ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أنا
عابد ما عبدتم أمير
أوغلو رغم
الألم الذي لا يحتمل، ورغم
الجراح التي تدمي القلب، ورغم
كل الغضب الذي يملأ الصدور،
لابد أن نقف وقفة تحليل ومناقشة
ودراسة لما يحصل على ضوء سنن
الله تعالى في أرضه وسنن
التاريخ وسنن الكون التي لا
تتخلف. بعيدا عن التحاليل
السياسية الباردة، وبعيدا عن
استشفاف النوايا والأهداف،
وبعيدا عن التراشق بالتهم وعن
التخوين والتكفير فكل هذا لن
يفيدنا أن نتقدم خطوة واحدة على
الطريق الصحيح، طريق معرفة
الواقع ومعرفة الهدف ومعرفة
الطريق الصحيح إلى هذا الهدف. المراقب
لوضع الأمة يرى بوضوح أننا
مررنا منذ سبعينيات القرن
الماضي وحتى آخره في مرحلة
الصحوة والتربية والبناء
والعودة إلى الدين والهوية
والأصل وتوضحت لدينا المبادئ
واكتشفنا زيف وخداع كل صور
وأشكال النظريات التي كنا نعول
عليها بعيدا عن انتمائنا الأصلي
وبعيدا عن حضارتنا وتراثنا. منذ
أوائل القرن الحالي نمر في
مرحلة جديدة هي مرحلة التمحيص
والفرز ووضوح الرؤيا ومعرفة
الباطل والحق ومعرفة من يقف
معنا في صف الحق ومن يقف ضدنا في
صف الباطل. مررنا في هذه المرحلة
بعدة كوارث منها غزو أفغانستان
وغزو العراق واحتلاله وتدمير
الصومال نهائيا ومحاولات تقسيم
السودان واقتطاع تيمور الشرقية
وحرب لبنان ونكبات فلسطين
المتتالية وحصار الشعب
الفلسطيني ومحاولة انهاء
القضية برمتها، كل هذا لا نراه
بمنظار الكارثة والمصيبة التي
لا خلاص منها بل يجب أن نراه
بمنظار التمحيص الإلهي الذي
يسبق التمكين بإذن الله تعالى. قد يبدو
للمشاهد أن الأمر قد طال أكثر
مما يجب وأن طول الزمن قد يُضعف
القوى ويوهن العزائم وعندها لا
يبقى معنى للتمحيص بل يتحول إلى
تدمير للقوة والطاقة، ولكننا
يجب أن نلاحظ هنا أننا نتكلم عن
أمة تمتد من شرق الأرض إلى غربها
يزيد عدد أفرادها عن المليار
وعن دول تزيد عن الخمس والخمسين
وعن شعوب وأجناس مختلفة وعن
اتجاهات سياسية واقتصادية
واجتماعية غير متناهية في
تنوعها واختلافاتها فلا عجب أن
تطول مدة الفرز وأن تتنوع
الضربات والمحن التي تقود إلى
هذا التمحيص. نحن لم نعد جماعة
محصورة في مدينة أو قرية أو دولة
ولم نعد ألوفا أو مئات من الألوف
لهذا لايمكن أن يظهر أثر هذا
التمحيص في سنة ولا في سنتين ولا
بعد كارثة أو كارثتين وإنما لا
بد لهذا الحدث التاريخي أن يأخذ
مجراه وأن يستغرق وقته لكي تكون
النتائج صحيحة والفرز لا لبس
فيه. في
بدايات عهد الدعوة عُرض على
النبي صلى الله عليه وسلم أن
يعبد آلهة قريش يوما وأن يعبدوا
هم ربه يوما، لم يأت الرد على
لسان النبي صلى الله عليه وسلم
بل جاء مباشرة من الله تعالى
ليبقى قرآنا يتلى ومنهاجا يُتبع
إلى يوم القيامة: لا أعبد ما
تعبدون..... من خضم
أحداث غزة وفلسطين الحبيبة ظهرت
وبوضوح لم يعد فيه أي غبش فئتان
فئة تنادي وتقول: لا أعبد ما
تعبدون..... برغم القتل والتشريد
والفتك والحصار، وفئة تقول: أنا
عابد ما عبدتم....... برغم السلطان
والجاه والمال أو ربما بسبب هذا
السلطان والجاه والمال.
أنا
عابد ما عبدتم قالها كل حكام
العرب تقريبا، بوضوح لامثيل له
وبشفافية عالية يُحسدون عليها
كنا نتمناها منهم في مواضع
أخرى، قالها كل أذناب الحكام
وأبواقهم وعملائهم، قالها من لم
يفهم حتى الآن ماذا يحصل مخدوع
هو بإعلام رهيب يقلب الحقائق
ويزيفها ويظهر الحق باطلا
والباطل حقا مخدوع هو بأماني
وأمنيات وهدايا وألعاب كألعاب
الأطفال يعوضونه بها عن حقه وعن
ماله وحتى عن ذاته التي خسرها
وهو لا يدري. أنا
عابد ما عبدتم قالتها (الجامعة)
المفرقة العربية، وقالها حكام
العرب وقالها وزراء خارجيتهم
وقالتها محطتهم العبرية
وقالتها جرائدهم الرسمية وغير
الرسمية الخضراء منها والحمراء
وقالها صحفيوهم ومثقفوهم
وأشباه الرجال الذين يلهثون
ورائهم. على
صعيد الواقع
العملي والفعلي يهمنا من كل هذا
أن نعرف واجبنا في مرحلة
التمحيص الذي قد يختلف عن
واجباتنا في مرحلة التكوين وعن
واجباتنا في مرحلة التمكين. أول ما
يجب علينا في هذه المرحلة أن
نسمي الأشياء بأسمائها
الحقيقية، ألا نكون مداهنين ولا
ملبسين ولا مهاودين، لم يعد
مقبولا في هذه المرحلة تعديد
محاسن الباطل حتى لو كانت له
محاسن لم يعد مقبولا تزكية من
يقف بوضوح في صف الباطل مهما
كانت أفعاله توحي بأنه قد
ينفعنا أو لأنه يبدو لنا أننا
بحاجة إليه. ثاني
هذه الواجبات ألا نتحاور مع
الباطل أبدا، علينا أن نقول
وجهة نظرنا وأن نشرحها ثم
ليقولوا ما شاؤوا وليفعلوا ما
شاؤوا لا وقت هناك للمماحكات
ولا يجدر بنا أن نضيع الوقت مع
المبطلين فلا هم عندهم الرغبة
في الإقتناع ولا نحن نقبل
بتغيير قناعاتنا حتى الحوارات
المفتوحة في الإعلام لا فائدة
منها في هذا الوقت فعدد الذين قد
نكسبهم من هذه الحوارات لا
يعادل عشر الوقت الذي نضيعه
فيها ولو انصرفنا لتبيين
مواقفنا للآخرين لكان هذا أكثر
فائدة وأعظم أجرا. أما
الواجب الثالث فهو أن نقبل كل من
يقف في صفنا في هذه المرحلة بغض
النظر عن أهدافه ونواياه طالما
أنه لم يسقط في امتحان التمايز
فلا داعي لإخراجه من الصف لأي
سبب كان، إن كانت له أهداف
ونوايا سيئة ستنكشف عند
الابتلاء القادم وإن كان
يدارينا الآن فسينكشف عند المحك
الآتي ولايجوز لنا بحال من
الأحوال أن ننقض بناءنا بأيدينا
الآن بحجة أننا نعلم الغيب وما
تخفي الصدور، أمام التحديات
القادمة سيظهر لنا صدق
النوايا أما الآن فلا نشق على
قلب أحد ولا نطلب من أحد أكثر
مما نطالب به أنفسنا. في
الختام وفي موضوع غزة والجريمة
المرتكبة في غزة بالذات نقول:
هناك طرفان يستطيعان الآن قلب
المعادلة وتغيير الواقع وتحويل
هذه الكارثة إلى نصرعظيم لكل
الأمة: أولهما هو الشعب المصري
الذي يجب أن يغتنم فرصته
الذهبية في تغيير هذا النظام
الفاسد وهذا الرئيس الفاشل،
ثلاثة أيام من المظاهرات تكفي
لإسقاط هذا الحكم يكفي أن يخرج
كل المصلين بعد صلاة الجمعة كل
من مسجده ويتجهوا جميعا إلى وسط
المدينة، فلست أدري عندها أي
قوات للأمن تستطيع أن تحيط بكل
هؤلاء. أما الطرف الثاني هم رجال
فتح الذين مازالوا على العهد
الأول ومازالوا عند ميثاقهم
الذي أعطوه عندما بايعوا فتح
ومازالوا عند الوفاء لقائدهم
الذي قتل لأنه ثبت في المرحلة
الأخيرة على وفائه لوطنه ورفض
كل المغريات، هؤلاء هم الذين
يستطيعون أن يقلبوا الطاولة على
البهائي الذي سرق الثورة وعلى
أعوانه من المجرمين من أمثال
دحلان والرجوب وعبد ربه (أي رب؟)
والأقرع وفياض إلى آخر السلسلة،
هؤلاء الصادقون يستطيعون أن
يحولوا هذا العدوان إلى كارثة
على اليهود إذا انتفضوا في
الضفة كما عودونا من أجل شعبهم
لا من أجل حماس أو غير حماس فهم
أول من يعلم أن إسرائيل لا تفرق
بينهم وبين جهاد أو حماس. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |