ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تدمير
معابر الذل والترويض أ.د.
محمد اسحق الريفي عندما تتحول
معابر غزة الواقعة تحت سيطرة
الاحتلال الصهيوني إلى سيف مسلط
على رقاب الشعب الفلسطيني
ووسيلة لإذلاله وابتزازه
وترويضه، يصبح التخلص من هذه
المعابر هدفاً وطنياً ذا أولوية
قصوى، ولا سيما في هذه المرحلة
الحاسمة، وذلك لحماية الإرادة
السياسية الفلسطينية وقرار
المقاومة من الابتزاز السياسي. فالعدو
الصهيوني يظن واهماً أنه عبر
تحكمه المطلق بمعابر غزة،
يستطيع أن يمتلك ناصية شعبنا
ويجبره على مقايضة حقه في
مقاومة الاحتلال بفتح تلك
المعابر بالطريقة التي يريدها،
لتتوقف المقاومة بموجب هذه
المقايضة الظالمة عن إطلاق
صواريخها وشن عملياتها
الجهادية ضد جيش الاحتلال
الصهيوني والمستوطنين الصهاينة
في مقابل تزويد غزة بالكهرباء
والوقود والغذاء ومستلزمات
الحياة الأخرى، ولتتحول معابر
غزة فيما بعد إلى أداة لسلب
الإرادة السياسية للشعب
الفلسطيني وإجباره على
الاعتراف بما يسمى (إسرائيل)
ونبذ المقاومة والالتزام بنهج
التسوية السياسية الاستسلامية.
وبعبارة أخرى، يسعى العدو
الصهيوني لتحويل معابر غزة إلى
وسيلة ليس فقط لمساومة شعبنا
على حقه في المقاومة، بل كذلك
لإذلاله وترويضه وإقناعه بأن
تخليه عن المقاومة هو السبيل
الوحيد لرفع المعاناة عنه
وتأمين قوت يومه. ويبدو أن العدو
الصهيوني يتعاطى مع الشعب
الفلسطيني فيما يتعلق
بالمقاومة وفق نظرية الفعل
المنعكس الشرطي لبافلوف،
محاولاً بذلك ربط عمليات
المقاومة في الوعي الجمعي
الفلسطيني بالحصار والمعاناة
وكل أشكال العقاب الجماعي. ولذلك
يتعمد العدو الصهيوني من حين
إلى آخر خرق التهدئة الراهنة،
لاستفزاز المقاومة الفلسطينية
واضطرارها إلى الرد على عدوانه
وجرائمه البشعة، فيقوم على
الفور بإغلاق المعابر وقطع
التيار الكهربائي وتنغيص حياة
المواطنين الغزيين بكل الوسائل
الإجرامية والدموية. وفي الحقيقة،
لا يحتاج العدو الصهيوني إلى
مبررات لإغلاق معابر غزة وشن
عملياته الحربية العدوانية ضد
الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة،
ولكنه يحرص دائماً على تضليل
الرأي العام العالمي، ولذا يدعي
العدو الصهيوني في كثير من
الأحيان سقوط صواريخ المقاومة
على مستوطناته المحاذية لغزة،
ليبرر إغلاق المعابر وتشديد
حصاره على غزة، محاولاً تعزيز
تلك المقايضة الظالمة لدى
المواطن الفلسطيني وخداع الرأي
العام العالمي. ومع الأسف
الشديد، منحت اتفاقيات أوسلو
الاحتلال الصهيوني الحق الكامل
في تحويل معابر غزة إلى بوابات
محكمة الإغلاق لسجن غزة الكبير،
الذي يقبع بين جنباته نحو مليون
ونصف المليون مواطن فلسطيني
ويعيشون ظروفاً غير إنسانية
قاسية ومشينة بسبب الحصار،
فاستغلها الاحتلال ببشاعة في
إذلال العمال والمسافرين
الفلسطينيين، وإخضاعهم
لإجراءاته الأمنية التعسفية،
واعتقال المقاومين والمطلوبين
أمنياً للاحتلال.
كما أقامت أجهزة
الاستخبارات الصهيونية أوكاراً
لها في بعض تلك المعابر، لإسقاط
بعض الفلسطينيين في مستنقع
الخيانة والعمالة، ولجمع
المعلومات الأمنية عن المقاومة
والمقاومين والرأي العام
الفلسطيني. وتجدر الإشارة
في هذا الصدد إلى أن الاحتلال
الصهيوني لا يسمح بتنقل
الفلسطينيين بين الضفة وغزة دون
أذون مسبقة يصدرها وفق معاييره
الأمنية الجائرة. وحتى
أثناء حقبة أوسلو المشئومة، لم
يتمكن الفلسطينيون من التنقل
بين الضفة وغزة إلا بعد حصولهم
على أذون خاصة من سلطات
الاحتلال، وكانت التنقلات تتم
بصعوبة بالغة عبر ممر أمني خاضع
تماماً لجيش الاحتلال،
باستثناء أعضاء فريق أوسلو،
وعملاء الاحتلال والأمريكان
وحلفائهم العرب، حيث منحت سلطات
الاحتلال هؤلاء بطاقات في آي
بي، لتمكينهم من التنقل بحرية
تامة بين الضفة وغزة، والسفر
إلى كل بلاد العالم! إذن لا بد من
إنهاء هذه المقايضة الظالمة
وحماية الإرادة السياسية
الفلسطينية وتأمين حرية قرارات
المقاومة الفلسطينية، وذلك
بوضع خطة إستراتيجية بعيدة
الأمد لإيجاد بديل لتلك المعابر
البغيضة، تقوم على أساس الفطام
التام للاقتصاد الفلسطيني عن
الاقتصاد الصهيوني الآثم، الذي
يمثل الوجه الأبشع للاحتلال،
والسعي الجاد والحثيث لإقامة
اقتصاد فلسطيني مقاوم، وإلا
فستبقى الإرادة السياسية
الفلسطينية مرهونة بإملاءات
الاحتلال الصهيوني. وتتضمن الخطة
الإستراتيجية لتقويض معابر غزة
الخاضعة للاحتلال، تهيئة الرأي
العام العربي والعالمي وتوعية
الجميع بالأبعاد القانونية
الدولية لوضع غزة ومسؤولية
المجتمع الدولي تجاه أهلها
المحاصرين، ووضع العرب
والمسلمين والمجتمع الدولي
أمام مسؤولياتهم تجاه الشعب
الفلسطيني في الضفة وغزة.
وفي أثناء ذلك، لا بد من
توفير وتخزين المواد الأساسية
التي تحتاجها غزة لمدة شهرين
على الأقل، وذلك لتعزيز صمود
المواطنين وإعطاء فرصة
للفعاليات الإعلامية الهادفة
إلى تحريك الشارع العربي
والإسلامية، وتعرية الاحتلال
وفضح ممارساته الإجرامية ضد
شعبنا الفلسطيني، وفضح الجهات
المشاركة في حصار غزة. وبعد ذلك، لا بد
من دك المعابر الخاضعة للاحتلال
وتدميرها بشكل كامل، مع وضع خطة
لتصعيد المقاومة ضد الاحتلال،
ليعلو صوت المقاومة فوق صوت
العملية السياسية العقيمة،
ولتخبو نار الانقسام الداخلي
الفلسطيني، ولتهمد كل الجهود
الشريرة للجهات المتآمرة على
شعبنا، ولا سيما تلك التي تعمل
على تعميق الانقسام وتصعيده.
ويواكب كل ذلك تواصل وتنسيق
مع العلماء المسلمين وقادة
الحركات الإسلامية والأحزاب
والقوى السياسية العربية
والإسلامية، إضافة إلى زيادة
وتيرة الأنشطة والفعاليات
الشعبية النوعية، ليوظفها
الإعلام الحر والشريف في تحريك
الشارع العربي والإسلامي. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |