ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الجمعة  02/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


من أعطى إسرائيل ترخيصاً للقتل؟

عبد الوهاب بدرخان

تحدثت إسرائيل عن جرائمها في غزة وكأنها تمتلك تفويضاً عربياً ودولياً للقتل بدم بارد وبلا أي رادع أخلاقي أو سياسي. لم تكن الأخلاقيات يوماً جزءاً من حساباتها، فهي دولة جرائم الحرب، لكن من أين لها هذا "التفويض"، إذا وجد أصلاً؟ إنه ببساطة، قراءة خاصة وخاطئة، لكنها مفيدة للحال العربية وللحال الفلسطينية، وكذلك للوضع الدولي الراهن.

 

قرأت إسرائيل، وربما أصابت أن الانقسام العربي أنشأ معسكرين، أحدهما يضم حكومات وأنظمة لا تحبذ توجهات حركة "حماس" ولا تبالي بمصيرها بل سئمت من نهجها، والثاني يضم حكومات وأنظمة لا تهتم بأمر "حماس" إلا بمقدار ما تستطيع استثمار دمها واستخدام ممانعتها لا من أجل القضية الفلسطينية وإنما لأغراض شتى يتعلق بعضها بمساومات خاصة لا علاقة لها بالضرورة بمبادئ "حماس" وأهدافها وطرق عملها.

 

وقرأت إسرائيل، وربما أصابت، أن المساعي المصرية لإقامة حوار فلسطيني - فلسطيني، تمهيداً لمصالحة، فشلت بفعل مماحكات عربية - عربية. فبعد اندفاع مذهل نحو ذاك الحوار، الذي نال قبل أن يبدأ مباركات لافتة من دول وجهات في معسكر الممانعة، راحت الفقاعة تتلاشى تدريجياً، إلى أن اتضح أن الضوء الأخضر لانطلاق الحوار لم يُشعل، ثم تعقّد الموقف واستدعى اجتماعاً استثنائياً لوزراء الخارجية العرب، الذي شكل مناسبة لاحتكاك سوري - مصري. وبعد ذلك تعثرت وتعذرت كل المساعي، وما لبثت أن توقفت عملياً. وفي الآونة الأخيرة كان الوسطاء يقصدون دمشق ولا يقصدون "حماس"، اختصاراً للوقت والجهد، ولم يوفقوا، بل قيل إن العقدة بروتوكولية تتمثل في إقامة النديّة بين الرئيس الفلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس".

 

وقرأت إسرائيل، وربما أصابت، أن ما يسمى المجتمع الدولي ومعظم الحكومات والأنظمة العربية لا تعترف إلا بالسلطة الفلسطينية، وليست مستعدة للتعامل مع سواها. لكن هذه السلطة ضعفت بسبب الانقسام ما بين ضفة وقطاع، وما بين "فتح" و"حماس"، وما بين "خريطة طريق" تفرض عليها "مكافحة الارهاب" ومفاوضات وفقاً لتوصيات أنابوليس كان يفترض أن تتوصل إلى اتفاق يعيد إليها بعضاً من الهيبة، ويعزز بعضاً من شرعية مترنحة، ما يستتبع أن هذه السلطة، والجهات الخارجية المعترفة بها، تريد ضمناً إنهاء الانفصال الذي فرضته "حماس"، أي إنهاء حكم "حماس" على القطاع. هنا اعتبرت إسرائيل أنها وحدها القادرة والمدعوة إلي هذه المهمة، ولكن طالما أنها ليست الوحيدة صاحبة المصلحة فيها فقد اقتضى تفويضها، وربما التمني عليها، بل توفير الغطاء لها. لكنها لم تكتف بما يُقال خلف الأبواب المغلقة، بل شرّعت لنفسها وخاصة أن تبلغ مجلس الأمن الدولي بأنها ذاهبة إلى المهمة القذرة.

 

الذريعة هي الصواريخ الحمساوية، وقد دأب اللغو الدبلوماسي العقيم والمبتذل على مساواة الحصار التجويعي والإذلالي بهذه الصواريخ التي توقفت خلال ما سمي "التهدئة"، لكن إسرائيل لم تعترف ولا تعترف بأن التهدئة أو حتى "اتفاقات السلام" الموقعة تمنعها من الاستمرار في إجرامها. فباسم تلك الاتفاقات وتحت غطائها، قامت بعشرات الاغتيالات والاجتياحات والغارات ووسعت الاستيطان، وأفسدت كل أنواع التهدئات والهدنات حتى أجهزت على قدرات السلطة وتتفرغ الآن للإجهاز على "حماس".

 

إنه سيناريو صيف 2006 نفسه حين أطلقت إسرائيل العنان لوحشيتها متسلحة بتفويض أميركي شبه معلن. ولاشيء ينبئ بأن ما أخفقت فيه ضد "حزب الله" يمكن أن تنجح فيه ضد "حماس". ففي حساباتها أن الأمر لن يكلفها أكثر من بضع إدانات، معظمها متوقع ولا يعني شيئاً.

 

الفارق بين لبنان وغزة أن الأخيرة ليست فيها حكومة معترف بها، وليست هناك حكومة مخولة بالتفاوض عنها لوقف إطلاق النار، بل على العكس تهدف "حماس" إلى نزع شرعية السلطة وحكومتها.

 

لابد أن "التفويض" الذي اعتقدت إسرائيل أنها تمتلكه ملتبس جداً. وإذا كان هناك من أعطاها التفويض حقاً فلابد أنه تناسى وحشيتها المفرطة، أو أنه يجهل أن طبيعتها لا تؤهلها لمهمة لا يمكن أن تنجز إلا بالسياسة. ها هي المجازر قد أعادت الجميع إلى الحقيقة والواقع، لكن بكلفة بشرية ثقيلة جداً، وبجريمة حرب واضحة المعالم.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ