ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  06/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أين أنت "يا غضب الضفة"

عريب الرنتاوي

لم يأت إيهود باراك على ذكر "الجبهة الشرقية" وهو يتوجه بحديثه للشعب الإسرائيلي في بداية الهجوم البري على "الجبهة الجنوبية"، وزير الدفاع الإسرائيلي اكتفى بالقول أن حكومته اتخذت ما يلزم من إجراءات لمجابهة أية تطورات على "الجبهة الشمالية".

 

و"الجبهة الشرقية" التي أعني، ليست تلك الممتدة من "الشريعة" إلى دجلة والفرات، فهذه بالطبع باتت في ذمة التاريخ، ولم يعد أحد يذكرها غير الإسرائيليين وفي حالة واحدة فقط: عندما يبحثون عن مبررات للاحتفاظ بسيطرتهم على "الأغوار الفلسطينية المحتلة"، الجبهة التي أعني واقصد هي جبهة الضفة الغربية على وجه التحديد، وهي جبهة صامتة حتى الآن، لم يخرج نطاق حراكها عمّا تشهده أي مدينة من مدن العالمين العربي والإسلامي، مع أن المطلوب من رام الله والخليل وجنين وقلقيلية وبيت لحم ونابلس، أكبر بكثير مما هو مطلوب من كراتشي وسرينيغار وكابول ونيروبي وساو باولو.

 

التضامن مع غزة، موقف مطلوب من الأشقاء والأصدقاء على امتداد ساحات المنطقة والعالم، وهذا ما يحصل يوميا وعلى مدار الساعة ومنذ الغارة الأولى لهذا العدوان الهمجي، وبصورة غير مسبوقة تدعو للفخر والإعجاب، بينما المطلوب من الضفة الغربية هو شيء آخر مختلف تماما، مطلوب منها أن تكون "جبهة ثانية" مفتوحة على الاحتلال، حتى يعرف المحتلون بأنهم لن ينعموا بالأمن والاحتلال الرخيص غير المكلف في الضفة، فيما جزء عزيز من الشعب الفلسطيني يتعرض للتقتيل، وجزء ثمين من الأرض الفلسطينية يتعرض للتحريق والتدمير، مطلوب من الضفة أن "تفجّر غضبها" أقله حتى تسقط مرامي الانقسام الفلسطيني، ألم يلطم القادة في رام الله الخدود ويشقوا الصدور أسفا على الجغرافيا المبعثرة والشعب المجزأ والسلطة المقسّمة ؟!، ألم يحن الأوان لإعادة انتاج الوحدة الوطنية على قاعدة التصدي للاحتلال ومقاومته، أم أن هذه الوحدة من منظور رام الله لا يجب أن تتم إلا في ظلال "المفاوضات العبثية" وتحت عباءة "التنسيق الأمني" ؟!.

 

لا يفوتنا أن الضفة تخضع للاحتلال، وأنها ما زالت مثخنة بجراح "السور الواقي"، ولكننا مع ذلك، نرى "تفلتا" شعبيا متعاظما للاشتباك مع الاحتلال على حواجز الذل ومستوطنات الإرهاب، لا يحول دون انفجاره، إلا الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي أعيد بناؤها في مدارس "التنسيق الأمني" التي يشرف عليها الجنرال دايتون، وهو تنسيق بلغ مديات في الأونة الأخيرة، وطاول نشطاء "الشعبية" و"الديمقراطية".

 

ما يحول دون اندلاع "غضب الضفة"، ثلاثة أسباب رئيسة: أولها أن السلطة نسيت موقعها النضالي، والأرجح أنها فوجئت بالأمين العام للجامعة يذكرها به في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب، حين خاطب الرئيس محمود عباس من موقعه النضالي قبل أن يخاطبه من موقعه كرئيس للسلطة...وثانيها: أن حماس والجهاد اللتان تشكلان العمود الفقري لمقاومة العدوان في غزة، قد تعرضتا لحملة تصفية منهجية ومنظمة في الضفة، بحيث لم يعد لخلاياهما وشبكاتهما في الضفة أي قدرة على اختراق حواجز الحصار المضروبة عليهما من الاحتلال والسلطة على حد سواء، ولقد أخبرني أحد القراء أن هاجس الشرطة الفلسطينية هو ملاحقة أي "خرقة خضراء" ترفع في التظاهرات والاعتصامات التي تجري في رام الله والخليل وغيرهما من المدن الفلسطينية...وثالثها: أن بعض الفصائل التي تخوض مقاومة مسلحة في غزة، تبدي انضباطا لسقف السلطة الخفيض في رام الله في تعاملها مع الحرب المجنونة على غزة، ومن دون أن نجد تبريرا لهذه المفارقة غير "الذوبان" المؤسف لهذه الفصائل ماليا وإداريا بالسلطة والحكومة.

 

ثمة خشية لدى سلطة رام الله وحكومتها من انهيار "مداميك" البنيان الأمني الذي تحول قبلة الزائرين في جنين ونابلس والخليل، وهي لهذا السبب تعلن النفير العام في صفوف وحداتها وأفرادها، لا لمواجهة العدوان ونصرة غزة، بل لتأبيد "ضبط النفس" و"حقن الدماء"، حتى وإن كانت نتائج هذه السياسة الخرقاء، مضحكة ومثيرة للسخرية: انتفاضة شموع بدل المقاومة وانتفاضة الحجارة ؟!.

 

العدوان الإسرائيلي على غزة يدخل يومه العاشر، وهو يتنقل بين البر والبحر والجو، فيما "غضب الضفة" ما زال هادئا وحبيس الصدور، بقوة "الرواتب" و"الحواجز" و"التنسيق الأمني"، وكل ما يجعل إيهود باراك مطمئنا لخاصرته الشرقية، فهناك من يسهر على حراستها، لتكون "جنة الفلسطينيين" وارفة الظلال مقابل "الجحيم" الذي تشوى به أجساد أطفالهم في قطاع غزة، أليس هذا ما بشّر به جورج بوش، وعمل على ترجمته تابعه من قبل ومن بعد طوني بلير ؟!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ