ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  19/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الدهشة أهمّ حافز للتفكير، وهو أهمّ حافز للفعل.

فهل بقي لدى الشعب السوري مكان للدهشة!؟

عبد الله القحطاني

الدهشة في كتب اللغة هي: الحيرة وذهاب العقل! يقال دَهِش، ودهشَه دهَشاً. وأورد بعضهم: دُهِش، فهو مدهوش. كما يقال: أدهشه. والمعنى في كل ما ورد هو: الحيرة وذهاب العقل!

 إلاّ أن للدهشة، في الاستعمالات الأدبية وغيرها، لاسيّما في العصر الراهن، معاني أخرى، تفيد المفاجأة بغير المتوقّع، والتنبيه القويّ بعد الغفلة الشديدة، المستقرة، نتيجةَ إلفةِ الأشياء والاعتياد عليها! ويمكن النظر إليها، على أنها هزّة قويّة، للعقل المتبلّد، تنبّهه إلى أشياء قديمة، كان غافلاً عنها! أو تلفته إلى أشياء جديدة، لم يكن يعرفها من قبل! وبناء على هذا يمكن النظر إلى كثير من الحالات، على نحو خاصّ مختلف:

 1- من صور الدهشة والإدهاش، في رسالات الأنبياء، وحياتهم مع أقوامهم:

 * المعجزات التي جاء بها الأنبياء، مثل: عصا موسى ويده!

• معجزات المسيح: في إحياء الموتى، وشفاء الأعمى والأبرص!

• القرآن الكريم: ببيانه، وإخباره بقصص الماضين، ولفت أنظار الناس بالعجائب الكونيّة، مثل: خلق السموات والأرض، وخلق البشر والجبال، والليل والنهار، والشمس والقمر، والنوم في الليل والنهار.. وحادثة انشقاق القمر، عند تحدّي قريش للنبيّ، بأن يشقّ القمر.. وغير ذلك من دلائل قدرة الخالق!

2- الإدهاش في الشعر والأدب والفنّ، والإبداع بشكل عامّ! فكلّما ازداد الإبداع في الأدب، ازدادت قدرته على الإدهاش! والأدب العاجز عن الإدهاش، يعَدّ ضعيفاً، بصورة عامّة.

3-  الإدهاش في السياسة:

• في أحد الأعمال الفنّية لدريد اللحام: أنه كان يكتب (عرض حال) لأحد المواطنين، ليقدّمه للمحكمة، متظلّماً من أحد خصومه. فكتب له (غوّار) عرض حال، يصوّر حالته، بشكل أقسى كثيراً ممّا هو عليه! ويصوّر مظلمته بشكل أكبر بكثير من واقعها! فصار الرجل يبكي بشدّة، ويقول: أكلّ هذا جرى لي، دون علمي!؟

• ممّا ألِفَه شعب سورية، في عهد الأسرة الأسدية الميمونة، من المظالم والكوارث والمصائب، ما يشيب له الولدان! لكن الناس في سورية، ألِفوا هذه  البلايا، حتى صارت كأنها هي الأمر الطبيعي في حياتهم! فلم يعد أحدهم يدهش، لكل ما يصيبه من ظلم وجور وقهر، ونهب وحبس وتشريد! لأن هذه الأمور صارت طبيعية لديه، وأيّ تغيير فيها نحو الأفضل، يصيبه بالدهشة! بل صار يدهش، إذا أنجِزت له معاملة، دون أن يدفع عليها رشوة! وهكذا صارت الأمور الشاذّة المثيرة للدهشة، هي الطبيعية، والأمور الطبيعية هي المدهشة، في نظر المواطن السوري!

• ومن العجيب أن توالي المدهشات، الغريبة إلى حدّ الشذوذ، أفقد المواطن السوري قدرته على الاندهاش! ومن ذلك، على سبيل المثال:

- أن يسلّم حافظ أسد الجولان للصهاينة، بلا حرب.. ثم لا يحاكم ولا يعدم، كما جرت العادة بشأن الخونة!

- أن يستلم حافظ أسد حكم سورية، وهو الذي أضاع الجولان في الحرب، وسحب الجيش السوري بشكل كيفي، ولا يدهش أحد!

- أن ينهب حافظ أسد نفط سورية كله، ولا يدهش أحد!

- أن يسمع المواطن السوري، أن ثروات آل أسد وآل مخلوف، بالمليارات، من حساب وطنه وشعبه.. ولا يصاب بالدهشة!

- أن يقتحم عنصر مخابرات، بيتاً في قرية أو مدينة، ويسوق أهله إلى أقبية التعذيب، والناس ينظرون، دون أن يصابوا بالدهشة!

- أن يهان الناس في الشارع، رجالاً ونساء، من قبل أجهزة المخابرات.. ولا يصاب واحد منهم بالدهشة!

- أن تهان المقدّسات الدينية، والرموز الوطنية، والكرامات الإنسانية، علناً، من قبل أجهزة الأمن السوري.. ولا يصاب الناس بالدهشة!

- أن يتحدّث إعلام الأسرة الأسدية، عن الوحدة الوطنية، والوحدة القومية.. ولا يصاب الناس بالدهشة، وهم يعرفون ما فعل آل أسد، ويفعلون، من تمزيق الوحدة الوطنية في سورية، ومن تحطيم المرتكزات والأسس، التي تقوم عليها الوحدة العربية، في تحالفهم مع الفرس، ضدّ أبناء أمّتهم العربية!

- أن يرفع آل أسد، شعار الحرّية، صباح مساء.. دون أن يدهش المواطن السوري، الذي يرى ما يفعله هؤلاء، بحرّية المواطنين السوريين!

4- إن عدم اندهاش المواطن السوري، بأيّ من المدهشات التي تمارس عليه.. هو بحدّ ذاته يثير دهشة العالم، فيتساءل الناس: ماذا جرى لشعب سورية!؟

5- كيف تعود للمواطن السوري، قدرته على الاندهاش، من حالته، وممّا يفعله به آل أسد!؟ هذا السؤال يعَدّ جوهرياً، إذا أريد لهذا المواطن، أن يتحرّك لإنقاذ نفسه، من البلايا الرهيبة، التي تنصبّ على رأسه، صباح مساء!

وهنا يطرح سؤال آخر، مرتبط بالأول:

 ما الوسيلة الأنسب، التي تجعل المواطن السوري يُدهش، ليتحرّك!؟

 هل هي الكلام، الذي يصف حالته في ظلّ آل أسد، ويصوّر له مآسيه، في وسائل إعلامية شتّى، من بينها المسلسلات التلفزيونية!؟ أم أن هذه الوسيلة صارت وسيلة لتفريغ شحنات الكبت والقهر التي لديه، لإبقائه في حالة من الركود والخمول والغفلة!؟

 هل ثمّة وسيلة أخرى، غير الكلام، ملفوظاً ومكتوباً ومصوّراً.. تعيد للمواطن قدرته على الاندهاش!؟

هذه الأسئلة، مطروحة على القوى السياسية، الحريصة على تحريك المواطن السوري، لتحرير نفسه من براثن الأخطبوط الأسدي البشع!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ