانات وحملات المقاطعة، نستنتج أن ثمة فلسطين جديدة تخط حدودها، دون مراعاة للثوابت وأسس الحق الفلسطيني، وذلك باستخدام مصطلحات مأزومة، ومشاريع حلول عبثية لقضية سياسية شاملة، ولو استعرضنا بعضها على النحو التالي، سنجد أن:

- ضرورة إنهاء الانقسام بين طرفي الوطن جغرافياً: فعن أي وطن يتحدثون؟، هل القطاع والضفة الغربية هما فقط الوطن، وماذا عن كل فلسطين المحتلة؟، وهل الانقسام حصل بالأمس، أم أن فلسطين مقسّمة بفعل الاحتلال منذ عام 1948، ولا اتصال جغرافي أو تواصل يومي بين المناطق الثلاث- الضفة، القطاع، فلسطين الداخل-، وفلسطينيو الشتات من جهة أخرى.

- الإصرار على دولة الـ67، والقدس الشريف عاصمة لها:ما يعني، مناطق الضفة والقطاع والقدس الشرقية، فهل باتت لفتا ودير ياسين وعين كارم وغيرها من قضاء القدس الغربية، مناطق تعود لملكية دولة أخرى لا علاقة لها بفلسطين؟!.

- مصطلحات تطبيعية: كالدولة العبرية، فما الفرق بين دولة يهودية أو عبرية؟، كلمة تعطي المعنى نفسه، وهو اعتراف بوجود "دولة" عصابات صهيونية ومؤسسة عسكرية قامت على التدمير والمذابح.

- النضال من أجل الحصول على حقوق "المواطنة" والتعايش سلميًا.. ولعل ما صرح به توفيق الجمل في لجنة الداخلية في الكنيست، يوضح ذلك: (وأقولها مرة أخرى وأخرى، إذا كانت حياة توفيق الجمل ستذهب ضحية مقابل أن ترجع الحال على ما كانت عليه، وأن يعود التعايش لعكا فأنا مستعد لذلك)، وأضاف موجهًا كلامه لأهل عكا العرب: (يجب أن نعيش باحترام وكرامة، وبدون إذلال، ويجب أن نعيش ورأسنا مرفوع، ولكن يجب أن نعلم كيف نعيش مع السكان اليهود بسلام). ومع ذلك يستعد الصهاينة لترحيل العرب، ولا يريدون أي تواجد عربي، تجهيزًا لـ(دولة اسرائيل) صافية، بصرف النظر عن التسميات!!!.

- إحدى حملات المقاطعة في الضفة الغربية، التي ترفض اضطهاد وقمع الاحتلال وتقارب بينه وبين النظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا. فما وجه الشبه بين النظام الأول في جنوب أفريقيا العنصري والثاني استيطاني- إحلالي-، زُرع بالقوة لإخلاء الأرض العربية من سكانها الأصليين، وإحلال أقليات وشعوبًا أخرى، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالهوية والانتماء الثقافي والجغرافي والتاريخي؟!.

- طرح الأسير المحرر حسام خضر (حل الدولة الواحدة كمخرج للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، بعد فشل اتفاق أوسلو وفشل حل الدولتين الذي ينادي به، مؤكدا وجود توجه من بعض الأطراف الفلسطينية لتبني هذا الحل، وأنه يتفق مع الدعوة لإنشاء دولة واحدة ثنائية القومية). وكأننا أمام مشهد شعب مصاب بانفصام شخصيته، وضياع البوصلة الوطنية، الذي سيؤدي بالتأكيد إلى الخسوف الكلي لأسس ومبادئ الصراع العربي- "الإسرائيلي". وقد استبعد الصراع العربي بالكامل، في حين أن "إسرائيل" من وراء حجاب، تغلغلت في شمال العراق، ولا زالت تحتل مزارع شبعا والقرى السبعة في الجنوب اللبناني، وأبرمت اتفاقيات التطبيع مع دول عربية، التي أتاحت للموساد أن يصول ويجول ويتدخل في الشؤون الداخلية في هذه الدول، وسيطرت على سيادة القرار السياسي، وأكبر دليل على ذلك، إصرار النظام المصري العربي إغلاق معبر رفح، احترامًا  لاتفاقيات التطبيع، بالإضافة إلى إقامة مشاريع وفتح أسواق تجارية للكيان في هذه الدول وغيرها - التي لم تعلن التطبيع معها-. ثم الدعوة إلى دولة واحدة ثنائية القومية، هل ستكون فلسطينية، أم "إسرائيلية" متفوقة بكل المجالات؟!، تعزل العرب في كنتونات وراء جدار (يكرّس) التعايش السلمي- كما يطالبون-، لا بل يعزل العائلة الفلسطينية الواحدة عن التعايش مع عائلات فلسطينية أخرى!.

- استبعاد النضال المسلح واللجوء إلى النضال السلمي مع حركات "إسرائيلية" محبة للسلام، مما يعني رص صفوف "الشعبين" و"إسرائيل" أمراً واقعاً، وعلينا التنازل والاستسلام لهذا القدر و"السيناريو الجاهز" والمفروض، والمطالبة بأي حل يرضي العدو "الشريك بالأرض والمصير"، وسيقود إلى تغيير وتحريف برامج التعليم، وتشويه الشخصية والتراث الفلسطيني. كما أن هذه الدعوة ستعمل على قتل إرادة النضال المسلح، خاصة في فكر الجيل الجديد، فهل يُعقل أن ينشد شعب الوحدة مع من احتله؟!.

- نشرت صحيفة القدس العربي خبرًا مفاده (أن لقاء اسرائيلي- أردني سري يبحث مستقبل القدس، ورغم أن الشخصيات  الخمسة ليست رسمية، إلا من حضر اللقاء من الجانبين، حصلوا على الضوء الأخضر من قبل السلطات الرسمية في كلا الجانبين للتفاوض والحوار حول مساحة المنطقة المذكورة، وتشمل المسجد الاقصى، وكنيسة القيامة، وما يسمى بحائط المبكى، لدى اليهود، فإن هناك خلافًا اسرائيليًا حول مساحتها ما بين 1.02 كم و 2كم)!. عجبًا، يفاوضون على أراضي عربية- إسلامية مقدسة بالمتر، ومنا من يقبل تغيير اسم حائط البراق ويتنازل عنه، في حين أن الحقيقة المطلقة هي فرض منطق القوة والتطبيع والتحكم بالمدينة المقدسة.

أخيرًا وليس آخرًا، ورقة النظام المصري "المعتدل" على أنها "المشروع الوطني الفلسطيني"، لم تشير من قريب أو بعيد لوحدة كل الأرض والشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، ولا إلى الاحتلال، كونه السبب الرئيسي للانقسام، والورقة برمتها تنطلق من عموميات الخلاف الداخلي، ولا تتعرض لجذوره، ناهيك عن أنها لم تخرج من إطار توافقي مع المفاوضات وحل الدولتين لـ( توفير الرخاء والاستقرار) في حدود الـ67.

إن كل ما يجري يستبعد أهل الشتات، ويقرر مصيرهم بناء على حلول وهمية، واختزال بيّن للقضية الفلسطينية، اللهم ذكر حق العودة ككلمة عائمة ولا يُعرف، إن كانت العودة إلى تنظيرات (الدولة الواحدة أم إلى دولة الوهم)، وها هو بوش سيرحل دون رجعة، ويتلاشى معه وعد إبليس بالجنة.

هنا تجدر الإشارة إلى ضرورة التعريف بأن شعب فلسطين وحدة لا تتجزأ، ولا يُمنح أي حق لثلث شعبها، ويُترك الثلثين منسيين، ومهددين بتدمير مخيماتهما وملاحقتهما أينما تواجدا..

أمام هذه المشاهد المحبطة، حريّ بأهل الشتات والمنافي، أن لا يخوضوا معركة لأجل أي حل مما تقدم، لأنها على حساب أرضه ومصيره وتشتته وتشرده، أو توطينه وتعويضه بأحسن الحالات، وأن يبني مؤسساته ويناضل لأجل استرداد كل ذرة تراب من فلسطين. أما مذابح صبرا وشتيلا وتدمير نهر البارد، وتهديد بالهجوم على مخيم عين الحلوة، فهي ليست قرابين لدولة الوهم أو من أجل التعايش السلمي أو النضال ضد نظام قمعي يضطهد (المواطن الإسرائيلي)، والفلسطينيون الذين تشتتوا وأخذوا نصيبهم من مآسي النكبة، ليسوا كبسة زر، ليشطبوا تاريخ وذاكرة وقسوة التشرد.

عودة إلى أوسلو وما قبل أوسلو، وسياسة "المرحلية" برمتها التي عملت على تفريق الفلسطينيين، وشكلت حدود فلسطين الجديدة، وعلى قاعدة أن" ليس بالإمكان، أبدع مما كان"، فإما أن تعود القضية الفلسطينية كوحدة وسلة كاملة تعود إلى سدة أولويات كل الشعب، أو سنجد في الوقت القريب، من يناضل من أجل مدينته وقريته وحيه، لا بل من أجل بيته فقط، وستقتل "إسرائيل" أحلامهم جميعًا بشعار يحمل عنوان "سلام أو استسلام الجبناء"..لا فرق.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ