ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  16/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صحافة الإنترنت نجحت في تعرية الأنظمة القمعية ...

بينما فشلت الصحافة الورقية في ذلك

الطاهر إبراهيم*

الأمريكي "بل غيتس" عملاقُ صناعة البرمجيات، وقبل أن يطور برامج الإنترنت ويجعلها في متناول الناس، العامة قبل الخاصة، كانت الصحافة الورقية قد احتكرت السياسة والثقافة لسنين  طويلة، بقيت فيها صحافةً للحكام وأصحاب الأموال، إلا فيما ندر.

(أستعجل هنا لأنوه ببعض ماقدمه عمالقة الصحافة الورقية في سورية وقد كاد يطويهم النسيان . أخص هنا بالذكر الأديب: "عبد الله يوركي حلاق" (1911- 1996 ) صاحب مجلة "الضاد" الشهرية ورئيس تحريرها التي بدأ يصدرها في حلب في عام 1931. والأديب "حبيب كحالة" (1898-1965) وهو صحافي وأديب سوري ساخر. ولد في دمشق ودرس فيها وفي الجامعة الأميركية ببيروت. مارس العمل الصحافي، وأصدر في عام 1929 مجلة "المضحك المبكي"، وهي مجلة سياسية ساخرة استمر ابنه بعده في إصدارها بعد وفاته حتى أغلقتها حكومة يوسف زعين البعثية في عام 1966. وأذكّر السادة القراء، بأنه صدر في سورية في القرن الماضي، -قبل عهد حزب البعث- أكثر من ثلاثمائة صحيفة ومجلة ودورية).

لا أتكلم هنا عن المجلات الأدبية التي استطاع أكثرها أن يخرج من نطاق الأنظمة، لتتفرغ إلى شئون الإسلام والثقافة والأدب إلى حد بعيد، كمجلة الرسالة التي أصدرها "أحمد حسن الزيات" في مصر، ومجلة حضارة الإسلام التي أصدرها في دمشق الشيخ "مصطفى السباعي".

استمرت الصحافة الورقية –غير الأدبية- في العالم العربي تفرض علينا ذوقها فيما نقرأ ومالا نقرأ. كما فرضت الصحافة السياسية علينا آراء من يدعمها ماليا وسياسيا. حتى غدت الصحف السياسية وكأنها "بازار" يعرض منتجاته على من يدفع أكثر.

في ثمانينات القرن العشرين، وهروبا من التضييق الإعلامي والسياسي، انتقلت صحف عربية  – أو تم إنشاؤها ابتداء- لتصدر من المنفى. وقد تخلصت هذه الصحف من كثير من المعوقات التي كانت تعاني منها شقيقاتها التي تصدر في الأقطار العربية. لكن! هل استطاعت "الصحف المهاجرة" أن تكون صدى لطموحاتنا وما يعانيه المواطن العربي؟

ولأنني على وجه الخصوص، إنما أعبّر عن خيبة أمل السوريين في الصحافة العربية الورقية، فإن معظم ما أذكره هنا سيكون عما تكتبه هذه الصحف عن الشأن السوري. وباستثناء صحيفة "القدس العربي"التي فتحت صفحاتها أحيانا –وأوصدتها في أحيان كثيرة-  لسوريين معارضين لنظام الحكم السوري، فقد رفضت أكثر الصحف العربية المهاجرة أن تفتح صفحاتها كي تنشر مقالاتٍ تعارض استبداد النظام. وكم كانت خيبة أمل السوريين من صحفٍ بعينها، لأنها كانت تراعي حكام دمشق أكثر مما تراعي أهل دمشق. كما لم يشر محرروها إلى ممارسات النظام القمعية، حتى ولو تلميحا. ويوم أغلق النظام السوري مكتب صحيفة عربية مهاجرة في دمشق، لم يشفع لها سكوتها عن ممارساته القمعية، بل وأُجْبِر محررَها في دمشق أن يستقيل منها.

قد لا يعرف القراء غير السوريين، أن سكوت الصحف المهاجرة عن ممارسات النظام القمعية لم يكن تعاطفا معه، بل خوفا من انتقامه الذي يمكن أن يصيب الصحف بمقتل. ولقد قالت تلك الصحف في "صدام حسين" ما لم يقله مالك في الخمر، وغضت الطرف عن "حكام دمشق"، مع أنها تعرف أنهم فعلوا مع الصحفيين أفظع مما فعله صدام، مثل اغتيال الصحفي اللبناني "سمير قصير" المحرر في النهار ورئيس تحريرها، النائب "جبران تويني".

على أننا لن نقبل سكوت الصحف عن استبداد الأنظمة محتجة بأنها تتقي شرور تلك الأنظمة. ولا نبرره لها، وإلا لم تعد سلطة رابعة، بل شريكا مضاربا فيما تفعله تلك الأنظمة. وهي على كل حال، لن تسلم من قمع الأنظمة ولو يوما واحدا ما لم تنافق لها على طول الخط. وإلا فلن تلبث طويلا حتى تقول: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".    

وإذا كانت الصحف الورقية -بكل أنواعها الثقافي والأدبي والتجاري والسياسي-  بقي اقتناؤها وقراءتها حكرا على الخاصة، إلا فيما ندر، فقد استطاعت صحف الإنترنت كسرَ هذا الاحتكار ، وأصبحت في متناول أيدي الجميع: نساء ورجالا: شيوخا وشبانا وأطفالا.

كانت سورية دائما السباقة صحفيا قبل انقلاب "البعث". واستطاعت صحافة الإنترنت المهاجرة أن تكسر الحصار الإعلامي الذي ضربه النظام السوري في سورية حول "المعلومة".  

"أخبار الشرق" مثلا، يصدرها معهد الشرق في لندن، كانت رائدة في هذا المجال. إذ لم تتوقف بعد أن حجبها الرقيب في سورية. وبقيت تبث أعدادها يوميا إلى داخل سورية حتى أصبح من يقرأ أعدادها يزيدون على عشرة آلاف قارئ، فيهم الوزراء، ومنهم ورؤساء الأجهزة الأمنية الذين يدخلون مكاتبهم ليجدوا أعداد "أخبار الشرق" مطبوعة على صفحة الإيميل في حواسيبهم. وقد اقتفت صحف إنترنتية أخرى كثيرة درب "أخبار الشرق"، ومعظمها يصدر من المنفى.

تنبه النظام السوري إلى خطورة هذه الصحافة. ولم يكن أمامه من حيلة في إيقافها أو اغتيال من يُصدرها، لأنها تغزو البيوت والمكاتب، فطلب من الإعلامي البعثي "أيمن عبد النور" أن يصدر نشرة "كلنا شركاء في الوطن" من داخل سورية. وقد ترك له النظام هامشا من الحرية.  توسع "عبد النور" واستكتب معارضين سوريين، فتوسعت النشرة وازداد عدد من يقرأها ومن يكتب فيها. وقد شارك في الحوارات الساخنة على صفحاتها كتّاب النظام ومعارضوه. غير أن النظام بدأ يضيق فيما يكتب في هذه النشرة، بعد أن أصبح يتابعها قراء كثر من داخل سورية. أو لنقل إن "طَبْع" النظام القمعي تغلّب على "تَطبّعه السياسي"، فضيّق هامشَ النشرة حتى عادت وكأنها –أو هي صارت فعلا- أحد صحف النظام "الثلاث" التي تنطق باسمه.

كما حاول النظام السوري أن ينشئ نشرات إنترنتية أوعَزَ فيها إلى المشرفين عليها أن يظهروا كأنهم من المعارضين للنظام، فيبثون "سموم" النظام في دسم الأخبار المكذوبة. وقد كان "نضال نعيسة" أحد الذين استجابوا للنظام. وقد حاول نعيسة إيهام القراء بأنه معارض، لكنه ما لبث أن افتضح أمره، وكرهه القراء تماما، كما يمقتون وزير الإعلام "محسن بلال".

لا يفوتني هنا أن أنوه بأن بعض المواقع المعارضة قد قفزت قفزات واسعة، مثل موقع "أحرار سورية" الذي استطاع أن يستقطب كتابا سوريين وغير سوريين، وأن يبادر إلى نشر المقالات خلال فترة قصيرة وأن يجدد في شكل الموقع. أسجل هنا أن "أحرار سورية" لم يعتذر عن نشر مقالاتي باستثناء مقال واحد. أعتقد أن كل الذين ينشر لهم الموقع يعامَلون نفس المعاملة، ما لم يتجاوزوا آداب النشر. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على فَهْم المشرفين على الموقع لما ينبغي أن تكون عليه صحافة الإنترنت التي ينبغي أن تتجاوز بيروقراطية الصحف الورقية. 

بعض القراء لاحظ أن بعض المواقع الإنترنتية المعارضة التي تصدر خارج سورية قد انكفأت على نفسها، وقد كانت من المواقع النشطة. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن المشرفين عليها نزلوا إلى سورية الآن بعد طول انقطاع، ما جعلهم يراعون "خاطر" النظام. أعتقد أن المواطن السوري لايعتبر النزول إلى سورية خطيئة، بل حقاً مكتسبا لكل السوريين، ما لم يرافقه تفريط في الثوابت الوطنية. وإذا كانت العودة ستحبط المواقف، "بلاش منها"، وأرض الله واسعة.

بعض المواقع السورية اليسارية المعارضة كانت قد فتحت صفحاتها –وما زالت- للكتاب في المعارضة، وأنا منهم. ولكن لوحظ مؤخرا أن موقعا نشر مقالا يسيء إلى شيخ عالم فاضل، له مكانة مرموقة. أرسلت للموقع ردا على الكاتب لكن الموقع لم ينشره. أعدت إرسال الرد ثانية، مع التنويه بأنه سيكون لي من الموقع موقف إن لم ينشر الرد. تجاهل الموقع الرد ثانية، ما جعلني أوقف مساهماتي في الموقع نهائيا. موقع آخر حاول أن يعمل "أستاذا"، فطلب إضافة فكرة والإعراض عن فكرة أخرى، تركته لشأنه وتابعت سبيلي مع مواقع أخرى.

ولا أنسى هنا أن أنوه بمواقع عربية تتمتع بسمعة طيبة، مثل موقع "مجلة العصر" الذي يهتم بالكتابات الرصينة. وهو يفتح صفحاته للكتاب الذين يراعون معايير النشر في الموقع. والموقع كان وما يزال ينشر لي مقالاتي، إلا النذر اليسير مما لا بد منه. لم يسؤني ذلك منه، لاعتقادي أنه كما أن للكاتب الملتزم معايير للكتابة يرفض التنازل عنها،فإن عليه أن يحترم معايير النشر التي تلتزم بها المواقع. بل إن عدم وجود معايير النشر يعني جعل السيء والحسن في مرتبة واحدة، وهذا لا يقول به عاقل. ويبقى أن المعايير تختلف من موقع لآخر.

يبقى أن أقول أن ما عتبْتُ به على بعض الصحف العربية المهاجرة، فليس لأنها رفضت نشر مقالات لي و لغيري بقدر ما أحسست أنها تقف في جانب الأنظمة أكثر منها في جانب الوطن. ويوم أن يقول الزمن كلمته في حق هذه الأنظمة القمعية –وأرجو ألا يكون بعيدا- سيصعب على تلك الصحف التي هادنت الأنظمة القمعية طويلا، أن تبرر مواقفها.

الموضوع طويل وذو شجون، لكنّ المقال قد طال، ورحم الله كاتبا قال فأوجز.

ـــــــ

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ