ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  21/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قضية الحذاء العراقي

الخصاء المعرفي والقيمي ينتج التبجح

غسان المفلح

 إن حادثة رمي الرئيس الأمريكي جورج بوش بحذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، هي حادثة عادية بكافة المقاييس، ولا تخرج عن كونها، رمي البيض والبندورة عند شعوب أخرى، كما حدث مع المستشار الألماني هلموت كول، أو مع توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق. السؤال الأهم هو لماذا ترمزت عند العرب وشعوب المنطقة؟ والترميز كان بوجهين متعاكسين! الوجه الأول: حمل عنوانا واحدا ذو فعل تصعيدي تعويضي، حذاء الزيدي يذود عن شرف الأمة.

والوجه الآخر يعبر عن فهم دوني للحدث من جهة وعن يصاق على الذات من جهة أخرى، ودخل على الخط ثلة من العلمانيين المتشدقين بلا أفق معرفي، ومن مهرطقي مدعي ثقافة الدفاع عن الأقليات في المنطقة، وكانت كلها تحت عنوان واحد تسفيلي: ثقافة الحذاء.

ولتتحول عندهم ثقافة بكاملها إلى ما تساوي الحذاء. ولتتحول كل ثقافة المجتمعات العربية إلى معادل للقيمية البصاقية على الآخر.

بالتأكيد يحق للزيدي أن يحتج بالطريقة التي يراها مناسبة، ولكن خارج إطار المقتضى المهني، لكونه استغل غطاءه المهني لتمرير احتجاج غير عادي ومخطط له جيدا.وهذا مخالف لأصول العمل الصحفي.لأنه لولا السماح له بالدخول إلى القاعة لما استطاع أن يفكر بهذا العمل. وبذلك يكون خارج الضمير المهني على أرضية الهدف السياسي.

تعالوا لنرى واقعة ذات دلالة: كثر من مثقفين العرب ومعهم أجهزة إعلام النظام السوري مثلا حولوا الفعل إلى فعل بطولي له امتداد في الموقف السياسي الراهن. وهذا أمر أقل من عادي في تعبيره عن الخوف من المشروع الأمريكي من جهة، وفعلا تعويضا عن عدم قدرتنا على فعل أقل من ذلك مع أنظمتنا وخاصة الممانعة منها، وحتى أيام صدام حسين، ما الذي يمكن أن يكون لو أن الزيدي ضرب صدام حسين رحمه الله كما يقال على كل الميتين؟ اعتقد كل المثقفين الذين وقفوا خلف ظاهرة حذاء الزيدي يعرفون جيدا الإجابة عن هذا السؤال. الموقف باهت جدا ومحزن جدا.

أما من تنطح لكي يصب جام خصاءه على ثقافة المجتمعات العربية، بشقها الأكثري وبدأ بالتسفيل بها، وطرح وجهة نظره التي لم ولن تقبل أيضا مفاهيم الحرية. من الطبيعي جدا أن يخرج من العراق الجريح من هو ضد السياسة البوشية وأخطاءها القاتلة، ومن الطبيعي أيضا أن يخرج صحفي عراقي ويعتذر عن هذا السلوك، ولكن ليس من الطبيعي ان تصنف شعوب بكاملها في خانة ثقافة الحذاء. وهذا يشير أكثر ما يشير على تماه مع جانب من الفكر الغربي المرصع بعنصرية ثقافية، وليس تماه مع الفكر الغربي بروحه الأنوارية والتنويرية. كمن يقول مازحا أنهم عرب!! أو أنهم مسلمون!! هل نستطيع القول عن الثقافة الأنكليزية أنها ثقافة البيض، أو ثقافة الصفع عندما صفع مواطن ألماني المستشار الألماني هيلموت شميت؟ ببساطة الأمر هو موقف احتجاجي بطريقة غير عفوية. وهذا ترك أثره عند زعماء أمريكا اللاتينية عندما تعاطوا معه كنكتة دون أي بعد آخر، اللهم ماعدا الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز.

ندعو أصحاب النعت بأن هذه الشعوب تحمل ثقافة الحذاء، أن يفسروا لنا الصفع بالثقافة الألمانية، أو البيض يالثقافة الإنكليزية. لماذا هذا التصعيد اللغوني على هذا الحدث من قبل كلا وجهتي النظر؟ أعتقد هنا يكمن العمق في أزمة المثقف لدى شعوب المنطقة، ثم تعالوا نرى مفارقة طريفة من نوعها: بعد الحادثة أصدر اتحاد الصحفيين في أقليم كوردستان العراق بالجملة بيانا يعتذر فيه للرئيس الأمريكي، ويدين سلوك منتظر الزيدي، ثم بعد يوم واحد من هذا البيان الاعتذاري، صدر بيان من قبل اتحاد الصحفيين في سورية والذي هو اتحادا يتبع للسلطة في دمشق، يحيي الزيدي ويحي حذاء الزيدي. ونترك الأمر للقارئ بدون تعليق ليقارن بين البيانين ليس من حيث الكلمات بل من حيث السياق السياسي أولا وأخيرا.

وليضحك القارئ كما ضحك رؤساء وقادة أمريكا اللاتينية، وصدر عن الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا في قمة الدول الأمريكية اللاتينية المنعقدة في تلك الآن أكثر من نكتة على تلك الصورة التي أثارها حذاء الزيدي، لدي سؤال بسيط في ختام هذه العجالة: هل لو استطاع الزيدي أن يدخل معه مسدس ماذا كانت أو ماذا ستكون النتيجة عندها؟ ثم لو قام الزيدي نفسه ورمى الرئيس الأمريكي بوردة، هل تتحول ثقافة شعوب المنطقة إلى ثقافة الورود؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ