ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قرارات
لن تصدر وقمة في الغالب لن تنعقد
وكلام للاستهلاك بقلم:
د. عصام العريان أكتبُ
قبل 24 ساعةً من انعقاد المؤتمر
لوزراء الخارجية العرب بمقر
جامعة الدول العربية بالقاهرة. وقد حدث
انفصالٌ تامٌّ بين الشعوب
العربية وحُكَّامها وزعمائها-
إن كان هؤلاء زعماء- وبالقطع
وزراء الخارجية موظَّفون، وهم
ألسنة القادة والحكام ومنفِّذو
سياستهم، وهناك قرارات سيصدرها
الوزراء للاستهلاك المحلي
وتحذيرات الشعوب والإيهام
بأنهم يتألَّمون ويتحرَّكون
كالبشر، ولديهم إحساس إنساني
وشعور بثقل المسئولية المتعبة
والمُنهَكة. أول هذه
القرارات: إدانة قوية وشديدة
اللهجة للعدوان الصهيوني
والسعي لدى الهيئات الدولية
كالأمم المتحدة لوقف العدوان. ثانيًا:
إرسال المزيد من المعونات
والدواء والغذاء إلى غزة عبر
معبر رفح الذي لن تفتحه مصر
وتصرُّ على الحصول على ضماناتٍ
دوليةٍ لفتحه وتفتحه تحت الضغط
لأيامٍ معدودة لمرور استثنائي
للجرحى والمرضى والحُجَّاج
والطلاب لا لعبور طبيعي كبقيةِ
الحدود الطبيعية. وكيف
تفتحه مصر وهي تُدمِّر الأنفاق
التي تُمثِّل شريان الحياة في
حالةِ الحصار بالنسبة لأهل
القطاع، كما يقول تقرير الأمم
المتحدة، وتُقيم في نفس الوقت
أسوارًا عاليةً أسمنتية غير
قابلة للخدش على طول الحدود مع
غزة؛ خشية هروب سكانها تحت وابل
القصف للنجاة بحياتهم وللحصول
على لقمة خبز وجرعة دواء؟! ثالثًا:
مطالبة الأطراف الفلسطينية
بضرورةِ الجلوس على مائدة
الحوار والمصالحة في مظلة
الجامعة العربية أو الاستجابة
لدعوة مصرية جديدة أو تكليف قطر
بإجراء حوارٍ شديدٍ مثلما نجحت
في المصالحة اللبنانية. وطبعًا..
هذا القرار لن يُنفَّذ؛ لأن مصر
استنفدت جهودها وخسرت
مصداقيتها كوسيطٍ محايدٍ، سواء
بين عباس وحماس، أو بين حماس
والعدو الصهيوني في مسألة
الجندي الأسير شاليط. ومن
أغرب العجب أن تلجأ مصر في رحلة
وزير الخارجية إلى تركيا إلى
وسيط تركي بينها وبين حماس
والكيان الصهيوني وتُقدِّم
صفقةً تريد من تركيا أن
تروِّجها وهي تتضمن- وفقًا
لجريدة (الحياة)- 4 نقاط: 1- وقف
إطلاق النار. 2- تهدئة
متبادلة. 3- فتح
المعابر جميعًا. 4-
ضمانات دولية لضمان استمرار فتح
المعابر. وستقوم
تركيا بالاتصال بالأطراف
جميعها. والسؤال:
كيف ترضى مصر الكبيرة لنفسها أن
تُسلِّم المنطقة واختيارًا
لتركيا أو كرهًا وغصبًا لإيران؟!
وكيف يطلب الوزراء من الطرف
المقاوم في غزة والضفة أن يجلس
إلى حوارٍ وهو يرى على الأرض
الرضا والمباركة والتواطؤ
والمشاركة في العدوان الإجرامي
على غزة، ويرى في نفس الوقت
الانحياز الصريح والواضح ضد
القانون والدستور الفلسطيني
إلى جانب الرئيس عباس في آخر
اجتماعٍ لهم منذ أسابيع، وهو
قرار مهَّد للعدوان الحالي
الجاري والمستمر؟! أول
القرارات التي لن تصدر إطلاقًا
هو: عقد قمة عربية طارئة في قطر؛
لأن القمة ستتحول- كما سيحدث
غالبًا في اجتماع وزراء
الخارجية- إلى تلاسنٍ وتبادلٍ
للاتهامات التي قد تتحوَّل إلى
شتائم وسباب. والسبب
الأهم هو أن القادة العرب ليس
لديهم شيء يفعلونه أو يقدمونه
للشعب الفلسطيني؛ لأنهم هم في
قرارةِ أنفسهم يريدون التخلص من
الملف الفلسطيني كله والتخلص من
صداع المقاومة، والجميع في هذا
الأمل البعيد سواء، والذي يؤرق
بالهم ويسبِّب لهم الصداع هو
الغضب الشعبي المتزايد
والمتصاعد، ويُريدون بكل
اهتمام أن يتخلَّصوا من صداعهم
إن كان يصعب التخلص فعليًّا من
الشعوب نفسها ولديهم ترسانة
مسلحة من جيوش وقوات أمن- في
ظنهم- قادرة على حماية العروش
والكراسي. ثاني
القرارات التي لن تصدر إطلاقًا
هو: سحب المبادرة العربية أو
تجميدها كما طالب العقيد
القذافي الذي أعلن أنه لن يحضر
القمة حتى ولو تقرَّرت؛ لأنه لن
يُنفَّذ من قراراتها شيء،
والسبب الحقيقي هو أن هذا النظم
المتعاقبة والحكومات المتتالية
منذ بداية المشروع الصهيوني
ساهمت في ترسيخه، وشاركت في
الحفاظ على أمنه وطمأنينته وسعت
إلى شلِّ حركة المقاومة الشعبية
منذ الانتفاضة الأولى للشعب
الفلسطيني عام 1929م؛ مرورًا
بالثورة الكبرى عام 1939م، وقامت
حكومة مصر قبل الثورة بسجن
المفتي محمد أمين الحسيني
وحكومة عموم فلسطيني، ثم قامت
الحكومات بتشكيل منظمة التحرير
الفلسطينية، وعيَّنت أحمد
الشقيري رئيسًا لها واستبدلت به
ياسر عرفات، وقسَّمت المنظمات
فيما بينها وحرفتها عن وجهتها
الطبيعية وهي تحرير فلسطين إلى
خدمة الحكومات العربية
وأدخلتها في الصراعات فيما
بينها إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا
إليه. قرار
آخر لن يصدر بالقطع وهو: سحب
القرار الأخير بمطالبة محمود
عباس بالاستمرار في موقعه
كرئيسٍ للسلطة الفلسطينية
رغمًا عن إرادة الشعب الفلسطيني
الذي انتفض نصفه في غزة عليه،
ويوشك النصف الآخر على الانتفاض
ضده في الضفة الغربية. والسبب
هو أن بديل عباس هو حماس، وبديل
المفاوضات التي طالبوا عباس
بالاستمرار فيها هو وقف التطبيع
ودعم المقاومة والاستعداد
لاستحقاقات ذلك الموقف
بالاستعداد لمنازلة جديدة من
العدو المنهك أو ترك مصيره لقوى
المقاومة الباسلة التي تستطيع
إنهاكه حتى يسقط بفعل العوامل
الداخلية. المصيبة
أن هؤلاء ربطوا مصيرهم بمصير
العدو، ويشعرون أنهم سيسقطون
وينكشفون إذا انهزم الصهاينة
واندحر الأمريكان. قرارٌ
سيصدر، ولكن لن تكون هناك قوة
تحميه، وهو: إرسال مساعدات عبر
السفن بحماية سفن حربية إلى
ساحل غزة تحمل المساعدات
الفورية والعاجلة الإنسانية لا
الحربية لإنقاذِ ما تبقَّى
ويمكن إنقاذه من أهالي غزة
المحاصرة، خاصةً بعد الاعتراض
الأخير للزوارق الحربية
الصهيونية لقارب الكرامة
وتهشيم جزءٍ من مقدِّمته
وإرغامه على تحويل مساره إلى
الشواطئ اللبنانية. قرارٌ
قطعًا لن يصدر، وإن صدر فسيكون
للاستهلاك فقط، وهو: قطع
العلاقات الدبلوماسية مع العدو
من مصر (التي لم تفد شيئًا) أو
الأردن الذي يصحح موقفه الآن
ببطء، وموريتانيا التي انهار
الحكم الذي عقَّدها حكم معاوية
ولد طايع، أو وقف العلاقات
التجارية بين قطر والبحرين
وعمان والإمارات وتونس وغيرها
مع العدو أو دعم الجهود ضد
التطبيع وتفعيل قرارات للجامعة
العربية سابقة تم تجميدها دون
إلغائها بإنشاء مكاتب لمراقبة
التطبيع مع العدو. ويأتي
في هذا السياق إلغاء الاتفاقيات
التجارية المَشينة والمُخجلة
والتي قام القضاء المصري بإصدار
الأحكام المتتالية بإلغائها
ووقفها، كاتفاقية تصدير الغاز
الطبيعي المصري بأسعار رخيصة
إلى العدو، واتفاقية "الكويز"
بين مصر والعدو الصهيوني
والولايات المتحدة بشأن
المنسوجات وفرضت مُكوَّنًا
صهيونيًّا في المنسوجات
المصرية. يا
وزراء الخارجية العرب.. اسمعوا
صوت الشعوب الغاضبة قبل أن
يجرفكم تيار الغضب، لا تكونوا
فقط صوت رؤسائكم وملوككم
وأمرائكم، بل عبِّروا ولو مرةً
واحدة عن الناس البسطاء الذين
تربَّيتم وسطهم ونشأتهم بينهم
وكان انتماؤكم لهم وقتًا من
الأوقات. فقط
انقلوا إلى القادة ضمير وصوت
الأمة؛ لأنهم باتوا بلا ضمير
ولا يسمعون إلا النفاق والمديح. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |