ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  27/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مقوضات كفاءة الأمة العربية لحمل الرسالة الخاتمة

غسان كيالي بن أحمد - ألمانيا

kayalighasan@googlemail.com

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين وأصحابهم وأتباعهم .. أما بعد:

قال عز وجل : ( كُبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون ) الآية 3 من سورة الصف. والناس لسان حالهم يقول : آتني بالبديل الأحسن لآتيك وأحبك وأتبعك ! وعليه فإن ترجمة الحقائق التي ينطق بها المرء تتمثل في مطابقة أفعاله ومواقفه لما يقول به وأخلاقه وسمته ومعيار يحكم بسمو علائقه وتعاملاته وحاله وما ينجزه ! ذاك ، وكون الإسلام رسالة الله عز وجل الخاتمة للناس بُعث بها نبي (ص) جده إبراهيم من العراق الشعب الذي علم البشرية الكتابة ، وأمه من مصر التي ارتقت بالرسالة فترجمتها إلى حضارة و فنون حمََّلتها فاعليتها المتميزة وموقعها المتقدم تلقيها غزوات وصدمات نوعية ومسؤوليات حضارية ساهمت تلك المعوقات أن ناءت بها وإجهضت إرادتها على المبادرة التي كانت تتفوق بها..

وتعني الرسالة الخاتمة فيم تعني كمالها ووفاءها مضاميناً وزماناً ، واختيار الله تعالى العربَ لحملها معلمٌ على إقامة الحجة عليهم تكريماً مشروطاً بالوفاء لحملها . ولقد كان جيلهم في العهد النبوي على جاهليته صالحاً لبثها بينهم كونهم إلى جانب ذلك حاذوا في تلك المرحلة مستوى من الرقي شروطاً ومستوى وافياً من محاسن الأخلاق والشيم السامية المرموقة لحملها ، وهي شروط إن فُقِدَت أو اختلت بينهم مآلٌ وشأن يحط من كفاءتهم للرسالة السموية التي حملوها على شروط لقوله تعالى ( مثلُ الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ) الآية 5 من سورة الجمعة.

وعليه فإن معيار ترشيحهم ليكونوا خير أمة أخرجت للناس منوط بوفائهم بشروط الكفاءة والأهلية التي كانوا يتفوقون بها آن أنزلت إليهم . ولا يختلف دارسان على أن العرب مع أُفول شمس الخلافة الراشدة طفقوا يفتقرون ويتراجعون على نحو حاد عن الوفاء لشروط حملها ، وهم بذلك بدوا أنهم مرشحون لحكم الله تعالى ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيأ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ) من الآية 38 من سورة محمد. فالله لا يحابي أحداً من عباده على حساب أحد إلاَّ على معيار استقامته ووفائه لرسالة خالقه .

ومنه نجد أنفسنا معنيين بتداور التوقف والتأمل في حال شعوب الأمة المسلمة واستشراف أيها منها الأكثر ترشيحاً لتوفرها على شروط التمتع باسم خير أُمةٍ أُخرِجَتْ للناس . وعلى الرغم من مظاهر صحوات متفرقة دأبت على قمعها الأنظمة الحاكمة الغاصبة لحكمها ، كما أضفى اتكاء ثلة مارقة على العمالة لتحالفات خارجية لإحداث التغيير على غير طائل ، أو كالمستجير بالرمضاء من النار . أم من خلال المكائد والتنافسات الانقلابية التي جُرب غلبة اتصالها واتساقها مع تلك التحالفات بين ثنايا مكونات الأمة العربية ضد بعضها البعض ، فإن المتأمل المتابع لا يخطئ افتضاح ضحالة التكوين الاجتماعي والعلمي والثقافي لدى أيٍ من عناصرها ومناصريها ( تجربة اللواء الركن جمال حماد كاتب البلاغ الأول لما عرف بثورة يوليو من خلال حلقاته المتتابعة في برنامج شاهد على العصر ) توازياً مع ذلك الانحلال الأخلاقي الكبير السائد الغالب لقواعدها الذي مَثَّلَ سمةً عامةً لمختلف شعوب الأُمة في تلك المرحلة وربما لا يزال عرباً وغيرهم . وعليه فإن المتأمل يجد نفسه محمولاً لإجراء دراسة مقارنة تعني برصد مسيرات الأمم الأكثر ترشيحاً لإحراز شروط البديل ومن ثم على الأقل الاقتداء بها ، كون الحكمة ضالة المؤمن ، أينما وجدها فهو أحق بها وأهلها .

مفضيات دارس متأمل :

هناك تخلف ملحوظ لا خلاف عليه لدى سائر شعوب الأُمة العربية سواء على صعيد الأخلاق لا شك أنه خداج مشوه ، ونتاج متوقع متتابع جراء غياب أو تغييب إنجاز الأسس الدرسية والمناهج التربوية والتعليمية والفكرية والاجتهادية وكذلك الإعلامية ، وكذلك تخلف العرب عن مواكبة الأمم المسلمة وغير المسلمة كثير منها استطاعت النهوض والتخلص من نظم الحكم المستبدة ، والتخلف الفاضح عن مواكبة نجاح جارهم المسلم الفارسي الذي نهض منذ مايقرب من ثلاثة عقود فأزاح عن كاهله باجتهاد علماؤه نظام حكم مستبد كان أشد رسوخاً وقوة من نظرائه لدى شعوب الأُمة العربية ، بينما لاتزال تراوح شعوب أمتنا بعلمائها ودعاتها ومناضليها الأشاوس التغني والبناء على مدارس ومذاهب أجيال سلف سبقتهم ، شأن يفضح عجزهم المزري دون الاعتناء بتوفير بمقدمات وشروط توفير أسباب المقدرة والكفاءة عن الإتيان بجديد معني بإنهاض شعوب أمتهم المكلومة المنكوبة على الرغم من أهلية التراث الغني لديهم الذي كان من شأنه منحهم القدرة على متابعة التجديد ومن ثم النهوض بل والتفوق..

كل شعوب أوربا الشرقية انتفضت وتخلصت من نظم حكم مستبدة ورمتها إلى مزابل التاريخ ، كذلك حصل لدى الشعوب الأسيوية التي قطعت أكثرها أشواطاً تالية على الخلاص حضارية على شتى صعد سيادة مبادئ المساواة والحريات العامة والتنمية والتصنيع .. ( اليابان وكوريا وتيلاند والهند والصين ... ) كذلك حصل لدى بعض الشعوب الأفريقية ، وكذلك شعوب أمريكا اللاتينية ( تشيلي وفنزويلا و بوليفيا وغيرها أمثلة وحسب ) كل ذلك حصل على مشهد من أنظار الجيل المعاصر ، باستثناء الأقطار العربية !؟

ويجدر بالذكر أن مَنْ لا يتقدم فسوف يتأخر ، وعليه فقد شُهِدَت الشعوب التي سبقت بالمبادرة وتأبطها شروط النجاح بمشروع بإزاحة نظم الحكم المستبدة لديها قد بادرت من فورها بعيد نجاحها القريب ذاك إلى ترسيخ دساتير تؤسس للحريات العامة ومبدأ التعددية والفصل بين السلطات وتحميها من التقلبات والانقلابيين ، بل وشرعت سريعاً في بناء اقتصادها وتنيمة مواردها ، وانتقلت بسرعة قياسية إلى مراتب متقدمة من تثبيت أقدامها في مختلف الميادين الحيوية والعالمية بل وطفقت تكتسب عضوية مساهمة فاعلة بل وتنافسية في الشؤون العالمية ، بينما أفضى تأخر نهضة شعوبنا العربية إلى توحش أجهزة النظم الحاكمة المغتصبة للحكم لديها ، حتى أضحت عناصرها ومناصريها والمنتفعين بها أشبه بفيروسات مركبة ملبسة متقوقعة تكاثرت خلالها فئآت رجال محمولين على الأعمال افتضحوا بكونهم ليسوا إلاَّ مافيات استحوذت على مواقع الثروات الوطنية ومنافذ القوة متحالفة مع السلطات الحاكمة سارعت إلى إنشاء أحزاب لها تحمل يافطات وطنية مخادعة ، راكمت وغيرها لتكوِّن مزيداً من معوقات النهضة وإرادات التغيير ، إلى أن أضحت التجمعات الوطنية الضعيفة الباقية لتكون مواد للتندر والسخرية لدى عناصر السلطات الغاصبة للحكم وبطاناتها من الطفيليين والمنتفعين ، وانحدرت طموحات المواطن العربي ليضحي أقصاها الحصول على أي فرصة عمل ولو خارج تخصصه وإما بالمخاطرة والشروع بالهجرة غير المشروعة كان جلهم من خريجي الجامعات والمعاهد واليد الماهرة حقق متابعة هجرة العقول والكوادر بما ترافق معها من تشتت العائلات واتساع نسبة العوانس بتداعياته المختلفة ، وكان من البديهي في مناخات يجتمع في ظلالها الفقر والمرض والتجهيل والقمع نمو واستشراء الفساد في سائر فئآت الممجتمعات العربية كانت بعض مظاهرها تفشي وسيادة التعاطي بالرشوة واستغلال النفوذ ليكون عرفاً مألوفاً يكاد لا يُنكر !؟

وكان لعلماء السوء ومفتي السلاطين أثراً بالغاً في تضليل الأجيال عن مسيرة نهضة أمتهم ، كما كان لغياب أو تغييب أحرار العلماء الكفء الأثر البالغ السوء على تجدد نشوء ظاهرة حداث الأسنان وتهافت فتاوي التضليل والتكفير وإهراق الدماء ، ولقد زاد من الطين بلةً أن تتابعت في الميادين السياسية محاولات الانقلابات بشتى الوسائل أنحصرت أهداف جلها بمجرد المنافسة والتناحر بين عناصر ومحاور الحكم واتسعت أثرها المعتقلات والسجون وممارسات الإعدام والملاحقة والنفي لتزيد من المعوقات بين يدي دعاة النهضة والتغيير من مختلف الانتماآت ، ولتضحي الميادين الشعبية سوقاً واسعة تغث بشتى الطروحات المتقدمة على الاشتراكية أثر إعدامها في بلدها الأُم ، ولم تسلم التنظيمات الإسلامية التي أضحت أعدادها بين يدي الدارسين عصية على الحصر (حتى في البلد وعلى الثغر الواحد) كما اختلفت مذاهب واجتهادات ومنطلقات شيوخها وأمرائها إلى حد التضارب والتفاني بالتقاتل ، قدم بعضها مباشرة الحكم بالحدود على أولوية العمل على إحلال العدل الاجتماعي والمعيشي ، إلى أن أضحت الأُمة تشهد أمراء يزعمون الاجتهاد وهم في العشرينات من العمر أهرقت بفتاويهم وعلى أيديهم وتابعيهم دماء المخالفين ، ووطئت بذلك سنة وجوب تقديم وتوقير الأعلم الأكفأ ، لصالح الأكثر كيداً والأشد دهاءً ومكراً وحيلةً وجرأة على الدماء ..

ولقد انعكست تداعيات تلك المناخات لتتابع فتشمل المهاجرين حتى في بلاد منائي مهاجرهم وأضحت محاكم بلد مثل ألمانيا تتلقى آلاف طلبات الترخيص لتمثيل المسلمين المتنافسين فيها ، على نحو عمق من توجس أبناء الجاليات العربية فيها إزاء أية تجمع بل والنفور منها نفور الأرانب من قسورة !؟ ذاك ، وإذا أضفنا إلى ذلك غياب الأنشطة القنصلية التي يفترض رعايتها لرعاياها في الخارج تقف على حقيقة أضحى فيها العربي في المهجر يتيماً منبوذاً حائراً يتنقل من بلد إلى بلد شريداً أو طريداً باحثاً عن مجرد ملاذ ..

ولقد ترتب على ما سبق ، على سوئه ، غياب الفوائد المنتظرة من منجزات الطفرة الصناعية المتصاعدة وخصوصاً منها وسائل العلم والاتصال والمعلومات بل وتحولت لتنقلب وتضفي مزيداً من وسائل بين يدي الأنطمة الحاكمة لتستخدمها في عمليات التتبع والتجسس على الأفراد والقمع والحجب خصوصاً وقد حصرت السلطات الحاكمة المغتصبة لزمام الحكم شؤون وميادين الترخيص لإنشائها واستثمارها وتوجيهها لتعود إلى أيدي عناصر الحكم أوبطاناتهم أوالطفيليين من حولهم ..

ولقد أنكشفت حال البلاد والشعوب العربية تلك لتضحي مياديناً هينةً مطواعةً للمتربصين في الخارج تتابعت خلالها الإملاآت لتطال حتى الشؤون والميادين والمناصب السيادية ومن ثم امتدت لتطال شؤون الاقتصاد والاجتماع والثقافة والمناهج التربوية والتعليمية في سائر المراحل ولتملَى خلالها الاتفاقيات الاقتصادية المجحفة لعشرات السنين مقابل أثمان زهيدة مثار للذهول ( اتفاقيات بيع الغاز والبترول بين النظام الحاكم في مصر وإسرائيل التي نقضها القضاء المصري على استحياء أو تواطئ ومكر مثالاً لا على سبيل الحصر ) ..

ويعترف كل دارس متابع بعجزه عن مجرد إحصاء مسميات الميادين المخترقة والمحتواة من قبل التحالفات الخارجية ، إلى جانب الاحتواء والاستحواذ الداخلي الموجه من قبل قيادات الأنظمة الحاكمة ، الشأن الذي يؤكد ترشح شعوب الأُمة إلى مزيد من الضعف والتخلف والتنقل من أزمة إلى أخرى مركبة متصاعدة في سلسلة لا تنتهي حتى أضحى المواطن العربي لسان حاله يدندن وحسب بالتعوذ من الأشد !؟

وعلى ما سبق ، على إيجازه ، بدت مشاريع النهضة القاصدة للتغيير مثار للتندر ، كما أضحى حال شعوب الأُمة مثار لاستهجان الآخرين وقرفهم والإعراض حتى مواساتهم فضلاً عن غلبة عزوفها عن مناصرة قضاياهم ..

حقيقة لا بد من مواجهتها :

شعوب الأُمة التي تتلهف للخلاص بدت متلقية وحسب ، لسان حالها يقول بترقب حلول معجزات ، لن تأتي على أيدي من لا يقدم ولا يبادر ويشارك عناء الزرع كشروط ضرورية للمشاركة في الحصاد المفترض المرتبط بالمقدمات مصداقاً لقول الشاعر : من زرع حصد ، ومن جدَّ وجد ، ومن سار على الدرب وصل . وهنا يلح الواقع استحضار قول الشاعر التونسي الأصيل : وللحرية الحمراء بابٌ ، بكل يدٍ مضرجةٍ يُدَقُّ . وقول آخر : ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر ..

وعليه فليس هناك حلاً سحرياً إلاَّ أَنَّ الشُّروع في مسيرة النهضة لاشك مرتبطة بشروط ومقدمات منطقية محال جني الثمار بالقفز فوقها ، يأتي في مقدمتها ذات الشروط التي دأبت شعوب أمتنا على مدى عقود مطالبة أنظمة الحكم الغاصبة لحكمهم عبثاً بتحقيقها وطأً لحقيقة أن فاقد الشيئ لا يعطيه وقوله تعالى ( إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين ) من الآية 81 من سورة يونس. ونعود هنا لاستحضار مقدمة المقال لسان حال أبناء الأُمة : آتني بالبديل الأحسن لآتيك وأحبك وأتبعك وأناصرك ! وعليه فإن ترجمة الحقائق التي ينطق بها المرء وكذلك الجماعة تتمثل في مطابقة الأفعال والمواقف لما يقال به والأخلاق والسمت ومعيار العلائق والتعاملات والحال وما يُنجَز كمؤهلات ومقدمات لتجاوب شعوب الأُمة مع دعاة الإصلاح العاملين في سبيل النهضة وإحداث التغيير المنشود !

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ