ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حصار
غزة .. والمتفرجون العرب! الطاهر إبراهيم* اعتاد الناس أن يبادروا إلى نجدة أصحاب
البيوت التي يداهمها السيل
المنحدر إليها من الجبال
المجاورة، فيهدد أهلها
وبهائمها. أما غزة فقد تركت
لأهلها كي يدفنوا قتلاهم في
خنادق الموتى ، حيث لا وقت لديهم
لحفر القبور والصلاة على
الشهداء، وربما لا تدعهم طائرات
إسرائيل أن يفعلوا ذلك.
الجماهير العربية، من المحيط
إلى الخليج، اكتفت بمتابعة
أخبار غزة عبر شبكات المراسلين
الذين ينقلونها دقيقة، فدقيقة
من داخل بيوت غزة التي دمرتها
طائرات إسرائيل فوق رؤوس
أصحابها. ولا يملكون إلا الدعاء
لأهل غزة، فقد وضعتهم الأنظمة
خارج المعادلة. بات من شبه المؤكد أن كل المشاهدين العرب،
من يؤيد حماس ومن ينتقدها، قد
صبوا "جام" غضبهم على العجز
العربي الذي لا يعرف ساستهم
وسيلة لإيقاف العدوان إلا
التداعي إلى عقد مجلس الجامعة،
أو المطالبة بعقد قمة عربية
طارئة. وهي لو انعقدت فلن تكون
طارئة، لأنها قد تنعقد بعد أن
تكون آلة الحرب الإسرائيلية قد
أتت على كل أخضر ويابس وعلى كل
متحرك فوق أرض غزة. وقد لايستطيع
القادة العرب أن ينجدوا أحداً
فربما يكون قد سبقهم الموت. كل
ما في الأمر أنهم قد يوزعون
المساعدات الطبية والخيام
والبطانيات والأغذية، التي
خيرٌ منها الجوع، إلا أن تكون من
قبيل "اصنعوا لآل جعفر طعاما
فقد نزل بهم ما شغلهم". مسلسل المظاهرات الحاشدة والخطب
النارية، لم يستطع يوما أن يوقف
عدوانا إسرائيليا، ولا أن يشحذ
همة زعيم عربي، فقد اعتاد
الجميع، القادة والشعوب، على
رؤية هذا المسلسل، ثم لا شيء
بعده، سوى أن يتم إحصاء عدد
الشهداء وعدد الأرامل وعدد
الأيتام التي خلفها العدوان.
ولن يقصر القادة العرب بإرسال
المال، فهم كرماء على آل
الشهداء، طالما أنه لا يطالبهم
آل الشهداء بما هو أكثر من ذلك،
ولا يعيرونهم بأنهم لم يفعلوا
شيئا لدفع الجريمة قبل أن تقع. لن نكون متجنين على القادة العرب، إذا
قلنا أن بعضهم ربما ينتظرون
الساعة التي يعلن فيها خروج
حركة "حماس" من المعادلة
الفلسطينية، فهي "أس"
المشكلة، لا تبرح تحرض الشعوب
العربية على قتال إسرائيل، وهم
لا يريدون قتالها، ربما عجزا أو
خوفا من تصاعد نفوذ حماس عند
الشعوب العربية، فيما لو
استطاعت ترسيخ أقدامها كرقم صعب
في "غزة". أما النخب العربية فقد أكثرت من عقد
المؤتمرات. وبعضها انتقد
الأنظمة على تخاذلها في دعم
القضية الفلسطينية. لكن القادة
لم يكترثوا كثيرا. فقد جربوا
النخب أكثر من مرة، وقد وجدوا
أنها تهدد وتتوعد، لكنها في
النهاية تتفرج ولا تفعل. وإلا.. فقد رأينا أكثر من هجمة إسرائيلية
على الفلسطينيين في الضفة
الغربية وقطاع غزة منذ النكبة
في عام 1948. وبعدها في هزيمة
حزيران عام 1967وفي الانتفاضتين
الأولى والثانية ، وفي كل مرة لم
يفعل العرب –قادة وشعوبا- لنجدة
الفلسطينيين، إلا إرسال
الأغذية والخيام والبطانيات ،
وكأنما أهل فلسطين بقايا ممن
شردتهم السيول والعواصف. كما أن الشعوب العربية أنهكها قمع
الأنظمة المستبدة لها، فيقول
قائلها" "أمشي الحيط
الحيط، وأقول يا رب الستر".
وإذا ذكرته بإخوانه في غزة
فيقول: ماذا أعمل وأنا وحدي؟ ثم
يستدرك فيقول: مع ذلك فأنا أرسل
بعضا من أموال الزكاة رغم
التحذير الشديد من قبل الحكومات
التي تخاف أن يصل الأمر إلى علم
"بوش" فيتهمها بدعم
الإرهاب. الهزيمة الداخلية ضربت المواطنين العرب
في طول البلاد وعرضها، حكاما
ونخبا وشعوبا. ولو أن الواحد منا
تبصر بما فعله الصحفي العراقي
"منتظر الزيدي" عندما رمى
بنعليه"جورج بوش" وهو رئيس
أعظم دولة في العالم، رغم أنه لا
يجهل ما سيحيق به. ليس أحد منا معذورا في نصرة إخوانه في غزة.
ولو فكر كل منا كما فكر "منتظر
الزيدي" لما استطاعت الأنظمة
أن تتحكم في أمورنا. وكما يقول
المثل: "العمر واحد والرب
واحد". الرزق مقسوم والعمر
محدود، فعلام الخنوع والخوف؟
ولا أبرئ نفسي. ــــــ *كاتب سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |