ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  25/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إنّي لتطربني الخلال كريمة

الدكتور عثمان قدري مكانسي

ألم يقل المربون ذوو العقول المتفتحة والأفهام الوازنة: إن من الشعر لحكمة!!!.

ما قرأت قصيدة الشاعر الفذ حافظ إبراهيم – شاعر النيل – التي مطلعها: "كم ذا يكابد عاشق ويلاقي" إلا خشعتُ في محراب معانيها وأسلوبها، ورشفت من رقراق سلسلها ونمير عذبها.

تقرأ قصائد لبعض الشعراء، فتأسرك ببيان سحرها، وتودّ لو كنت صاحبها بكثير من قصائدك التي شدوتَ بها، وفخرت أنك صاحبها، وترى نفسك قَزَماً في حضرة هؤلاء العمالقة الأفذاذ، وشاعراً مبتدئاً في أعتاب هؤلاء الأطواد الشامخين!!.

مما جذبني في هذه القصيدة الزاهرة فضلاً عن معناها وأسلوبها أن نفس شاعرنا الكبير الرهيفة متألمةٌ ما تراه في مصر المحروسة من مباضع تمزق أمنها وحضارتها، وتعبث في أخلاقها ومبادئها، ويزيد في حزنها وأساها أن هذا التشويه بيد أبنائها المحسوبين عليها، المتوقع منهم أن يكونوا نورَها الواعد وضوءها المشع. فإذا كان أذاها ممن تتوسم فيهم الخير الدافق والبناء المتين فالمصيبة أكبر مما يتحمله قلب المحب ونفس الواله.

وأرى الشاعر يصف في عشرينات القرن المنصرف الأمراض التي نأسى لها في حاضرنا هذا من ادّعاءات المدّعين، ذوى الخيانات التي زكمت الأنوف، وكانت خناجر بيد العدو وبنادق تتوجه لصدور الأمة بدل أن تكون لها، تدافع عنها وتصون كرامتها.

ومن العجيب أن ترى "آباء رغال" يكثرون مسارعين إلى خدمة أهداف أعداء الأمة، ويتنكّرون لكل المبادئ الشريفة والأخلاق الكريمة، يتولون العدوّ التاريخي وينضوون تحت لوائه، ويتنادون إلى خدمته دون خجل أو حياء.

وأقف أمام قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في كشف هؤلاء المارقين المرتدين: "قال: دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها". فلما سأله حذيفة بن اليمان قائلاً: يا رسول الله، صفهم لنا؟ قال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا". فنرى منهم وننكر. يفرحون لمآسي المسلمين، ويتأففون من صبرهم وجَلَدهم، ويحاربونهم بأشد مما يحاربهم العدو... "بانوا عن مجتمعهم ثلاثاً بالطلاق، فكان بينهم وبينه فراق".

وأرى الشاعر بثاقب نظره يرى المفسدين يمتهنون النساء في نشر مفاسدهم، فيتخمون وسائل الإعلام بمباذلهنّ ويرخصوهنّ باسم الحرية الكاذبة، حتى يصل الأمر إلى حد التقيؤ والقرف. وبات ما كنا ننكره سابقاً مثال الصون لما نراه لاحقاً.

فتنة تدع الحليم حيران، والحازم فَتنان.

قصيدة من روائع ما قاله الشاعر الرائع حافظ إبراهيم رحمه الله تعالى – تستحق التأمل والتدبّر...

كَـم  ذا يُـكابِدُ عـاشِقٌ iiوَيُـلاقي      فـي  حُـبِّ مِـصرَ كَثيرَةِ iiالعُشّاقِ
إِنّـي لَأَحـمِلُ فـي هَـواكِ صَبابَةً      يـا  مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ iiالأَطواقِ
لَـهفي  عَـلَيكِ مَـتى أَراكِ iiطَليقَةً      يَـحمي كَـريمَ حِـماكِ شَعبٌ iiراقٍ
كَـلِـفٌ بِـمَحمودِ الـخِلالِ iiمُـتَيَّمٌ      بِـالـبَذلِ بَـينَ يَـدَيكِ iiوَالإِنـفاقِ
إِنّـي  لَـتُطرِبُني الـخِلالُ كَـريمَةً      طَـرَبَ  الـغَريبِ بِـأَوبَةٍ iiوَتَـلاقٍ
وَتَـهُزُّني ذِكـرى المُروءَةِ وَالنَدى      بَـينَ  الـشَمائِلِ هِـزَّةَ iiالـمُشتاقِ
مـا  الـبابِلِيَّةُ فـي صَفاءِ iiمِزاجِها      وَالـشَربُ  بَـينَ تَـنافُسٍ iiوَسِباقِ
وَالشَمسُ تَبدو في الكُئوسِ وَتَختَفي      وَالـبَدرُ يُـشرِقُ مِن جَبينِ iiالساقي
بِـأَلَذَّ  مِـن خُـلُقٍ كَـريمٍ iiطـاهِر      قَــد  مـازَجَتهُ سَـلامَةُ iiالأَذواقِ
فَـإِذا  رُزِقـتَ خَـليقَةً iiمَـحمودَةً      فَـقَـدِ اِصـطَفاكَ مُـقَسِّمُ iiالأَرزاقِ
فَـالـناسُ هَـذا حَـظُّهُ مـالٌ وَذا      عِـلـمٌ وَذاكَ مَـكـارِمُ iiالأَخـلاقِ
وَالـمالُ  إِن لَـم تَـدَّخِرهُ iiمُحَصَّناً      بِـالـعِلمِ  كـانَ نِـهايَةَ iiالإِمـلاقِ
وَالـعِلمُ  إِن لَـم تَـكتَنِفهُ iiشَـمائِلٌ      تُـعـليهِ  كـانَ مَـطِيَّةَ iiالإِخـفاقِ
لا  تَـحسَبَنَّ الـعِلمَ يَـنفَعُ وَحـدَهُ      مــا  لَـم يُـتَوَّج رَبُّـهُ بِـخَلاقِ
كَـم  عـالِمٍ مَـدَّ الـعُلومَ حَـبائِلاً      لِـوَقـيعَةٍ  وَقَـطـيعَةٍ وَفِــراقِ
وَفَـقيهِ قَـومٍ ظَـلَّ يَـرصُدُ iiفِقهَهُ      لِـمَـكيدَةٍ  أَو مُـسـتَحَلِّ iiطَـلاقِ
يَـمشي وَقَـد نُصِبَت عَلَيهِ iiعِمامَةٌ      كـالبُرجِ لَـكِن فَـوقَ تَـلِّ iiنِـفاقِ
يَـدعونَهُ  عِـندَ الشِقاقِ وَما iiدَرَوا      أَنَّ  الَّـذي يَـدعونَ خِـدنُ iiشِقاقِ
وَطَـبيبِ قَـومٍ قَـد أَحَـلَّ iiلِـطِبِّهِ      مــا  لا تُـحِلُّ شَـريعَةُ الـخَلّاقِ
قَـتَلَ الأَجِـنَّةَ فـي البُطونِ iiوَتارَةً      جَـمَعَ  الـدَوانِقَ مِـن دَمٍ iiمُهراقِ
أَغـلى وَأَثـمَنُ مِـن تَجارِبِ iiعِلمِهِ      يَــومَ الـفَخارِ تَـجارِبُ iiالـحَلّاقِ
وَمُـهَـندِسٍ  لِـلنيلِ بـاتَ بِـكَفِّهِ      مِـفتاحُ  رِزقِ الـعامِلِ iiالـمِطراقِ
تَـندى  وَتَـيبَسُ لِـلخَلائِقِ iiكَـفُّهُ      بِـالماءِ طَـوعَ الأَصـفَرِ iiالـبَرّاقِ
لا  شَـيءَ يَـلوي مِن هَواهُ iiفَحَدُّهُ      فـي الـسَلبِ حَـدُّ الخائِنِ iiالسَرّاقِ
وَأَديــبِ قَـومٍ تَـستَحِقُّ iiيَـمينُهُ      قَـطعَ الأَنـامِلِ أَو لَـظى iiالإِحراقِ
يَـلـهو وَيَـلعَبُ بِـالعُقولِ بَـيانُهُ      فَـكَأَنَّهُ فـي الـسِحرِ رُقـيَةُ iiراقٍ
فــي  كَـفِّهِ قَـلَمٌ يَـمُجُّ iiلُـعابُهُ      سُـمّـاً وَيَـنـفِثُهُ عَـلى iiالأَوراقِ
يَـرِدُ الـحَقائِقَ وَهـيَ بيضٌ نُصَّعٌ      قُـدسِـيَّةٌ  عُـلـوِيَّةُ الإِشــراقِ
فَـيَرُدُّها  سـوداً عَـلى iiجَـنَباتِها      مِـن  ظُـلمَةَ الـتَمويهِ أَلفُ iiنِطاقِ
عَـرِيَت  عَـنِ الحَقِّ المُطَهَّرِ نَفسُهُ      فَـحَـياتُهُ  ثِـقلٌ عَـلى iiالأَعـناقِ
لَـو  كـانَ ذا خُـلُقٍ لَأَسعَدَ iiقَومَهُ      بِـبَـيـانِهِ وَيَـراعِـهِ الـسَـبّاقِ
مَـن  لـي بِـتَربِيَةِ الـنِساءِ فَإِنَّها      فـي  الـشَرقِ عِـلَّةُ ذَلِكَ iiالإِخفاقِ
الأُمُّ  مَــدرَسَـةٌ إِذا iiأَعـدَدتَـها      أَعـدَدتَ شَـعباً طَـيِّبَ iiالأَعـراقِ
الأُمُّ  رَوضٌ إِن تَـعَـهَّدَهُ iiالـحَـيا      بِـالـرِيِّ أَورَقَ أَيَّـمـا iiإيــراقِ
الأُمُّ  أُسـتـاذُ الأَسـاتِـذَةِ iiالأُلـى      شَـغَلَت  مَـآثِرُهُم مَـدى الآفـاقِ
أَنـا  لا أَقولُ دَعوا النِساءَ iiسَوافِراً      بَـينَ  الـرِجالِ يَجُلنَ في iiالأَسواقِ
يَـدرُجنَ حَـيثُ أَرَدنَ لا مِن iiوازِعٍ      يَـحـذَرنَ  رِقـبَتَهُ وَلا مِـن iiواقٍ
يَـفعَلنَ  أَفـعالَ الـرِجالِ iiلِـواهِياً      عَـن واجِـباتِ نَـواعِسِ iiالأَحداقِ
فـي دورِهِـنَّ شُـؤونُهُنَّ iiكَـثيرَةٌ      كَـشُؤونِ  رَبِّ الـسَيفِ iiوَالمِزراقِ
كَــلّا  وَلا أَدعـوكُمُ أَن تُـسرِفوا      فـي الـحَجبِ وَالتَضييقِ وَالإِرهاقِ
لَـيسَت نِـساؤُكُمُ حُـلىً iiوَجَواهِراً      خَـوفَ  الضَياعِ تُصانُ في الأَحقاقِ
فـتوسطوا فـي الحالتين iiوأنصفوا      فـالشر فـي الـتضييق iiوالإرهاق

البابليّة : الخمر

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ