-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أيها
المثقفون العرب ,, من يصلح الملح
إذا الملح فسد ؟ أ
/ محمد بن سعيد الفطيسي*
ان المثقفين الشرفاء
الأحرار بجميع شرائحهم وفئاتهم
عبر العصور , كانوا وقود الأمم
وقادتها وملهميها , إنهم الشموع
التي احترقت عبر النضال والكفاح
لتضئ للآخرين دروبهم , أنهم
الصوت الحر في زمن الصمت
والخيانة والعمالة والمداهنة
والنفاق , والكلمة الجريئة
الصادقة بين صراخ السعادين ,
الكلمة ( التي تبلغ الى قلوب
الآخرين فتحركها , وتجمعها ,
وتدفعها , إنها الكلمات التي
تقطر دماء لأنها تقتات قلب
إنسان حي , فكل كلمة عاشت قد
اقتات قلب إنسان , أما الكلمات
التي ولدت في الأفواه , وقذفت
بها الألسنة , ولم تتصل بذلك
النبع الإلهي الحي , فقد ولدت
ميتة , ولم تدفع بالبشرية شبرا
واحدا الى الأمام , ان أحدا لن
يتبناها , لأنها ولدت ميتة ,
والناس لا يتبنون الأموات )0
نعم 000 ان المثقفين الشرفاء ,
والكتاب الأحرار هم ضمائر
الشعوب والأمم المثقلة بالجراح
والهموم والألم , وصناع الحياة
والحضارة ومصلحيها , والكبريت
الذي احرق عشش القش والفساد
التي حجبت الحقيقة عن الناس عبر
التاريخ , إنهم الأجساد الطاهرة
التي عبرت على جماجمها الأمم
الى سلم المجد والتقدم , والرئة
التي طالما تنفست عبر منافذها
الأرواح الهواء النقي الصافي ,
إنهم الملح الذي لا يصلح الطعام
الحضاري ولا يستساغ إلا به 0
ولو رجعنا الى التاريخ
قليلا لوجدنا ان تلك الشريحة من
المثقفين الأحرار الشرفاء , قد
اختاروا الموت على الحياة لأنهم
وجدوا في موتهم حياة لغيرهم ,
واحرقوا بالنار فاحترقوا
فأناروا للعالم طريق الحقيقة
والحق والحرية , ضيقت عليهم
الدنيا بما رحبت , فلم ييأسوا
ولم تكل أقلامهم ولم تبح
أصواتهم ولم تخمد أنفاسهم ,
ظلموا في أوطانهم ونكل بهم
ولكنهم في نهاية المطاف انتصروا
لأنهم امنوا بحقيقة واحدة ,
حقيقة ان الكلمة و الكتابة التي
لا يدفعها الكفاح والنضال
والموت لأجلها , لا تزيد عن
كونها أدب مستهلك رديء , وان
الحق لابد ان يحق ويتحقق , وانه
مهما طال ليل الظلم وانتشر
الفساد , فلابد ان تشرق شمس
الحقيقة على رؤوس الخونة
والعملاء لقضايا أمتهم ولو بعد
حين 0
ولكن ماذا سيحدث للطعام إذا
فسد الملح الذي يصلحه ؟ ماذا
سيحل بالأمم والشعوب التي يفسد
ويخون زعماءها وعلماءها
ومثقفوها ودعاتها ومصلحيها
وكتابها وشعراءها 000الخ , ومن
تعول عليهم أمر رفعتها وتقدمها
ورقي حضارتها ومدنيتها ؟ ماذا
سيحل بها إذا ساد وتسيد الأمر
دعاة الانحلال والفساد وكتاب
المداهنة والخونة لقضايا أمتهم
وثوابتها وقيمها , وعلماء
الطغاة والشهوات والمجاملات ؟
وشعراء الفتنة والمجون ؟ (
فالديدان والحشرات التي عاشت
طويلا في المستنقع كفيلة بتدنيس
كل مقدس , إذا نحن سمحنا لها
بالحياة مرة أخرى في الأرض
الطيبة , التي يجب ان تخلوا من
الديدان والحشرات ) والطفيليات 0
فلقد ابتليت هذه الأمة
العظيمة بمثل هؤلاء الخونة
العملاء عبر سنوات عمرها "
أطاله الله " , فمنهم من
نشاهده يسير خلف مواكب الانحلال
والفساد والمجون , بهدف الترويج
لأفكار الضياع والتغريب
والتحررية من الفضيلة والأخلاق
والأديان , وآخرون من يتباكى على
قضايا يهود والصهاينة المجرمون
, ويتبرك بهم لدى أعداءها , بل
ويدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن
أحلامهم وقضاياهم وأمانيهم تحت
دعوات المساواة والعدالة
والرأي الآخر في المحافل
والندوات والصحف والمجلات
والمنتديات , والبعض منهم يسعى
جاهدا لتمييع النصوص وتحريف
الكلم عن مواضعه , وإزهاق الحق
بهدف الحصول على الهبات
والأموال او التقرب من ذوي
السلطة 0
نعم – وللأسف الشديد -
لقد تسبب القسم الأول من
هؤلاء العصبة من الخونة لهذه
الأمة وقضاياها المصيرية
بكثير من الخسائر في
الموارد والأرواح , بل وكانوا
السبب المباشر والرئيسي لتراجع
دورنا الحضاري والمدني أمام
بقية الأمم والشعوب اليوم ,
فخسرنا قضايانا العربية الكبرى
في فلسطين والعراق وبقية
الأقطار الإسلامية والعربية
المستعمرة او المحتلة عسكريا
وثقافيا بسبب أقلامهم وأفكارهم
المسمومة والمأجورة , أما القسم
الآخر من حملة الدكتوراه
والماجستير وبقية المسميات فلم
يزيدوا عن كونهم قد ساهموا في
زيادة العبء على كاهل دولهم
بسبب مصاريف تدريسهم وتدريبهم
الطويلة , فالوطن العربي يحوي
المئات من مخرجات التعليم من
الجامعات والكليات التي تفقس كل
عام ملايين الخريجين ( الذين
يساهمون في أزمة الغذاء العالمي
, وأزمة المسكن وزيادة نسبة
البطالة , وزيادة نسبة الحروب
الخاسرة مع إسرائيل , وزيادة
نسبة الحروب العربية – العربية
) 0
وبالطبع فإننا هنا لا يمكن
ان نعمم ذلك مطلقا , فالتعميم
هنا مدعاة لليأس والقنوط
والمغالطة للحق والحقيقة ,
فكما وجد أولئك العملاء والخونة
عبر العصور, وفي كل أمم العالم
القديم والحديث , فقد قيض الله
لهذه الأمة من الشرفاء الأوفياء
المخلصين لها الكثير , فساهموا
في بناء نهضتها وحضارتها , وقامت
على أكتافهم ولحومهم عزتها
ومجدها , وارتوت بدمائهم
الطاهرة الزكية شرايين رفعتها
وقوة أساساتها وقواعدها
وأركانها الحضارية , فمن
الشعراء من حول أبيات قصيدته
الى حديقة غناء بأروع وأنفس
الكلمات , ساعيا من خلالها
للترويج الى السلام لا
الاستسلام , والحب والتراحم
وغيرها من صفات الخير والصلاح ,
ومن الكتاب والأدباء العرب من
كانت كتاباته رصاص حي في وجه
الطغيان والظلم والفساد
والانحلال , وغيرهم من الأقلام
الحرة الشريفة المناضلة في
مختلف ميادين الفكر والثقافة
والأدب في وطننا العربي الغالي 0
فيا كتاب الأمة ومثقفيها ,
يا أصحاب الأقلام من الأدباء
والشعراء والعلماء وغيرهم ممن
يحسبون على مجتمع الفكر
الإسلامي والعربي , إنكم ملح
طعامها , فمن يصلح الطعام إذا
الملح فسد , فاتقوا الله في هذه
الأمة الكريمة , اتقوا الله في
قضاياها وجراحها وهموم أبناءها
وآلامهم , تريثوا قبل ان تبثوا
سمومكم الفكرية وكتاباتكم
الثقافية والأدبية المنحلة
الماجنة , او تنخروا في أساساتها
بأميع كلماتكم وأفسقها ,
وتذكروا – انه ما من كاتب إلا
سيفنى , ويبقي الدهر ما كتبت
يداه , فلا تكتب بكفك غير شي ,
يسرك في القيامة ان تراه 0
وجهوا أقلامكم لخدمة
قضاياها وجراحها في فلسطين
العربية المحتلة والعراق
العربي الجريح والسودان
والصومال وغيرها من بلاد العرب
والمسلمين , وجهوا كتاباتكم
للتصدي لأعدائها من الصهاينة
المجرمين ويهود
الإرهابيين المحتلين
لأجزاء غالية من تراب هذه الأمة
والوطن العربي الغالي , وجهوا
أقلامكم للوقوف في وجه مواكب
الانحلال والسفور والفساد
الأخلاقي , حاربوا باطل الظلم
والكراهية بحق العدل والمساواة
والحب والسلام, ونحن على يقين من
العاقبة والعاقبة للصابرين 0 ـــــــــــــــــ •
باحث في الشؤون السياسية
والعلاقات الدولية •
صحفي مستقل – سلطنة عمان
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |