ـ

ـ

ـ

الأحد  28/12/2008

الاحتلال الصهيوني ينتحر

أ.د. محمد اسحق الريفي

تخبط المستوى السياسي والعسكري الصهيوني الذي عبرت عنه المجزرة الدموية البشعة، التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني أمس الأول في غزة ضد الشرطة والمدنيين والمقاومين، دليل على إقدام الاحتلال الصهيوني على الانتحار، وذلك بسبب وصول المشروع الصهيوني إلى طريق مسدود ووقوعه في مأزق خطير.

فالاحتلال الصهيوني يعلم يقيناً أن نجاحه في إقامة دولة يهودية يرتهن بنجاحه في إقامة سلام دائم بين هذه الدولة العنصرية والشعوب العربية والإسلامية، وهو ما لن يتمكن الاحتلال الصهيوني من تحقيقه دون استسلام الشعب الفلسطيني واعترافه بالدولة اليهودية، فرغم أن العرب والمسلمين في حالة مزرية وضعف شديد وتقاعس مريب، إلا أنهم مصرون على رفض إقامة سلام مع الاحتلال الصهيوني وإفشال محاولات التطبيع.  ومن المعلوم أن مؤسس كيان الاحتلال الصهيوني، الإرهابي بن غوريون، وضع نصب عينيه منذ بداية المشروع الصهيوني التوصل إلى اتفاقية سلام شامل مع الشعوب العربية، لإدراكه أهمية ذلك في تحقيق الحلم الصهيوني، الذي لا يمكن تحقيقه في ظل تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه ورفضه للاستسلام والاعتراف بما يسمى (إسرائيل). 

ولذلك فلا قيمة حقيقية للمجازر الصهيونية من الناحية السياسية والعسكرية، مهما بلغت دموية هذه المجازر ووحشيتها، طالما بقي الشعب الفلسطيني صامداً ورافضاً للاستسلام، وطالما ظلت مقاومته الباسلة قادرة على التصدي لجيش الاحتلال وتكبيده خسائر فادحة، فشعبنا المجاهد وحده الذي يحدد نهاية الصراع العربي–الصهيوني ونتائجه.  ولذلك فإن تلك المجازر الصهيونية البشعة تهدد مستقبل المشروع الصهيوني، لأنها تقطع الطريق على الاحتلال للتوصل إلى سلام مع العرب والمسلمين، ولأنها أيضاً تعجل بسقوط الأنظمة الرسمية العربية المتواطئة معه، والتي لا يمكن له أن يحقق مآربه وأطماعه دون مساعدتها وقمعها لشعوبها.

هذا التخبط السياسي والعسكري الصهيوني جاء بعد فشل الاحتلال والولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في إجبار حركة حماس على الرضوخ لشروط اللجنة الدولية الرباعية والاعتراف بحق الصهاينة في إقامة دولة يهودية في فلسطين المحتلة، وبعد فشل الاحتلال والأمريكان وحلفائهم في القضاء على كتائب القسام وباقي أجنحة المقاومة وإسقاط الحكومة التي تتولاها حركة حماس، الأمر الذي يهدد سلطة الحكم الذاتي التي يدعمها الاحتلال الصهيوني والمجتمع الدولي والحكومات العربية الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية، ويهدد أيضاً بفشل مشروع تسوية القضية الفلسطينية وفق الرؤية الصهيونية، ويؤدي إلى إحراج الأنظمة الرسمية العربية التي تعمل في وضح النهار من أجل القضاء على حركة حماس.

إذن مشروع التسوية السياسية يتعثر، وسلطة الحكم الذاتي تتدهور، وكتائب القسام تتطور ويشتد عودها، وحماس تزداد قوتها وتتعاظم شعبيتها محلياً وعالمياً، والنظرية الأمنية الصهيونية تتقهقر وتفشل، والمنطقة العربية تقترب من لحظة الانفجار، والأنظمة الرسمية العربية الخانعة والمتواطئة تقترب من نهايتها، والولايات المتحدة تفشل وتفقد نفوذها وحلفائها في المنطقة...

كل ذلك يؤكد أن المشروع الصهيوني قد وصل فعلاً إلى طريق مسدود، ووقع في مأزق خطير لا يمكنه الخروج منه، وهذا يفسر لنا إقدام الاحتلال الصهيوني مؤخراً على ارتكاب جريمته الدموية في غزة، رغم إدراك قادته الجبناء أن جريمتهم النكراء هي مغامرة انتحارية غير محمودة العواقب، وأنها لن تؤدي إلا إلى زيادة المأزق الصهيوني عمقاً واتساعاً، وأنها انتحار للاحتلال الصهيوني المجرم.

إن كل ما هو مطلوب من شعبنا أن يصبر ويستمر في التضحية والبذل والعطاء، و هذا وحده كفيل بالقضاء على الحلم الصهيوني إلى الأبد.  ولن يبخل الشعب الفلسطيني المجاهد على قضيته وأمته بدمائه الزكية، ولن تكل كتائب الشهيد عز الدين القسام والمقاومون والمجاهدون من مقاومة العدو الصهيوني، ولن تمل حركة حماس من تقديم التضحيات تلو التضحيات حتى تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها.

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ