ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  27/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


غزة إذ تتحول إلى مادة تجاذبات إقليمية

عريب الرنتاوي

قابلت القاهرة اتهامات طهران الموجهة إليها بالتواطؤ مع إسرائيل في إحكام أطواق الحصار والعزلة المضروبة حول قطاع غزة، بالكثير من الغضب والاتهامات المضادة، وهي محقة في ذلك، فكثير مما يصدر عن طهران، يندرج في سياق "المزايدات والمناقصات" المعروفة والتي شهدنا مثلها كثير في سنوات سابقة، وعلى غير ساحة وجبهة. وربما نذهب مع القاهرة في تساؤلها عمّا كانت إيران ستفعله لو أن الجغرافيا وضعتها على حدود متاخمة لفلسطين وقطاعها المحاصر والجائع.

 

ولم تتوان القاهرة عن استدعاء السفير السوري لديها، لإبلاغه احتجاجها على "المظاهرات الغوغائية" التي اندلعت في دمشق وأمام السفارة المصرية فيها، منددة بما أسماه المتظاهرون، تواطئا مصريا رسميا مع الحصار الإسرائيلي المضروب على القطاع، وللقاهرة فيما ذهبت إليه عذرها أو بالأحرى أعذارها، فالمظاهرات في دمشق لا تنطلق بصورة عفوية، وهي أقرب ما تكون إلى "البلاغ الرسمي" في بلد لم يعتد التظاهرات المنظمة بمعزل عن "السلطة" حتى لا نقول في مواجهتها.

 

هكذا إذن، تتحول غزة الجائعة والمحاصرة، إلى خط تماس لا بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد انهيار التهدئة فحسب، بل إلى خط تماس ساخن بين المحاور الإقليمية كذلك، حيث ينتصر كل فريق لأصدقائه وحلفائه على الساحة الفلسطينية، وحيث الأخيرة تتحول إلى ساحة تسوية حسابات بين المعسكرات والخنادق المتقابلة في المنطقة.

 

قلنا أننا نفهم ونتفهم التحفظات المصرية على اتهامات طهران وتظاهرات دمشق، لكننا مع ذلك لا نفهم ولا نتفهم الصمت المصري في الرد على الأسئلة والتساؤلات التي تنبعث من شوارع القاهرة ذاتها، فضلا عن مختلف الشوارع العربية، وهي بكل تأكيد أسئلة وتساؤلات لا صلة لها بإيران دورا وبرنامجا نوويا وهلالا شيعيا، ولا علاقة لها بالخلاف السوري المصري، هي أسئلة تنبض بها قلوب وعقول ملايين العرب الذين يطالبون برفع الحصار عن غزة، وفتح معبر رفح، فورا ومن دون إبطاء أمام الغذاء والدواء والوقود، ورفع الحظر المضروب على سفر الغزيين وتنقالاتهم، خصوصا المرضى منهم والطلبة والعاملين في الخارج.

 

لا شك أن بعض القوى العربية والإقليمية تريد أن تستثمر "جرح غزة" النازف لتحقيق مآرب سياسية، تخدم مصالحها بالذات، وتعزز مصالحها حلفائها في القطاع المحاصر، ولكن من قال أن قوى عربية أخرى، لا تسعى في استثمار هذا الجرح وتوظيفه كأداة لتحقيق أغراض سياسية، من نوع إضعاف حماس وإنهاء سيطرتها على القطاع، مرة وإلى الأبد، ولكي تكون عبرة لمن اعتبر من إسلاميي هذه الدول.

لن يفيد غزة وفلسطين، ولن "يبيض" صفحة المواقف العربية المتخاذلة، تحويل جوع غزة وعطشها إلى مادة للتجاذبات الإقليمية، لن يخدم غزة ومصر وفلسطين، القفز عن المشكلة القائمة على معبر رفح إلى إذكاء أوار حرب اتهامات واتهامات متبادلة إقليمية وعربية، لن تنفع جميع قنابل الدخان هذه، لا في تبديد الخطر الماحق الذي ينتظر القطاع، ولا في بلسمة الجراح النازفة لأبناء غزة وبناتها ولا في حجب مسؤولية العرب والمصريين عمّا يجري في القطاع.

 

ولطالما حذرنا من تحوّل فلسطين إلى ساحة بدل أن تكون وطنا حصينا لجميع أبنائه وبناته، لطالما حذرنا من مغبة أن ينتهي صراع الإخوة الأعداء على سلطة هشة متآكلة، إلى مدخل لكل أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الفلسطينية، وإلى حصان طرواده يمتطيه الجميع وتختبئ في جوفه مختلف الأجندات والمصالح ما عدا الأجندة والمصلحة الفلسطينيتين، وها نحن ندفع اليوم الثمن الباهظ للحالة المزرية التي انتهى إليها المشهد الفلسطيني، من دون أن تلوح في الافق القريب أو حتى المتوسط بارقة أمل أو بادرة حل.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ