ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  17/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


اصطلح الرئيس بشار مع "عون"، ويحاول مع إسرائيل ..

ويرفض مع السوريين، لماذا؟

الطاهر إبراهيم*

في لقاء له مع قناة الجزيرة حاول الجنرال "ميشيل عون" أن يضرب صفحا عن ماضيه العنيف مع نظام "حافظ أسد" ومن بعده الرئيس "بشار أسد"، وكأن ماكان بينهما ليس إلا سحابة صيف، مع أن الجميع، -بمن فيهم مستضيفه "غسان بن جدو"- يعرف أن ما بينهما "ما صنع الحداد". ورغم اختلافنا في وجهات النظر مع الجنرال، غير أننا نتفق معه أن على الخصوم أن يتناسوا الماضي وآلامه، في سبيل بناء مستقبل سليم، هذا إذا صدقت نوايا الخصوم.

وهنا نسأل الرئيس السوري "بشار أسد": لماذا يمد يده إلى كل من هب ودب من البشر إلا أبناء الوطن الذين يفترض أن لا يكون بينه وبينهم خصومة؟ فإذا كان هنالك من الصعاب ما تحول دون لقاء أبناء الوطن الواحد "على كلمة سواء" حاولنا تذليلها والتقينا في منتصف الطريق حتى ينقشع الدخان الذي أعشى أبصار أبناء الوطن الواحد. نحن السوريين أولى من الجنرال عون أن يمد الرئيس بشار إليهم يده. ولعل طريق الصلح بينه وبين أبناء سورية–إذا كان للصلح في قلبه مكان- أولى وأهون من الصلح مع الجنرال "عون"، لماذا؟

لقد صوب الجنرال مدافعه نحو الجيشَ السوري وقرر أن يُخرِجه من لبنان عنوة في 7 نوفمبر عام 1990. هذا ما لم يفعله أبناء الوطن مع الجيش السوري. الصراعات التي كانت تثور بين الشعوب وحكامها كثيرا ما كانت –في النهاية- تنتهي إلى صعيد "لا غالب ولا مغلوب". أقرب مثال على ذلك ما حصل بين اللبنانيين حكومة ومعارضة، في أيار2008. اجتمعوا في الدوحة على قاعدة أن الوطن يتسع للجميع، وأن عليهم أن يعودوا إليه إخوانا، كما خرجوا منه خصوما . بعض المراقبين الذين عرفوا الرئيس "حافظ أسد" عن قرب يعتقدون أن الرئيس بشار لا يقدر أن يصطلح مع الشعب السوري حتى لو أراد ذلك! .. لماذا؟

الإجابة على السؤال تقتضي منا أن نتذكر أن الرئيس بشار أسد لم يصل إلى الحكم عن طريق ديمقراطي كما وصل الرؤساء في معظم الدول الديمقراطية. فهو قد ورث الحكم عن أبيه الذي أخذ السلطة بانقلاب. ومعنى أن يصطلح بشار أسد مع الشعب السوري، أن يقبل بمبدأ التداول السلمي للسلطة، وهو لو قبل ذلك، فإن الأقرباء وأباطرة الفساد حوله لن يقبلوا.

لو افترضنا جدلا أنه قبل بتداول السلطة، -ولن يقبل- لأنه جاء إلى السلطة ليبقى كما فعل أبوه من قبله. ويوم أن يفكر بمبدأ تداول السلطة، فإن لجنة من الأطباء سوف تخرج بتقرير يفيد بأن الرئيس بشار أسد عاجز عن ممارسة الحكم صحيا، ليخلفه أخوه "ماهر أسد" من بعده، كما فعل "زين العابدين بن علي" عندما وثب إلى الحكم في تونس، بعد أن استحصل –وكان يومها هو الوزير الأول- على تقرير طبي يفيد بأن "الحبيب بو رقيبة" عاجز عن الحكم صحيا.

القضية التي تحكم وضع الرئيس "بشار أسد" ليست قضية سلطة وحكم فحسب، -على ما فيهما من المغريات- بل هناك أجندة وضعها الرئيس "حافظ أسد" ليمشي عليها الذين يرثون الحكم من بعده من أولاده، بينتها في مقال لي من ثلاثة أجزاء تحت عنوان (حافظ الأسد: هل وصل مشروعه العائلي إلى نقطة النهاية؟)، نشر في عدة مواقع.

كان الرئيس الراحل يعتقد أن أفراد عائلته ما لم يكونوا هم الحكام، فلن يكونوا بمأمن من انتقام السوريين، (بمن فيهم العلويين. فقد سجن منهم الكثيرين وفي مقدمتهم رفيق دربه صلاح جديد. فلم يوفر طائفة أو شريحة اجتماعية إلا ونالها في عهده من الأذى ما نالها، من اعتقال وتشريد أو قتل. وإن كان الإسلاميون قد نالهم النصيب الأوفر من الأذى، خصوصا بعد صدور القانون 49 لعام 1980 الذي يحكم بذبح كل منتمٍ إلى جماعة الإخوان المسلمين)

وبناء على هذه الأجندة فإن عائلة حافظ أسد لن تكون بمأمن -بعد رحيل حافظ أسد- ما لم يكن أحد أفرادها يحكم سورية، على ما في الحكم من خطر الاغتيال للوريث أو الانقلاب عليه. لكن ذلك يبقى أهون من أن يكون الحكم في غير عائلته. وقد نقل عن الرئيس الراحل عندما حذره أحدهم من تعرض الرئيس "بشار" للاغتيال وهو في الحكم، أنه قال: "بشار، أو الدمار".

ولا ننسى، أن من بين الأمور التي طبعت حكم "حافظ أسد" قبل بشار، أنه نال من الحظوة عند واشنطن ما لم ينله حاكم غيره من حكام المنطقة، لأنه استطاع أن يكسر شوكة الإسلاميين في سورية، وهو ما لم يفعله غيره من الحكام. ولقد لقن الرئيس الراحل أجندة الحكم هذه إلى بشار قبل رحيله، وأن في مقدمتها أن يقف دائما إلى جانب واشنطن حيث تقف، لا يضره لو شتمها وسبها بعد ذلك، طالما أنه يسير وفق أجندتها.

ورغم ما كان يشاع عن خلاف بين دمشق وواشنطن بعد احتلال العراق، فقد تواترت الأخبار: بأن سجونا سرية في سورية، كان يرحل إليها معتقلون من "غوانتنامو" ليتم استجوابهم من قبل ضباط أجهزة المخابرات السورية. لأن إدارة بوش كانت تخشى أن يتسرب أخبار التعذيب فيما لو تم ذلك في سجونها، ما يعرضها لمساءلة جماعات حقوق الإنسان الأمريكية.

وقد رأينا ما حصل مع المواطن الكندي "ماهر عرار" وهو من أصل سوري، اعتقلته واشنطن ورحلته إلى سورية. وقد ثبت أنه تعرض للتعذيب الشديد على أيدي جلادين سوريين، ثم أفرج عنه بعد أكثر من عام. فأقام دعوى على شرطة كندا، فربحها وقضى له القاضي بعشر ملايين دولار كتعويض. وقد اعتذر مفوض الشرطة له، ثم استقال من منصبه.

وإذا كان اللبنانيون اعترض بعضهم على المصالحة السورية مع العماد "عون"، فإن السوريين  لا يقيمون لذلك وزنا ولا يعتبرونه من مثالب النظام الكبيرة. فهو عندهم أهون من المفاوضات التي يجريها الحكام في دمشق مع إسرائيل سرا وجهرا بوسيط ومن دون وسيط، في وقت كان الإعلام السوري يرفع راية الممانعة والصمود والتصدي.

الوثيقة التي نشرت أخيرا وأفادت بأن "سليمان الوحش" جد حافظ أسد دعا فرنسا أن تستمر في احتلال جبال العلويين، لن تضيف كثيرا إلى ما يعرفه السوريون من تفريط نظام "حافظ أسد" في حق سورية. فهذا النظام متهم بأنه تنازل عن الجولان، بشكل أو بآخر، في هزيمة حزيران 1967، عندما أذاع وزير الدفاع في حينه اللواء حافظ أسد نبأ سقوط مدينة "القنيطرة" التي فيها مركز قيادة القطاع الشمالي العسكري، قبل دخول الإسرائيليين إليها بأكثر من 48 ساعة.

وفي اجتماع للوزارة السورية اتهم وزير الصحة الدكتور "عبد الرحمن الأكتع" "حافظ أسد" بأنه تسبب بضياع الجولان، وقال: (لقد كنت في جولة في مدينة "القنيطرة" ساعة صدور نبأ سقوط القنيطرة من إذاعة دمشق، الذي كان بتوقيع وزير الدفاع، ولم يكن فيها إسرائيلي واحد ما أثار الذعر بين أهلها فتركوا بيوتهم وما فيها من متاع وهربوا). فصرخ حافظ أسد في وجهه وقال له: اخرس ورماه بكرسي كان إلى جانبه. عند ذلك قدم "الأكتع" استقالته ومضى إلى بيته.

يبقى أن نؤكد أن نظاما هذا شأنه، يصطلح مع خصومه في لبنان، ويوسط تركيا لترعى سلاما مع إسرائيل. بل ويطلب من إسرائيل التوسط بينه وبين واشنطن. وإذا طلب منه الأستاذ "حسن عبد العظيم" رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي، أن يمد يده للإخوان المسلمين ويصطلح معهم، لا يعيره أذنا صاغية، لهو نظام حَكَمَ على نفسه أنه عدو للشعب السوري، يحكمه بالحديد والنار، ويعتقل أحراره ومثقفيه. ونظام هذا شأنه قد حكم على نفسه بالزوال، غيرَ مأسوف عليه.

ـــــــ

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ