ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لكن!..
هل يستطيع "أوباما" إصلاح
ما أفسده "بوش" وإدارته؟ الطاهر إبراهيم* لو استعرضنا مفردات المعاجم -عربية وغير
عربية- فلا نكاد نجد تعبيرا يؤدي
المطلوب منه في الشجب
والاستنكار والتنديد، ورفض
الأعمال الإرهابية التي تؤذي
المدنيين غير المحاربين ،مهما
كانت دياناتهم وأعراقهم، عندما
يتعرضون للخطف أو للقصف. ولا
تستطيع هذه الكلمات إعطاء
التعبير الكافي لتصوير بشاعة
تلك الأعمال الإرهابية. لكن!
لماذا ندين الإرهاب الأعمى الذي
يقترفه الأفراد والجماعات،
ولاندين الإرهاب الدولي "المبصر"
الذين يضرب في الشعوب المقهورة
عن عمد وسابق تصور وتصميم، ما
أدى إلى ردود أفعال غاضبة بين
المقهورين من الذين اكتووا
بإرهاب إدارة الرئيس الأمريكي
"جورج بوش" على مدى ثمانية
أعوام؟ لكن هل يستطيع "أوباما" إصلاح ما
أفسده "بوش"؟ ليس في بلاد
الشرق الإسلامي فحسب، بل حتى في
أمريكا نفسها بعد أن كاد يتركها
صحراء بلقعا لا ترى فيها عوجا
ولا أمتا؟ الذين يتابعون ما أكتب، يعرفون أني أشك
بما نسبوه من تفجيرات نيويورك
في11 سبتمبر عام 2001 إلى هؤلاء
التسعة عشر من العرب الذين
أذيعت أسماؤهم عقب الحادث
مباشرة.
فما زعمه أسامة بن لادن من
مسئولية القاعدة عن تلك
التفجيرات لا يلزمنا بشيء. فهو
حر يقول ما يريد. أما نحن فلا
يمكن أن نتخلى عن عقولنا فنصدق
ما زعمه، وكل الشواهد تؤكد
شكوكنا، وليس هنا مجال بحثها
الآن. أغلب الظن أن المحافظين
"الجدد والقدامى" هم من رتب
لأحدث 11 سبتمبر ليجدوا ذريعة
للرئيس "بوش" ليحتل
العراق، لسببين هامين. فالعراق
هو الدولة العربية الوحيدة التي
تملك قوة للوقوف في وجه إسرائيل.
أما السبب الآخر فلأن العراق
يكتنز احتياطيا بتروليا كبيرا
في أراضيه، الوصول إليه سهل،
وكلفة استخراجه زهيدة. قدّمْتُ
برغبة "بوش" في احتلاله
العراق قبل رغبته في احتلال
أفغانستان، مع أن الأخيرة تم
احتلالها أولا، لأن واشنطن تعرف
أن أفغانستان بؤرة مشاكل، لا
نفع يرجى من احتلالها. مزاعم المحافظين الإنجيليين بدأت
تتهاوى، واحدة تلو الأخرى؟
زعموا أن "صدام حسين" عنده
أسلحة دمار شامل. وقد أكدت لجان
التفتيش أن العراق خالٍ من تلك
الأسلحة. مع هذا فقد زعم "بوش"
أنه أراد أن يهاجم منبع الخطر
والإرهاب في عقر داره، فجرد
الجيوش من كل جنس ولون ودين،
وزجّ بها في هذه الحرب الظالمة،
على أفغانستان أولا، وعلى
العراق ثانيا. كان "أسامة بن لادن" وأتباعه محصورين
في جبال أفغانستان ووهاده، لا
يكاد أحدهم يحصل على قوت يومه
إلا بشق الأنفس. أما إذا أراد
إرسال مجموعة لتقوم بعملية ضد
إحدى سفارات واشنطن، فربما
احتاج منه الأمر إلى أشهر وسنين
ليقدر على ذلك. وإذا حصل واستطاع
تنفيذ إحدى تلك العمليات، فإن
القتلى لا يزيدون على أصابع
اليد الواحدة. وهاهو الرئيس "جورج بوش" يسهل الأمر
عليهم اليوم. فجرد الأساطيل
والطائرات التي حملت "المارينز"
إلى أفغانستان. وبهذا يكون قد
قرّب الهدف إلى "القاعدة"
وطالبان، وخفف المؤونة عنهم،
ووفّر عليهم مشقة السفر إلى
أمريكا أو سفاراتها في كل أنحاء
العالم، وما يترتب على ذلك من
تدبير وثائق سفر سليمة ومزورة،
أو أي أمور "لوجيستية" قد
يحتاجونها. بعد احتلال أفغانستان أصبح الجندي
الأمريكي اليوم في مرمى عدوه،
يقاتله في جبال لا يعرف أين
يختبئ فيها. بينما عناصر "طالبان"
وعناصر القاعدة تقاتل
الأمريكيين وحلفاءهم بعيون
مبصرة. فقد قرب إليهم "بوش"
الهدف. أصبح القتلى من
الأمريكيين والحلفاء بالآلاف،
بعد أن كانوا لا يتجاوزون
العشرات عندما تهاجم القاعدة
سفارات أمريكا. أما المشكلة الثانية التي برزت بعد إسقاط
حكم "طالبان" في
أفغانستان، وربما تكون الأخطر،
فهي إن زراعة الحشيش والمخدرات
عادت ليزدهر سوقها، بعد أن كانت
حكومة "طالبان" قد قضت
عليها أو كادت. ومعظم هذه
المخدرات إنما يصدر إلى شباب
أوروبا وأمريكا. أغلب الظن أن الرئيس الأمريكي المنتخب
"باراك أوباما"، لا يلبث
طويلا حتى يتأكد أن السبيل
الأفضل أمامه لتقليل خسائره، هو
سحب جنوده من أفغانستان، بعدما
اشتد ساعد "طالبان" حتى
كادت تستولي على معظم أراضيه،
بما فيها مدن أفغانية هامة. "أوباما"
قبل أن يسحب جنوده، عليه اصطحاب
الرئيس "حامد قرضاي" معها،
لأنه لن يجد ملاذا يؤويه في
أفغانستان. أما العراق فقد كان –قبل إسقاط نظام صدام-
خاليا من وجود عناصر القاعدة
فيه. وهذا لأمر كان معروفا لدى
الجميع ولدى واشنطن، بسبب ضبط
الرئيس العراقي الراحل لحكم
العراق، ولأن القاعدة كانت لا
تكن للرئيس صدام كثيرا من الود،
قبل احتلال العراق. تغير الحال في
العراق بعد سقوط بغداد. ففي نفس
اليوم الذي أنهت فيه جيوش
الحلفاء احتلالَ العراق،
انفتحت الحدود العراقية على
مصراعيها أمام ألوف المقاتلين
من كل الأقطار العربية المجاورة
وغير المجاورة. تلك الألوف
وجدتها فرصة سانحة لها لاصطياد
الجنود الأمريكيين. بدأنا نسمع
عن أسماء تقود المعارك ضد
الأمريكيين، ما كان أحد يسمع
عنها من قبل، مثل أبو مصعب "الزرقاوي"
وغيره. وبالرغم من المساعدات
التي قدمتها دول الجوار العراقي
لتحجيم قدوم المقاتلين، (بعض
تلك الدول تتهمها واشنطن أنها
تسهل انتقال المقاتلين عبرها
جهرا لكنها تتعاون سرا مع
واشنطن في اصطياد المقاتلين
العرب) فقد غص العراق بهم، ما
جعل الرئيس "بوش" يسب ويشتم
مساعديه الذين أشاروا عليه بغزو
العراق. كانت خسارة أمريكا باهظة في العراق، على
كل المستويات. فقد خسرت سمعتها
كأعظم قوة في العالم، وتلقى
جيشها صفعات مهينة في العراق.
على الرئيس "أوباما" أن
يتواضع، وألا يدخل جنون العظمة
في حسابه كما فعل سلفه "بوش".
والمعتقد أن "أوباما" يدرك
ذلك جيدا. كما خسرت واشنطن –حسبما هو معلن- أكثر من
أربعة آلاف جندي أمريكي، وأضعاف
ذلك العدد من الجرحى الذين
أصبحوا خارج الخدمة. وقُتِل
عشرات الألوف من قوات مرتزقة
غير نظامية من غير الأمريكيين،
لكن لديهم "جرين كارت" فقط.
معظم هؤلاء جاؤوا من "أفريقيا"،
القارة التي جاء منها والد "أوباما".
أما الخسارة المالية فحدث عنها ولا حرج.
فعدا أن الخسارة الفعلية التي
صرفت على الحرب قدرت بأكثر من
نصف تريليون حتى الآن ، فهنالك
خسائر مالية ضخمة غير منظورة،
ستنفق للعناية بالجرحى
والمعاقين جسديا ونفسيا، ممن
خلفتهم حرب "بوش" المجنونة.
لعل أكبر الخسائر التي ألقت بظلالها على
أمريكا، هي السلم الأهلي الذي
كان يتمتع المجتمع الأمريكي به
بمختلف أعراقه ودياناته. فيوم
أن عين الرئيس بوش وزيراً
للأمن، وضع هذا في أجندته أن
الأمريكيين المسلمين أصبحوا
مشتبها بهم بعد أحداث 11 سبتمبر.
وقد أصاب ذلك المجتمعَ الأمريكي
بشروخ يصعب أن تندمل أو تزول
آثارها. فماذا يستطيع الرئيس
الأمريكي المنتخب أن يفعله
لهؤلاء المسلمين؟ المفترض أن
"أوباما" قد جاء من خلفية
مسلمة. إلا أن كل طرفة عين
يطرفها "أوباما" نحوهم
ستكون محسوبةً عليه.
طلع علينا الرئيس المنصرف "جورج بوش"
يوم2 كانون أول "ديسمبر"
الجاري ليقول: إنه وقع ضحية
معلومات استخبارية كاذبة عن
أسلحة دمار شامل غير موجودة في
العراق. وأنه عندما أصبح رئيسا
لم يكن مستعدا لغزو العراق!...
وسئل هي يخيفه أن الأموال التي
خصصتها الحكومة لمواجهة الأزمة
المالية وصلت إلى 7,5 تريليونات
دولار أي نصف قيمة الاقتصاد
الأميركي؟ غير أنه دار حول
السؤال وقال "سأترك الرئاسة
مرفوع الرأس".
أطرف ما قرأت قولُ خبير سياسي أمريكي: (إن
"بوش" أسقط صدام والبعْث.
والعراق وصدام ، أسقطا "بوش"
والحزب الجمهوري). أعتقد أن إدارة الرئيس المنتخب "أوباما"
سوف تضع يدها على كثير من
الأسرار أخفتها إدارة "بوش"،
قد تشكل فضائح، ليس للرئيس
المنصرف "بوش" وإدارته
فحسب، بل ولأمريكا كلها. فهل
يجرؤ "أوباما" على نشر كل
الحقيقة فيما لو ظهرت؟ ــــــ *كاتب سوري
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |