ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تاريخ
سورية (2) الملحمة
الوطنية في فترة اندحار الأتراك
والاستعمار الفرنسي مؤمن
محمد نديم كويفاتيه* لا شك
أن هذه الفترة كانت مُلبدة
بالغيوم السياسية وعدم اتضاح
الرؤيا لدى الكثيرين من النّاس
، فالبعض من الغيورين على وحدة
الأمّة وقف إلى الجانب العثماني
، وتعصبوا لحكم الخلافة عن غير
وعي وأنا مُقدّر لهم هذا
الشعور، ولكنهم يفعلون ذلك عن
غير معرفة كاملة عن تلك المرحلة
، حيث
كان السلاطين العثمانيين في تلك
الحقبة ما قبل سقوط الخلافة
بعقود لا يملكون من الأمر شيء ،
وإنما السلطة والإدارة كانت في
يد القوميين الأتراك
المُتعصبين وحزبهم الإتحاد
والترقّي ، الذين تمكنوا من
الإمساك بزمام الأمور أواخر
القرن الثامن عشر ، ثُمّ صفى لهم
الأمر تماماً عام 1908 ،وتمثل ذلك
بعد خلع السلطان عبد الحميد في
معركة دامية عام 1909 ، ليكون
الخليفة من بعده كشيخ الإسلام
لا شأن له في السياسة ، ومن ثُمّ
لتدار الأمور من قبل كمال
أتاتورك ، الذي على عهده تفككت
عُرى الأمّة الإسلامية وضاعت
أملاكها ، وأُدخلت الدولة
العثمانية في الحرب العالمية
الأولى برغم رفض الخليفة لها
بمخطط مدروس ، وعلى عهده ظهرت
القوميات في أبشع صورها وجاع
النّاس بسبب سياساته المُتعصبة
التي تدعوا إلى تتريك العرب
والقوميات الأخرى ، ومنع الغذاء
والدواء ، وضجّت أطراف الدولة
وقامت الثورات في كل مكان
للتخلّص من هذا العهد التركي
المُتعصب والمُتعجرف
ومنهم ثورة العرب بزعامة
الشريف حسين بن علي، الذي عقد
الاتفاقيات لجلب السلاح ونيل
التأييد ، فأفلح مرّة وخُدع
مرّة ، وحاول أن يؤول إليه أمر
زعامة العرب والمسلمين ليُجدد
الخلل الحاصل ، فاجتهد في هذا
السبيل ، ولكن المؤامرة كانت
أكبر منه وحالت دون تحقيق ذلك ،
ولكن أولاده استطاعوا تحقيق
الكثير من المكاسب ، ثُمّ لينشب
فما بعد خلافاً بين الشريف حسين
وقبائل من أهل الحجاز بزعامة آل
سعود ، الذين التفت حولهم
الجموع واستطاعوا استعادة
المُبادرة منه ، ليبسطوا
سلطانهم على كل أرض الحجاز ،
ويوحدوا الممالك والبلدات في
مُعظم شبه الجزيرة المساحة
المتعارف عليها الآن بالمملكة
العربية السعودية ، وليكون الى
جوارهم مملكتين للهاشميين
العراق والأردن وعلى وفاق تام وبحساب
الخسارة والربح قد نجد بعض
الخلل في الحسابات ، ولكنها
جميعها كانت نابعة عن اجتهادات
، ومنها أن تكون الأطراف
العربية لاعبة لا ملعوب فيها ،
ثُمّ أننا رأينا فيما بعد ما
فعله أتاتورك بعاصمة الخلافة
العثمانية من التعدي على
الأديان والعرقيات ، ومحاولته
لتتريك الأجناس رغماً عنهم ،
وحتّى الانتقام من العرب كونهم
من الداعمين للخليفة العثماني ،
فمنع الآذان باللغة العربية
وحارب القوميات كما هو عليه
الحال في السلطة الغاشمة التي
تحكم سورية الآن، ولحق بالنّاس
الظلم في كل أطراف الخلافة ،
ولذلك نستطيع أن نقول عن تلك
الفترة بأنها كانت ضبابية غير
واضحة المعالم للكثير مع
مأساوياتها ، ومن الطبيعي مثل
هكذا أوضاع أن تشهد ثورات
تتضامن في الأعراق والأديان
للتخلص من الظلم ، كما جرى في
سورية من قبل العرب والأكراد
والدروز والعلويين والمسيحيين
والأرمن ، للتخلّص من الكابوس
والظُلم وحالة الاستبداد
والاستعمار الفرنسي ، وليكون
أوّل حاكم بعد جلاء الأتراك
لأيام 1918 الأمير محمد سعيد حفيد
عبد القادر الجزائري ، ويتبعه
ليومين الدمشقي الكردي اللواء
شكري الأيوبي الذي عُيّن حاكماً
مابين ولاية الجزائري والأمير
فيصل ليومين ، ومن ثمّ حاكماً
على بيروت ثُمّ على حلب في حكومة
علي رضا باشا الركابي ، لتؤول
الأمور بعدها لقائد الجيوش
العربية الأمير فيصل من أكتوبر
عام 1918 إلى 8\3\1920 حين تتويجه
ملكاً ، ورفض الفرنسيين لذلك ،
ودخوله في صراع معهم ، انتهى
بعزله في 28\6\1920 ، لتدخل سورية
بعدها بعهد الانتداب الفرنسي ،
الذي كافح فيه السوريين في أروع
ملاحم البطولة والفداء ، حتّى
أقرت فيها فرنسا باستقلال سورية
بحدودها الحالية عام 1941بعهد
رئاسة الشيخ تاج الدين الحسيني
بعد أن قسمتها أثناء الانتداب
إلى ست دول، والتي كان فيها أول
رئيس سوري منتخب عام 1932 إلى
نوفمبر 1936،محمد علي العابد من
أكراد دمشق ، إلى نيل استقلالها
الكامل الذي تخلله عدة زعماء ،
وسنتحدّث عنهم لاحقاً ، وانسحاب
أخر جندي فرنسي في 17\4\1947 عيد
الجلاء
وأمّا
الحديث عن فترة الانتداب من
عصبة الأمم للفرنسي على سورية
بداعي الوصاية للمساعدة على
إنشاء مؤسسات الدولة بعد سقوط
الدولة العثمانية "التركية
"فأوجزه بأرقام وعناوين
مختصرة ، لأنّ تلك الفترة ما قبل
انتخاب أول رئيس للدولة عام 1936
وما بعد معركة ميسلون
شهدت سلطة المفوضين
الساميين والحكّام الفرنسيين ،
حكومات لدول مستقلّة بعد تقسيم
سورية لست دول وهم
دولة دمشق (1920)
ودولة حلب (1920) ودولة
العلويين (1920) ودولة لبنان
الكبير (1920) ودولة جبل الدروز
(1921) ولكل منها علم وعاصمة
وحكومة وبرلمان وعيد وطني
وطوابع مالية وبريدية خاصة.
وبسبب الرفض الشعبي للتقسيم
وعدم الاعتراف به قامت فرنسا في
عام 1922 بإنشاء اتحاد فدرالي
فضفاض بين ثلاث من هذه الدويلات
(دمشق وحلب والعلويين) تحت اسم
"الاتحاد السوري"، واتخذ
علم لهذا الاتحاد كان عبارة عن
شريط عرضي أبيض يتوسط خلفية
خضراء. وفي الشهر الأخير من عام
1924 قرر الفرنسيون إلغاء الاتحاد
السوري وتوحيد دولتي دمشق وحلب
إلى دولة واحدة هي دولة سورية،
وأما دولة العلويين فقد فصلت
مجددا وعادت دولة مستقلة
بعاصمتها في اللاذقية وبعد هذا
بقليل في عام 1925 قامت في جبل
الدروز الثورة السورية الكبرى
بقيادة سلطان باشا الأطرش
وامتدت الثورة إلى دمشق ولبنان
واللاذقية وحماة وحمص . أرادت
فرنسا على إثرها تأديب السوريين
فأوعزت إلى بعض البرلمانيين
الموالين لها في حلب بالانعقاد
لإعلان الانفصال عن دمشق. ولكن
الوطنيين في حلب بقيادة إبراهيم
هنانو أحبطوا المشروع بعد أن
أقاموا الاحتجاجات والتظاهرات
وقاموا بقطع الطرق المؤدية إلى
البرلمان يوم التصويت لمنع
أعضائه من الوصول والتصويت على
قرارهم المتوقع وفي عام
1930 تم اتخاذ دستور جديد لسورية
وإعلانها باسم "الجمهورية
السورية"، واتخذ علم جديد كان
عبارة عن ثلاثة أشرطة عرضية (من
الأعلى للأسفل: أخضر ، أبيض ،
أسود) وتتوسطه ثلاثة نجوم حمراء
ترمز إلى المحافظات الثلاث
(دمشق وحلب ودير الزور). وفي عام
1936 تم توقيع معاهدة الاستقلال
مع فرنسا والتي سمحت لدولتي
اللاذقية وجبل الدروز
بالانضمام إلى الجمهورية
السورية. أما لبنان الكبير (الذي
صار اسمه عندها الجمهورية
اللبنانية) فلم ينضم إلى الدولة
الموحدة بسبب كون الغالبية فيه
من الموارنة أصدقاء فرنسا
والمؤيدين بشدة للانفصال
لتخوفهم من المُحيط المسلم
الكبير من حولهم من توجسات
زرعها الاستعمار الفرنسي. أما
المسلمون في لبنان فقد كان
موقفهم واضحا ضد التقسيم منذ
البداية وقد قاموا بالاحتجاج
والعصيان ولم يقبلوا بفكرة
الدولة اللبنانية حتى
الأربعينات بعد أن قبل رياض
الصلح بها وصارت واقعاً اللعب
فيه يؤدّي إلى الفرقة والاقتتال
والانقسام والتشرذم ، ولا يخدم
المصالح العربية أو الإسلامية ،
إلاّ إن جاء عن رضى بالنفس ،
ولكن أكيد ليس في ظل حكومات
الاستبداد والقهر والطغيان ،
وانتهاك حقوق الإنسان الواسعة
الآن في سورية مُلحقات
معركة
ميسلون معركة
ميسلون (8 ذي القعدة 1338هـ=24 يوليو
1920م) قامت بين متطوعين سوريين
بقيادة وزير الحربية يوسف
العظمة من جهة ومُساندة الملك
فيصل فيما بعد عندما وجد
الإصرار من العظمى لدخولها مع
تحفظه على الاشتباك في البداية
لعدم التكافؤ في القوى والإعداد
، ولغدر الفرنسيين بوعودهم
للملك فيصل بعدم دخولهم المُسلح
لسورية ،وبين
الجيش الفرنسي، بقيادة هنري
غورو من جهة أخرى. و تعبر معركة
ميسلون معركة عزة و كرامة من
وجهة نظر البعض ، وتهور واندفاع
من قبل الآخرين ، حيثُ خاض
غمارها وزير
الدفاع يوسف العظمة الذي كان
يعلم أن جيشه المتواضع جدا ،
وبأسلحة الخفيفة والقليلة ،
والأسلحة البيضاء كالسكاكين
والخناجر والعصي لمعظم جيشه في
مواجهة الجيش الجرار الذي
كان يقوده غورو و المزود
بطائرات ودبابات ومدافع
وإمدادات ، والذي لم
يصمد أمامها طويلا إلا
لساعات في معركة عند ميسلون ،
ولذلك سُميت بها ، والتي قاوم
فيها السوريين وعددهم ثلاثة
ألآلاف ببسالة
في معركة غلب عليها طابع
الفوضوية وعدم التخطيط ، قُتل
فيها ثمانمائة رجل من رجال
المُقاومة ، واحتُلّت بعدها
دمشق في اليوم نفسه الثورة
السورية الكبرى ألثوره
ألسوريه الكبرى انطلقت بعدما
عمّت الثورات السورية في كل
أنحاء البلاد ، تأكيداً على
رفضهم للاحتلال والتجزئة
والتقسيم الذي عملت عليه فرنسا
، ومن أجل وحدة البلد ، ، حتّى
وصل الاستياء مداه من الفرنسي
المحتل ، وخاصة بعد اعتقال
الوطنيين الأحرار عقب توجههم
للقاء المفوض السامي الذي دعاهم
للتفاوض ،فاشتعلت الثورة
الكبرى في سورية عام 1925 بأكملها
ضد الاستعمار الفرنسي او ما
يسمى دوليا بالانتداب الفرنسي ،
وهي من أهم الثورات والتحركات
الشعبية الثورية التي حدثت في
تاريخ سورية الحديث أثناء فترة
الانتداب الفرنسي .فتحركت
الثورة من كل مدن سوريا بقياده
عدد من الأبطال المجاهدين ،
منهم سلطان باشا الأطرش ،
وإبراهيم هنانو ، وحسن الخراط ،
وصالح العلي واشترك فيها كافة
فصائل الشعب وسمي سلطان باشا
الأطرش القائد العام للثورة
السورية وقد ساعده ذلك على كسب
محبة وثقة الدروز الذين ساعدوه
في مسيرة التحرير الذي ما لبثت
أن تشتعل في كافة المحافظات
السورية ، لا سيّما حماة التي
قصفها الفرنسيين بالطائرات كما
قصفها النظام السوري الحالي مع
فارق التشبية في مدى الإجرام
والتخريب والدمار ، الذي أتى
على المدينة بأكملها في ظلّ هذا
النظام ، ثم قصفهم لدمشق .وظهر
جلياً تساعد
ثوار الجبل مع ثوار الغوطة في
دمشق .في هذه التحركات الكبيرة
والثورة العامة التي زعزعت بشكل
كبير سياسة الفرنسيين في سوريا
وأصبحوا على قناعة تامة بأن
الشعب في سورية لن يرضخ ولا بد
من تأسيس حكومة سورية وطنية
والرضوخ لإرادة الشعب وثورته
الكبرى وتشكيل مفاوضين من مختلف
محافظات سوريا وعمل انتخابات
برلمانية مستقلة ،استمر على
عقبها رجال الدولة والسياسيون
السوريون وقاعدة الثورة ، ولم
تهدأ الأحوال
في البلاد إلا بعد
الانتخابات البرلمانية
المستقلة في الثلاثينات ورفض
الزعيم سلطان باشا الأطرش
استلام الرئاسة أو تشكيل حكومة
مستقلة في السويداء جبل العرب
لما في ذلك من تقسيم في المنطقة
وتوالت الضغوط إلى حصول
الاستقلال الشامل عام 1946. أهم
الثورات الشعبية في ظل الاحتلال
قبل الثورة الكبرى : ثورة حوران
وثورة صالح العلي في جبال
العلويين عام 1919م ، ثورة
إبراهيم هنانو في جبل الزاوية
عام 1920م ــــــــــ *كاتب مُعارض سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |