ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  23/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


انتهى زمن الشعارات

من الحقائق القديمة التي تلح تداعيات الأمور اليوم على استحضارها، هي تلك التي تفيد بأن التشريع الاسلامي يزخر بالحلول المناسبة والملائمة لبني البشر على اختلاف مللهم ونحلهم،وعلى اختلاف أماكنهم وأزمانهم...

ومثلما أدرك أن هذا القول لايروق للكثيرين، أدرك أنه لم يعد يحرك الحماس الكافي في الكثيرين أيضاً.. وماذاك إلا لانفصال النظري عن العملي إذ أن النظري الذي لايتحول الى عملي يظل من الكلام الذي يحدث تكراره الملل والضجر، حتى وإن كان قد زها في بداية الأمر بالجاذبية والبريق الذي يزين كل فكرة جديدة وقول حسن!!!

فنحن عندما نكرر عبارات، ونطلق نظريات من العيار الثقيل، ثم نهمل قضية العمل على تنفيذ هذه العبارات وتطبيق هذه النظريات، إنما نقوم بإرسال رسائل كثيرة لأنفسنا وللآخر، من هذه الرسائل، واحدة تقول : "أننا عاجزون عن تحويل الكلام الى فعل"، وأخرى تقول : "لابأس من أن نعيش عالمين متناقضين أحدهما نظري ناجح، والآخرعملي فاشل"، ولكن الرسالة الأشد خطورة والتي قد تصل مدوية، هي تلك التي تقول: "إن الكثير مماجاءت به الشريعة الاسلامية غير صالح للتطبيق، في هذا العصر بالذات"!

ويبدو أيها السادة أننا في عصر عملي، أي أن ما لانستطيع إثباته عملياً يُهمَش ويُهمل حتى وإن كان مُهما، ورائعا من الناحية الكلامية واللفظية والنظرية...

فلم تعد تلك العبارات الرنانة من مثل : "الاسلام هو الحل" تجدي نفعاً في هذا الزمن، إن من حقك أن تطالب من يحمل شعاراً كهذا بأن يتفضل ويتكرم ويريك كيف حول هذه العبارة الى نظام عملي مفيد، وكيف ستستفيد أنت وغيرك بشكل مباشر أو غير مباشر من هذا النظام، إن وجدته يتلعثم ويستخدم أسلوب اللف والدوران، وإن راح يعلقك بآمال عظام بعيدة المنال، أو راح يرجع بك الى تاريخ مضيء صنعه أبطال غادروا منذ أكثر من ألف سنة، فلا تضيع وقتك معه، وربما كان من حقك أن تعتقد أن هذه العبارات الرنانة ماهي إلا خدعة في ظاهرها بريق، وفي باطنها خواء، مادام حملتها عاجزون عن ترجمتها الى واقع فيه المنفعة التي تستطيع أن ترى آثارها بوضوح في يومك هذا...وأؤكد في يومك هذا ..

ولاتقتصر هذه النظرة على ماهو إسلامي فقط، ولكنها تشمل كل نظام يدعي أنه سيحقق مصلحة العباد، ومن هنا تستطيع أن تطبق هذه النظرة على النظام الرأسمالي، القائم على اقتصاديات السوق وقوانينها ، وعلى العولمة المخجلة في تطلعاتها، وأهدافها ... فاليوم تتساقط البنوك الربوية الواحد تلو الآخر، كحجارة الدومينو، بدأنا ببنك "ليمان براذرز" في أمريكا ، وتلته سلسلة بنوك عملاقة أخرى، ثم فتح هذا التساقط شهية البنوك العالمية خارج أمريكا، لكي تعلن بدورها عن أزمات وإفلاسات كانت من المسكوت عنه....

النظام البنكي أو المالي القائم في الغرب وفي غالبية دول العالم العربي والاسلامي، عاد مهدداً بالسقوط والانهيار، وهناك من تحدث وأكد أن النظام الرأسمالي القائم على اقتصاد السوق والعولمة، نفسه بات مهدداً...

قل لي إذاً ماذا قدمت الشعارات الرنانة التي روجت لها الرأسمالية والرأسماليون للأفراد والمجتمعات؟؟ إنها لم تقدم أكثر من النظام ربوي ظالم ساهم في ازدياد أعداد الفقراء، وفي ارتفاع أعداد الجياع، يقابله تمركز للثروات في أيدي فئة قليلة، تنفقه في ملذات ورفاهية وابتذال، غير مبالية بدول كاملة تموت فقراً، بالإضافة الى الكثير الكثير من الانجازات المدمرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأخلاقي والانساني...

 وماذا تريد أكثر من تصريح الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" بأن النظام الاقتصادي العالمي الذي تتزعمه أمريكا، والقائم على اقتصاد السوق لم يعد قادراً على احتواء التغيرات التي تطرأ على السوق العالمي، وأشار الى ضرورة بحث العالم عن نظام اقتصادي جديد مستقر بعدما فشل النظام الاقتصادي الحالي...

نفس الوقت الذي كان يشهد إفلاس وسقوط البنوك الربوية في الغرب بأكمله، كان يشهد وبمفارقة مفتقدة ، على إعلان أرباح ومكاسب هائلة حققتها المؤسسات المالية الاسلامية في بعض الدول العربية والاسلامية!!! أمر رائع حقاً.

هذه المؤسسات المالية والاستثمارية اجتهدت في تطبيق بعض جوانب الاقتصاد الاسلامي، لأنها اقتنعت منذ البداية أن النظام الربوي ليس حلاً لمشاكل المجتمعات الاقتصادية، وأعلنت بأن النظام المالي الاسلامي هو الحل ومن خلال تطبيقاته المنضبطة والمدروسة والمتنوعة يتحقق الرخاء لهذه المجتمعات... لكنها عندما حددت نظريتها تلك لم تجلس تنتظر النجاح الذي ستأتي به جاذبية الفكرة والعبارة، إنما راحت تعمل بجد وإخلاص، وبحكمة واتزان، وصبر ومثابرة، مستفيدة من اجتهادات العلماء، في الاقتصاد الحديث وفي الفقه الاقتصادي الاسلامي، فتم استنباط الكثير من الأحكام الشرعية التي كانت الأمة قد أهملت البحث فيها، والتطرق إليها منذ عقود من الزمان...

ووسط الانهيارات المتلاحقة للمؤسسات المالية العالمية، برزت المؤسسات المالية الاسلامية ، بنظامها اللاربوي كأجمل ماتكون عليه صورة النجاح ...

إنه نجاح عملي ، واضح ، لاتعتريه الشكوك ، ولايملك العدو ولا الصديق الحجة لانكاره...

نجاح جعل عمالقة الاقتصاد الرأسمالي يقفون له احتراما، ويجدون فيه بديلاً عن أمراض وأسقام النظام الربوي القائم على الظلم والكذب والمقامرة والوهم ... ومنهم من طالب صراحة بضرورة الأخذ عن  النظام المالي الاسلامي، لأنه أثبت قدرته على مقاومة الأزمات المالية!!

ولكن هذا النجاح العظيم للمؤسسات المالية الاسلامية، يحملنا مسؤولية عظيمة كمسلمين نضطلع بحمل آخر الرسالات السماوية، إذ أنه يبرز تقصيرنا وتقاعسنا في مجالات الحياة الأخرى التي ادعينا أن الاسلام يمتلك الحلول لها، بينما لم نعمل بإخلاص لكي نري العالم كيف تكون هذه الحلول حية تنطق!!! إننا بطريقة أو بأخرى مسؤولون عن قتل هذا الدين ومسؤولون عن جهل الجاهلين به، ومسؤولون عن عدم تجديد أنفسنا لكي نقود هذا العالم فندفعه الى الخير بدلاً من أمم أخرى استلمت قيادته وراحت تدفع به الى الشر.

وعلينا أن نتساءل كيف للعالم أن يصدقنا !؟

 كيف له أن يصدق -مثلاً- أننا نمتلك الحلول للمشاكل الاجتماعية، ونحن نعاني من الجهل والأمية والظلم الاجتماعي على كل صعيد، وكيف له أن يصدق أننا نمتلك الحلول للمشاكل البيئية ونحن أكثر من يدمر البيئة، وكيف له أن يصدق أننا نمتلك الحلول السياسية ونحن نمارس التسلط ونفضل سياسة القمع والإسكات وقتل الحريات!!!

إن مايحدث اليوم على أرض الواقع يقدم لنا مشهداً مختلفاً، مشهداً يرغمنا على النظر من زاوية غير تقليدية ويدعونا للجلوس على مقعد آخر غير ذلك المقعد المخصص للطم والنواح وادعاء الظلم العالمي لنا..

المشهد اليوم، هو مشهد يقذف بِحَمَلة الشعارات القابعين في الزوايا يجمدهم انتظار المجهول، الى قمامة الأيام!!

المشهد اليوم يؤكد أن السبق هو لمن يعمل بجد، ويكون قادراً على تقديم المنفعة للناس في أفضل صورها وأحسن أشكالها ! لا لمن يرفع صوته بمطالبات التمكين غير المقترنة باثباتات النجاح. أو أنه يكتفي بأن يجعل من تاريخ الأبطال الذين نجحوا سابقاً، إثباتا لامكانية نجاحه هو الآخر ، فقط لأنه ينتمي الى نفس الديانة !!

 وخلاصة الأمر...أن نجاح المؤسسات المالية الإسلامية، واعتراف العالم الغربي بنجاحها يجب أن يجعلنا ندرك قيمة العمل الفاعل فيخرجنا من حالة الركود، كما يجب أن يخرجنا من قمقم الخوف والرعب والاستهانة بديننا، ويخرجنا من تسليمنا واستسلامنا لكل مايأتي به هذا الغرب الذي لايكف عن ارتكاب الحماقات، وينبغي له أن يخلصنا من عقدة النقص ويحفزنا ويدفعنا لتجديد أنفسنا، لكي نقدم للعالم ماينفعه من الحلول العملية التي ظلت قروناً حبيسة الكلمات والعبارات والشعارات..

إن عملاً مخلصاً استوفى شروطه، لابد وأن يؤدي الى النجاح، والنجاح لايخفي نفسه في عالم عاد صغيراً متقارباً .  

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ