ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تاريخ
سورية "4" فترة
الهدوء التي جاءت بالعاصفة
ورئاسة العابد مؤمن
محمد نديم كويفاتيه لاشك
أنّ سورية في ظل الاستعمار
الفرنسي كما هي في ظل الاستبداد
السياسي والعسكري القمعي ، كانت
تعيش في مخاض صعب وكبير لنيل
الاستقلال ، وتحمّل شعبنا
السوري من أجل ذلك كلّ الآلام
الجسام من محاولات الإذلال وقصف
المدن والقُرى
والقتل العشوائي
والمُحاكمات الجائرة
والاعتقالات وإحراق المزروعات
لتجويع الناس وإفقارهم للضغط
عليهم لإخراسهم ، وسلب النّاس
أراضيهم وحالة البؤس الشديدة
التي لحقت بالمواطنين ، مما
أدّى ذلك إلى الوصول للثورة
السورية الكُبرى وبدعم كبير من
الدول العربية الشقيقة ، حتّى
اقتنعت فرنسا بأن لا بقاء لها
على أراضينا ، وفقدانها لأي أمل
بأن تكون سورية ولاية فرنسية ،
ومن حينها أخذت تضبضب أوراقها
وملفاتها لساعة الرحيل ، ليكون
عام 1930 أولى الخطوات نحو بداية
الاستقلال ، ساعة الإعلان عن
الدستور الجديد باسم الجمهورية
السورية ، بعدما قسمتها فرنسا
الى أجزاء فيما مضى ، وليكون عام
1936مؤكداً لنضالات شعبنا على
الاستقلال والمُضي قُدما بهذا
الاتجاه ، ليُسفر ذلك عن معاهدة
الاستقلال مع فرنسا التي سمحت
مُرغمة لانضمام دولتي العلويين
وجبل الدروز ليكونوا في صلب
الدولة السورية ، بعد رفض أبناء
شعبنا هناك الانفصال ، ليبقى
لبنان فقط بمساحته 10452كم مربع
لحيثيات مُعينة مُستقلاً ، حيثُ
كان من قبل منذ عام 1861 بحُكم
ذاتي في الدولة التركية إثر
مذابح الأرمن ، والذي نال
استقلاله عن فرنسا عام 1943 والذي
احتلته عام 1918 ويبدأ
الحديث عن فترة الهدوء التي
جاءت بالعاصفة ، وذلك
بعد الثورة السورية الكبرى
، التي بدأت فرنسا بتقدّيم
النازلات لامتصاص الغضب الشعبي
العام ، عبر السماح بتشكيل
حكومات لإدارة شؤون البلاد
بإشرافها ، فترضى عن بعضها
حيناً وتسخط عن الأخرى فتعرقلها
، فتشكّل خلال تلك الفترة أكثر
من 25 حزب سياسي ، الى عام 1932 الذي
حُسم فيه خيار الشعب عندما
أُعلنت نتائج أول انتخابات
اضطرت فرنسا لقبول نتائجها ،
والتي فاز فيها ثلاثون نائباً
من المُعتدلين في حلب برئاسة
حقّي العظم من خمسين ، وسبعة من
الكتلة الوطنية وعشرة من
المستقلين برئاسة الزعيم
الكردي الدمشقي محمد علي العابد
، الذي فاز بأغلبية أصوات 36 نائب
في مجلس النواب ، قاطعاً الخط
على صبحي بركات المتعاون مع
الفرنسيين ، والذي بدوره كلّف
حقي العظم بتشكيل وزارة جديدة
ضمن المُعادلات السياسية ولم
تكن كفئة لها ، والتي كان أُولى
أخطاءها توقيع مُعاهدة الصداقة
والتعاون المُجحفة مع فرنسا
بصورة انتداب جديد ، والتي
رفضها بحينها مجلس النواب بداية
عام 1933 ، وقامت فرنسا على إثر
ذلك بتعطيل
المجلس النيابي ، وكذلك شهدت
فترته انعقاد مؤتمر الكتلة
الوطنية في حمص ، الذي انُتخب
فيه إبراهيم هنانو زعيماً له ،
وهاشم الأناسي رئيساً ، والتي –
الكتلة الوطنية – كان لها الدور
الأكبر فيما بعد لإجبار فرنسا
على توقيع معاهدة الاستقلال ،
بسبب استطاعة الكتلة تحريك
الشعب وبعث روح التحدّي وغليان
الشارع ، ومن ثُمّ تفلّت الأمور
من عِقالها ، لتستقيل حكومة
العظم عام 1935 ، ويحل محلها في
رئاستها تاج الدين الحسيني ،
الذي صادف أول استلامه وفاة
زعيم الكتلة الوطنية إبراهيم
هنانو ، لتشتعل البلاد من جديد ،
ويكون وفاته مُناسبة لتجييش
العواطف والقيام بمظاهرات
كبيرة ، تتكاتف فيها كُل القوى
الوطنية لتستقيل حكومة
الحُسيني بعد أشهر ويحل محلّها
حكومة المستقل عطا الأيوبي ،
التي تستقيل أيضاً مطلع عام 1936
بعد التوقيع على مُعاهدة
الاستقلال مع فرنسا ، وبهد
اجراء انتخابات جديدة تفوز فيها
الكتلة الوطنية بأغلبية ساحقة ،
لتنتخب هاشم الأناسي رئيساً
للجمهورية السورية بدلاً عن
المُنتهية ولايته العابد ،
وفارس الخوري رئيساً لمجلس
النواب ، وجميل مردم على رأس
الحكومة والخلاصة
أن فترة علي محمد العابد كانت
أشبه ما يكون بالهدوء الذي جاء
بالعاصفة ، والذي امتاز عهده
بتحدّي القوى الوطنية لسلطة
الاحتلال وظهور الكتلة الوطنية
الواضح التي أنشئت عام 1928 ،
والتي تقدّمت على حزب الشعب
الذي أسسه الدكتور عبد الرحمن
الشهبندر عام 1925، والتي استطاعت
فيه الكتلة الوطنية
تحريك الشارع لإرغام
الاحتلال للإذعان للتوقيع على
مُعاهدة الاستقلال وبطلان
الانتداب الفرنسي عام 1936 ،
والقبول بشروطها ، والتي منها :
مُساواة السوريين مع الفرنسيين
بنفس شروط معاهدة العراقيين مع
البريطانيين التي كانت أكثر
قبولاً، وأن يتبعها تصريح من
الجانب الفرنسي بأن لا مصلحة له
في تجزئة البلاد السورية ، وان
يجري التباحث في هذه الشؤون
مُباشرة مع الحكومة الفرنسية في
فرنسا وليس عبر المُفوضين
المُرسلين، والعمل المباشر على
إعادة الحياة النيابية الحرّة
التي جرى تعطيلها عام 1933 بأسرع
ما يمكن على أساس الانتخاب
الشعبي ، والعفو العام عن جميع
الأحداث التي جرت بسبب التعطيل
وإطلاق المعتقلين والموقوفين
بسبب الأحداث ، ثُمّ جرت
انتخابات فيما بعد وزعت خلالها
المُعارضة منشورات تُهيّج
خواطر النّاس ضد الكتلة ، بعدم
ربط الاتفاقية المُبرمة لواء
اسكندر ون بسورية وقبولها
بتنفيذ قانون الطوائف ، ولكن
هذا لم يمنع من فوز الكتلة
الساحق ، وتشكيل حكومة منهم
برئاسة جميل مردم محمد
علي العابد محمد
علي بن احمد عزت العابد : (1867-1939):
هو أول رئيس جمهورية سوري بعد
الاستقلال عن فرنسا ، . ولد في
دمشق ودرس الابتدائية في دمشق
والإعدادية في بيروت ، وأكمل
تعليمه في اسطنبول وأكمل الحقوق
في باريس.تُمّ عاد إلى الآستانة
وعُين مستشار قضائي ودرس أصول
الفقه الإسلامي والفقه
الروماني والتشريع الأوربي
إضافة إلى إجادته للغة العربية
والتركية والفرنسية
والإنكليزية والفارسية
ثُمّ عمل في وزارة الخارجية
العثمانية وعيّن سفيراً
للحكومة العثمانية في واشنطن ،
1905. ووزيراً مفوضاً للدولة
العثمانية عام 1908 في واشنطن وهو
نفس العام الذي حصل فيه
الانقلاب التركي على العثماني
ليلحق به أباه إلى كاليفورنيا ،
ثُمّ لينتقلا إلى سويسرا وفرنسا
وانجلترا ومصر حتى وفاة والده
الذي كان مستشارا للسلطان
عبدالحميد الثاني في الاستانه
بتركيا قبل الانقلاب. وفيما
بعد عاد محمد العابد إلى دمشق
عام 1920 وكانت فرنسا تسيطر على
البلاد السورية ، عين وزيرا
للمالية في حكومة الملك فيصل
السورية وفي حكومة الاتحاد
السوري عام 1922 بعهد الجنرال
الفرنسي غورو وذلك بعد الحرب
العالمية الأولى. وانتُخب رئيسا
للجمهورية السورية من - 11 حزيران
1932 إلى 21 كانون أول 1936 م - ، وغادر
إلى باريس عام 1936 وتوفى هناك عام
1939 ونقل جثمانه ودفن في دمشق . في
دمشق ثمة شارع راقٍ باسمه بقرب
شارع الحمراء يمتاز بوجود بعض
الأبنية ذات الطراز المعماري
الفرنسي من مخلفات الانتداب . والده
أحمد عزت العابد، ولد في دمشق
وتلقى علومه فيها ثم تابع في
بيروت، وأتقن الفرنسية
والتركية بالإضافة إلى لغته
العربية. عُين مفتشاً للعدلية
في سورية واعتبر واحداً من أشهر
سياسي عهد انهيار السلطة
العثمانية عدّ في بدء أمره من
أنصار الإصلاح، وأصدر جريدة
أسبوعية بالعربية والتركية
أسماها (دمشق). ثم سافر إلى
الأستانة وخدم السلطان عبد
الحميد الثاني فأصبح مستشاره
الأقرب خصوصاً فيما يتعلق
بسياسة السلطان الأوروبية، حيث
أعانه عزت العابد على انتهاج
سياسة تحول دون اتفاق الدول
الأوروبية على البلاد. من أهم ما
هو معروف عن عزت العابد مسعاه
الدؤوب لإنشاء سكة الحديد
الحجازية، غادر البلاد
العثمانية بعد انقلاب 1908، فذهب
إلى لندن ثم أخذ يتنقل بين
إنكلترا وسويسرا وفرنسا إلى أن
استقر في مصر وتوفي فيها عام 1924
فنقل جثمانه إلى دمشق. ــــــــ كاتب
ومُعارض سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |