ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الرأي
العام العربي الحر سوسن
البرغوتي إن
تغييب رأي الشعوب العربية،
القسري بفعل القمع، وقوّة
الإعلام المضاد، لإثبات أن أي
رأي يخالف التوجهات
الاستعمارية والخيانية رأي غير
مؤثّر، وغير فاعل، وليس معنيًا
بما يجري على الساحة العربية،
وبعد كل الإهانات والانتهاكات
الاحتلالية بكل أصنافها
وأشكالها، تؤكد أن السلطة
المحلية مرتهنة
بأوامر وتعليمات وإملاءات
الشيطان الأكبر في العالم،
بقرنيه الأمريكي والصهيوني،
وهو انتهاك علني وصريح لكرامة
وهوية وطننا الغالي.. وبعد
استباحة أرض وعرض العراق
وفلسطين بالكامل، طولاً
وعرضًا، بدأ الشارع العربي
أخيراً يتحرك، خاصة أمام الحصار
الهمجي في محاولات لكسره،
وبالتزامن مع هبّة شاب عراقي
شريف منتظر الزيدي، الذي أعلن
رسالة رفض واستنكار، عندما رشق
علنًا وأمام كاميرات العالم،
بوش بفردتي حذائه، وطبع على
جبهته المستعلية عبارة دالّة،
وبصوت غاضب واضح وجهوري: (خذ
قبلة وداع يا كلب)، وما تبعه من
فرح شعبي، عبّر من خلاله عن
مشاعر العرب جميعًا، واسترد لهم
بعضًا من كرامتهم المداسة، تأتي
المحاولات المستميتة من قبل
المأجورين لتفريغ الحدث من
قيمته الوطنية الأساسية
بتفسيرات عبثية وغريبة،
ومقاربات لا معنى لها، إلا
اختزان كم هائل من الحقد على كل
من يرفع صوته، أو يرفض وجود
الاحتلال. وهذا
ينسحب على محاولات نصرة شعبنا
في القطاع، وأنها دون جدوى لكسر
الحصار، لا تلبث أن تتلاشى،
ويبقى الحصار ليواجهوا مصيرًا
مجهولاً وحدهم. الحقيقة
الساطعة، رغم كل محاولات الجيش
الإعلامي المضاد
للمقاومة، تؤكد أمرين: الأول-
أن الشباب العربي لم يُدجن
لصالح مسيرة "السلام"
المزعوم، ولم يتقبّل المبايعات
والاتفاقيات السرية والعلنية،
وفاتهم أن معظم، إذا لم نقل جميع
من يحمل السلاح هم من الشباب
الذين عاشوا معاناة شعوبهم
وتدمير أوطانهم، وأثبتوا في
أكثر من مكان، عندما تهيأت لهم
فرص المواجهة، أن إرادة الإنسان
العربي صامدة، وغير قابلة
للهزيمة.. الثاني-
أن التحرّك والضغط الشعبي هو
المحرك والرافعة التي تحث
الشباب، ليعلنوا صراحة وبكل
وسيلة، رفضهم للاحتلال
وممارساته، ولتشكيل الرأي
العام العربي الحر، الرافض
الحاسم لمشروع الاستعمار
القديم- الجديد. من خلال
استطلاع الرأي عربيًا، سواء في
وسائل الإعلام المقروءة أو
المرئية بما في ذلك من ينتهج
سياسة الباب الدوار،
والفعاليات على شبكة
المعلوماتية، وأحاديث الناس،
بمجملها تعبّر عن إعادة بناء
الرأي العربي الحيّ، المتفاعل
مع قضاياه، وقد آن الأوان
لإعادة تشكيله منسجمًا ومتفقًا
مع رغبة مصدر السلطات، ألا وهو
الشعوب المنكوبة بصمت مخزي
لمعظم الأنظمة العربية... يستحضرني
مشهد الصفعة المدوية التي وجهها
منتظر للمجرم بوش خلال المؤتمر
الصحفي بالمنطقة السوداء في
بغداد، يوم استشهاد علاء أبو
العلا، ثم حسام دويكات، وقاسم
المغربي في القدس الأسيرة،
وجميعهم في ريعان شبابهم،
ومحاصرون من جميع الجهات، لكنهم
لم يستكينوا ولم يستسلموا، بل
قدموا واجب البذل والعطاء،
وارتقوا إلى علياء المجد،
ومنتظر هو الشهيد والشاهد الحي،
فك الله أسره. لم نخطئ
أبداً، عندما راهنا على الجيل
الصاعد، وهؤلاء الذين أغرتهم
دعوات "تصهين بلا حدود"، من
أجل مكافآت وجوائز، ليست بريئة
لاستدراج فئة الشباب، لكسب
المال وإشغالهم عن قضاياهم
الأولية، وسيدركون في نهاية
المطاف، أنهم لا ينتمون إلى
المد الجماهيري الحي، القابض
على الثوابت الوطنية، والنابض
بعشق أوطانه، طالبًا للحرية، لا
مستسلمًا للعبودية. تحية
صمود لكل أبطالنا الشباب،
وانحناءة تقدير إلى منتظر
الزيدي الصحفي الذي عبّر
بالحذاء عن رأي الشعب العربي،
حيال من انتهك حقوقه وكرامته،
وقدم تقريرًا حيًا على مرأى
العالم، وتحية إلى كل خطوة وبأي
وسيلة لكسر الحصار وفك قيد
القطاع، ولنعلن جميعًا، أننا
أمّة تعرف كيف تنفض عن كاهلها
غبار السبات، وأن الأمهات
العربيات، ما زلن قادرات على
إنجاب الأحرار. إنها
رسالة إلى شعبنا الحر في كل حيّ
وقرية ومدينة عربية، فقد بدأت
الصحوة، ونهضت الإرادة من قلب
زمن الهزائم التي سندوسها تحت
أقدامنا، ولتكن سواعد أبنائنا
بناءة لرص الصفوف ومواجهة
عدونا، ولتتشابك الخطوط،
والخيوط والألوان نجمعها في
نسيج واحد لثوب هدفه التحرير،
وليس غير التحرير. أما
المؤتمرات والاتحادات العربية،
إن لم تخطُ خطوات تنفيذية على
الأرض، فلا الشجب ولا التصريحات
يمكن أن تحرك الرأي العربي، كما
فعل منتظر وإخوانه في العراق
وفلسطين ولبنان، إنما بالعمل
على تسيير المظاهرات
والإضرابات والزحف الشعبي تجاه
القطاع، واختراق الحدود البرية
والجوية والبحرية لكسر الحصار
الظالم عن شعبنا الطيب الصامد،
والالحاح على إنقاذ الصحفي
الشريف من سجون الحكومة
الاحتلالية، بالتضامن العلني
لإطلاق سراح منتظر، فقد مثّل
بالحدث الصارخ الرافض أنموذجًا
مشرّفاً.. بالحجر..
بالحذاء.. اقذف، والحصار أرفض،
بأي وسيلة قاوم واضرب.. تمرد على
الظلم، وانتفض، فالساكت عن الحق
شيطان أخرس، كما الساكت عن
الظلم واستباحة الحقوق والأرض
والإنسان. بالختام،
ليسمح لي د. أحمد بن عثمان
التويجري، أن استحضر قصيدته
الرائعة: اخلع حذاءك أيها البطل إخلَعْ
حِذاءَكَ أيّهَا البَطَلُ واقذِفهُ
كَيْمَا يَرتَعِدْ هُبَلُ واشتُمْهُ
والعَنْ كُلَّ عُصْبَتِهِ شَاهَ
الشقيُّ وجُندُهُ الهَمَلُ واجْعلهُ
يعلمْ أنّ أمَّتَنَا لا
تَستَكِينُ وهامُهَا زُحَلُ إخلعْ
حِذاءَكَ يا لِرَوْعَتِهِ يا
لِلتَّمَرُّدِ فيهِ يَشتَعِلُ واصْفَعْ
زَنِيماً فَوْقَ هَامَتِهِ واجعلْهُ
كالجُرذَانِ يَنخَذِلُ واقذِفْ
جَميعَ الخائنينَ به مّنْ
لِلدَّنيَّةِ عِرضَهَمْ
بَذَلُوا فَلَقَدْ
كَشَفْتَ لِثَامَ سَوْأَتِهِمْ
ولقد
فَضحتَ جميعَ ما فعلوا إخَلعْ
حِذاءَكَ أيّها البَطلُ باسمِ
اليتامى واسمِ مَنْ قُتِلُوا باسمِ
الدّماءِ تَسَلُّطاً سُفِكَتْ باسمِ
الأراملِ باسمِ مَنْ وَجِلُوا باسمِ
الشعوبِ تَجُبّرَاً قُهِرَتْ باسمِ
الكِرَامِ وكُلِّ مَنْ
خُذِلُوا باسمِ
الأُولى غَابَتْ حِكَايَتُهُمْ
باسمِ
القُلوبِ عَزَاؤُها الأمَلُ إخلعْ
حِذاءَكَ أيَّها البَطلُ واقذِفْهُ
كيما يَرتَعِدْ هُبَلُ إخلعْ
حذاءَك فهو يُشبِهُهُ لكنّهُ
مِنْ فِعلِهِ خَجِلُ واخلعه
بِرَّاً مَرَّةً أخرى واقذِفهُ
كَيْمَا الحَجُّ يَكتمِلُ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |