ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
القيادات
الفلسطينية أربعون عاماً من
العبث أحمد
الفلو* اعتاد زعماء العالم
الثالث على توخي الحيطة و الحذر
في تعاطيهم السياسي مع القضايا
المهمة و تداول هذه القضايا مع
القوى العظمى , حيث تكتنف
الاتصالات درجة عالية من
السرِّية و الغموض كي لا
يُفتضَحَ أمر هؤلاء الزعماء
أمام شعوبهم نظراً إلى ما
تمارسه تلك القوى من ضغوط و
إملاءات على أولئك الزعماء و ما
يترتب على رضوخهم إلى تلك
الإملاءات من المساس بالسيادة
الوطنية و الإضرار بمصالح الشعب
, كل ذلك يتم مقابل وعود وهمية
يتلقاها هؤلاء الحكام بحمايتهم
و إبقائهم في كراسي الحكم حيناً
من الدهر . لكن الحالة
الفلسطينية تبدو مختلفة عن هذا
النمط حيث الممارسة السياسية
للزعامة التقليدية ل¯ "منظمة
التحرير" و لرئيس
"السلطة" أكثر انكشافاً ,
لا لسبب أنها منفتحة على شعبها
أو بسبب النزاهة الأخلاقية و
العمل تحت الشمس, إنما على
النقيض من ذلك تماماً, حيث يعود
سبب ذلك الانفضاح إلى مجموعة من
الأسباب ربما كان أهمها هو
الانحسار المستمر الذي تشهده
القضية الفلسطينية منذ تولي
أشخاص غير أكفاء و دون المستوى
اللازم لتحمل المسؤولية بل إنهم
تعاطوا مع القضية الفلسطينية
برمتها على أنها صيد ثمين يحقق
لهم مكاسب مالية و معيشية أو
تضعهم في ساحة النجومية والشهرة
الإعلامية, و ربما أرادت هذه
الزعامات ولوج التاريخ من باب
"العنتريات" و الانتصارات
الوهمية و رفع الرايات الحمراء,
وكانوا و مازالوا يتغافلون عن
الوقائع و الكوارث التي جلبوها
للشعب الفلسطيني . وربما كانت هناك
أيضاً أسباب أخرى جعلت كل
إخفاقات قيادة "فتح" ومعها
الفصائل اليسارية التي تلوذ بها
تحت الأضواء, ولعل الوعي الفائق
و الإيمان بعقيدة الإسلام لدى
الشعب الفلسطيني هو أحد تلك
الأسباب, كما يمكن أن نضيف إلى
تلك الأسباب ذلك الواقع الجديد
الذي أوجده الفلسطينيون
المخلصون من أبناء "الحركة
الإسلامية" حيث البذل
والتضحيات والتسامي فوق
الرذائل السياسية والمفاسد
المالية و الأخلاقية التي طالما
اعتادت تلك الزعامات الفتحاوية
واليسارية أن تمارسها. لقد كانت تلك
الزعامات وما زالت تمارس
المتاجرة بقدسية و عدالة القضية
الفلسطينية وتعمل على دفعها نحو
الهاوية على المستوى السياسي, و
عملت على تضليل الشعب الفلسطيني
تحت شعار القرار الفلسطيني
المستقل, ليرى الشعب تلك
الزعامات تهبط بمرجعية القرار
من الكفاح المسلح لتحرير كامل
التراب الفلسطيني إلى مستوى
أدنى و هو قرارات الأمم المتحدة
المتَّشِحة بغصن الزيتون,
لينحدر ذلك القرار إلى مستوى
المطالبة بإقامة الدولة
العلمانية التي نقتسم فيها أرض
فلسطين مع قطعان المستوطنين, ثم
يتدحرج القرار الفلسطيني
المستقل على يد هذه القيادات
الرعناء إلى المطالبة بدولة على
الأراضي التي احتُلَّت عام 1967 ,
ويستمر مسلسل الهبوط إلى ارتهان
القرار الفلسطيني المستقل بما
تمخَّضت عنه اتفاقيات أوسلو
والقبول بدويلة مجهرية ممزَّقة
الأوصال خاضعة للسيادة
الإسرائيلية ومن دون عودة
اللاجئين وعاصمتها قرية "أبو
ديس", و قد جعلت هذه التنازلات
العدو الإسرائيلي يعتمد سياسة
مد الأحذية كي يلعقها هؤلاء
المحسوبون زوراً على شعبنا
وقضيتنا . أما الآن فإن هذه
الزعامات الفتحاوية و تبيعتها
اليسارية تتخذ قراراتها من خلال
ربع ساعة شهرياً
عن طريق الهاتف يمنحها لهم
مشكوراً متفضِّلاً طوني بلير
رئيس اللجنة الرباعية نظراً إلى
انشغاله بإدارة العديد من
الشركات والبنوك, و كأن التاريخ
يكرر نفسه منذ الخمسينات من
القرن المنصرم حين كان محمود
عباس ويقدمها الى المخابرات
البريطانية يعمل مخبراً يكتب
التقارير عن نشاطات أبناء
الجاليات العربية عموماً
والفلسطينية خصوصاً, وكان هذا
من ضمن برنامج التأهيل الذي
اتبعته المخابرات البريطانية
لتجعل منه زعيماً للفلسطينيين,
إنه طريق مرسوم لقيادات الذل
والهزيمة سلكته أمس واليوم و
لكن ليس غداً, لأن أجيالاً جديدة
من الفلسطين نشأت وترعرعت في
المساجد و منازل المخيمات
البائسة على يد الامام المجدد
احمد ياسين , لن تسمح لزبائن
كازينو أريحا الفتحاويين ولا
لتلاميذ دايتون اليساريين من
تولي زمام القيادة الفلسطينية,
تلك القيادات التي خلعت الأقنعة
و جاهرت بتبعيتها للصهاينة و
تعاونت مع القيادة المصرية لفرض
الحصار, و الآن ترفع شعار " لا
لإمام المسجد اسماعيل هنية و
الجوع و الموت لأهل غزة لأنهم
اختاروا الإسلام منهجاً " . لقد انحصرت مهمات
عباس و عصابات اليسار المتصهين
في مهمتين أساسيتين أولاهما
تقزيم القضية الفلسطينية من
قضية العرب والمسلمين إلى قضية
تعاون أمني وتنسيق مع الصهاينة
و إدراج تلك القضية المقدَّسة
ضمن حملة مكافحة الإرهاب و ما
يتبع ذلك من عقوبات على كل
فلسطيني و عربي و مسلم يفكر
بمقاومة المد الصهيوني و التصدي
له, أما ثاني المهمات المَنوطة
بعباس فهي التوقيع على صكوك
التنازل عن الأرض الفلسطينية
والمقدسات, وهو إضفاء غطاء من
الشرعية على وجود الكيان الغاصب
على أراضي الضفة و مدينة القدس,
لا سيما و أن سلفه عرفات وٌَّقع
على وثيقة التنازل عن الأراضي
المحتلَّة عام 1948 باعتبارها
وطناً قومياً لليهود. إن تلك
النماذج الذين وضعوا أنفسهم في
خدمة أعداء الأمة لن يُكتب لها و
لا لمناهجها البقاء و
الاستمرار, أما النموذج المقاوم
الآن في غزة والذي يتعرض
للتجويع و القتل فهو الذي ستكتب
له الديمومة والاستمرار لأنه
يمثل تطلعات الفلسطينيين و
العرب والمسلمين بتحرير فلسطين
. ـــــــــــــ *كاتب
فلسطيني ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |